الأحد، 17 يناير 2016

تتفيذ العقود الإلكترونية بالوسائل المستحدثة ,وتأثيره علي تحديد القانون الواجب التطبيق علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي.



بسم الله الرحمن الرحيم .
تنفيذ العقود الإلكترونية بالوسائل المستحدثة ,وتأثيره علي تحديد القانون الواجب التطبيق علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي.
الدكتور/  إبراهيم قسم السيد محمد طه .
المستشار القانوني . وزارة العدل , جمهورية السودان . أستاذ القانون المتعاون , بالجامعات السودانية.
مقدمة :
شهد عصرنا الحالي موجة دافقة من التطور الهائل في مجال اإتصالات مما سبب تغيراً هائلاً في كافة مجالات الحياة ., وكان من الطبيعي أن تتأثر الجوانب المتعلقة بالتجارة حيث إنتقلت التجارة من الجانب التنقليدي من حيث الممارسة إلي الجانب التقني أو الإلكتروني فظهرت التجارة الالكترونية , وتحولت عملية التعاقد بالتالي من تقليدية إلي تقنية فكانت العقود الإلكترونية والتي يحاول هذا البحث تعريفها وكيفية تنفيذها علماً بان البنوك تعد ذات دور هام في ذلك بما تقوم به من دور في قبول ما أصبح يعرف الان بالنقود والشيكات الإلكترونيه , بل ظهور بنوك بكاملها تعرف الان بالبنوك الإلكترونية . وقد قمنا بتقسيم البحث للفصول التالية
الفصل الأول : تعريف عقود التجارة الإلكترونية
 الفصل الثاني :خصائص عقود التجارة الإلكترونية
 الفصل الثالث :تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية الدولية
الفصل الأول
                               تعريف عقود التجارة الإلكترونية
     يعد العقد بصفة عامة (( وعد أو مجموعة وعود يمكن تنفيذها قانوناً و هو إتفاق ينشئ إلتزامات قانونية يرتبط بها أطراف العقد ، أو وعد أو مجموعة وعود يمنح القانون جزاءاً نتيجة للإخلال بها أو يعتبر تنفيذها واجباً )) (1) . وقد عرّف قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م العقد في المادة 33 (1) منه بأنه (إرتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه إلتزام كل منهما بما وجب عليه للآخر) .
        بصفة عامة لا تكون الإرادة الواحدة عقداً ، لذا يحتاج العقد إلى إجتماع إرادتين ، كما يجب أن تتجه الإرادتان إلى إنشاء إلزام يمكن إقتصاءه جبراً على المدين ، ويمكن أن تتطابق أكثر من إرادتين لإحداث الأثر القانوني (2)  .
أولاً : التعريف في التشريع :-
        عرفت المادة الثانية من التوجيه الأوربي الصادر في 20 مايو 1997م العقد الإلكتروني بأنه ( أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الإتصال الإلكترونية حتى إتمام العقد). (1) وعرّف قانون المعاملات الإلكترونية الأردني العقد الإلكتروني بأنه (الإتفاق الذي يتم إنعقاده بوسائل إلكترونية كلياً أو جزئياً).(2)
        لم يضع قانون اليونسترال النموذجي للتجارة الإلكترونية وهو القانون الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الجلسة رقم 85 بتاريخ 16 ديسمبر 1996م لم يضع تعريفاً للعقد الإلكتروني ، وكذلك لم يعرفه قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي ، والذي اكتفى بتعريف التجارة الإلكترونية والمبادلات الإلكترونية بأنها المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الإلكترونية ، وهو نفس النهج الذي اختطه التشريع الإمـاراتي ، وكذلك التشـريع البحريني (3) .
        هذا ولم يضع قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م تعريفاً محدداً للعقد الإلكتروني ، وإن كان قد نص في المادة 4 منه على صحة ونفاذ العقود الإلكترونية كالآتي:-
        ( تكون العلاقة الإلكترونية صحيحة ونافذة عند إرتباط الإيجاب بالقبول عبر رسالة البيانات التي يتبادل فيها المتعاقدان التعبير عن إرادتين متطابقتين على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه إلتزام كل منهما بما وجب عليه للآخر) . وبمقارنة نص المادة (4) بالمادة (33) (1) من قانون المعاملات المدنية السوداني ، نجد أنها حملت نفس المفهوم الذي عرفت به المادة (4) من قانون المعاملات الإلكترونية صحة التعاقد الإلكتروني ونفاذه ، والفرق بين المادتين في وسيلة إبرام العقد ، والذي يتم حسب نص المادة (4) المشار إليها بواسطة رسالة البيانات .
        في هذا الصدد عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م رسالة البيانات بأنها (المعلومات التي يتم إنتاجها أو إرسالها أو إستلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو بصرية أو وسائل تقنية أخرى بما في ذلك التصرفات الفردية أو العقود التي يتم إبرامها أو تنفيذها كلياً أو جزئياً عن طريق رسالة البيانات الإلكترونية) .
        كما عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية السوداني بأنها (العلاقات والتصرفات المالية والأحوال الشخصية وسائر المعاملات القانونية غير الجنائية ، بما في ذلك التصرفات الفردية أو العقود التي يتم إبرامها أو تنفيذها كلياً أو جزئياً عن طريق رسالة البيانات الإلكترونية) .
        ببحث ومدارسة هذه النصوص نستطيع القول بأن المشرع السوداني في قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لم يفرد تعريفاً خاصاً للعقد الإلكتروني كما فعل لكثير من المصطلحات والعبارات ، غير أنه يكون قد وضع تعريفاً غير مباشر للعقد الإلكتروني ، فقد شمل تعريفه بأنه أي تعامل أو عقد يتم بواسطة المراسلات الإلكترونية .
ثانياً : التعريف في الفقه :-
        إلى جانب القوانين التي وضعت تعريفاً للعقود الإلكترونية فقد إجتهد الفقه في وضع تعريف لها فقد ذهب البعض إلى أنه هو (العقد الذي يتم إنعقاده بوسيلة إلكترونية ، سواء كانت تلك الوسيلة كهربائية أو مغنطيسية أو أي وسيلة أخرى مماثلة) ، ورأي قال هو (إتفاق يبرم وينفذ كلياً أو جزئياً من خلال تقنية الإتصال عن بعد بدون حضور متزامن للمتعاقدين)، ورأي خلط بين تعريف التجارة الإلكترونية وتعريف العقد الإلكتر، فذكر أنها (عملية ترويج وتبادل السلع والخدمات بإستخدام وسائل الإتصال الحديثة ، وقال رأي آخر أنه( العقد الذي يتكون وينفذ بوسيلة نقل أو إتصال مثل التلفون أو النقل المرئي أو أي وسيلة تفاعلية عامة أو برنامج إلكتروني). (1)
        يرى الباحث أن التركيز في تعريف العقد الإلكتروني ينبغي أن يكون على وسيلة إبرامه وتنفيذه مع عدم تحديد الوسائل التي يبرم بها على سبيل الحصر والتحديد ، لأن الخوض في تبيين أركان العقد الإلكتروني من حيث أنه يتم بإيجاب وقبول ونحوه يعد تزيداً فيما نرى ، فالعقد الإلكتروني هو عقد عادي ومن مستلزمات العقد الإيجاب والقبول والتراضي ، أما تحديد وسائل إنعقاد العقد على سبيل الحصر فيمكن أن يدخل القانون الذي يحدد هذه الوسائل في جدل فقهي عند التطبيق لأن وسائل الإتصال الحديثة في تطور مستمر، ومن المتوقع نشوء وسائل إتصال أخرى تختلف عن تلك المحددة في التعريف ، لذلك من الأجدى الإشارة في التعريف إلى أن العقد الإلكتروني هو( عقد يتكون وينفذ عن طريق أياً من وسائل الإتصال عن بعد) .
        يرى الباحث أيضاً أن نهج المشرع السوداني في عدم وضع تعريف للعقد الإلكتروني هو نهج أفضل ويتماشى مع نهج قانون اليونسترال النموذجي والذي وضع لتهتدي به التشريعات في مجال التجارة الإلكترونية ، إذ أن تفادي التعريف المحدد والإشارة في ثنايا القانون إلى أنه عقد يشمل كافة التعاملات غير الجنائية ، وأنه تعامل يتم بواسطة المراسلات الإلكترونية يضع حداً للكثير من الجدل عند التطبيق.
        غير أنه من الملاحظ أن قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م ، وكذلك قانون اليونسترال النموذجي لم يتطرقا لمسألة القانون الواجب التطبيق على منازعات العقود الإلكترونية ، هذا بالطبع في مجال العقود التي تصطبغ بصبغة الدولية ، أي العقود التي تحتوي على عنصر أجنبي مؤثر والتي تخضع بالتالي لتنازع القوانين وفقاً لهذه الصفة ، مما يجعل الباب مفتوحاً للإجتهاد الفقهي حول هذه المسألة بحسبان أن العقد الإلكتروني يثير العديد من الأسئلة حول إمكانية تطبيق قواعد الإسناد التقليدية في مجال قانون العلاقات الخاصة الدولية على منازعاته ، فالوسائل الجديدة للإتصال والمستخدمة في إبرامه تجعل من الصعوبة الركون إلى هذه القواعد التقليدية والتي سادت في وقت لم يكن التعاقد يتم فيه عن طريقها .

                                        الفصل الثاني
خصائص عقود التجارة الإلكترونية
        أولاً:- عقود التجارة الإلكترونية من العقود المبرمة والمنفذة عن بعد :-
        عقود التجارة الإلكترونية تمتاز بسمة أن إنعقادها يتم دون التواجد المادي لأطرافها عبر وسيط إلكتروني أي أنه يتم بين عاقدين لا يجمعهما مجلس عقد حقيقي (1) . ومجلس العقد هو جلوس أطراف العقد في الإجتماع الذي يبرم فيه العقد ، وهذا المجلس قد يكون حضوراً حكمياً كالتعاقد عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الفاكس أو غيرها من وسائل الإتصال(2)
ثانياً : عقود التجارة الإلكترونية تتم عبر وسائل الإتصال الإلكترونية :-
        السمة الأساسية لعقود التجارة الإلكترونية أنها تتم عبر الوسائط الإلكترونية ، ولما كان مفهوم وسائل الإتصال الحديثة التي يتم بها التعاقد الإلكتروني هو مفهوم واسع لا ينبغي حصره في شبكات الإنترنت فقط ، نجد أن العديد من القوانين المنظمة لقوانين التجارة الإلكترونية استخدمت لفظ الوسائط الإلكترونية دون تحديد . ومجال التعامل عبر هذه الوسائط يتيح التعامل بين الأشخاص عن طريق إستخدام البرامج الخاصة بها بواسطة الدخول إلى مواقع الإنترنت المختلفة للتعاقد (3) .
        وسائل الإتصال التي يتم بها التعاقد الإلكتروني متعددة فيمكن أن يتم عن طريق جهاز (المينتل) (Minetil) وهو جهاز قريب الشبه بجهاز الكومبيوتر لكنه أصغر نسبياً ، وهو جهاز لنقل الكتابة دون صور ، كما يمكن أن يتم عبر التلكس والفاكس ، وكذلك التلفون العادي ويكون التعاقد عن طريقه فوري
ثالثاً : دولية العقد الإلكتروني :-
        العقد الإلكتروني يمكن أن يتم بين أطراف من نفس الدولة ، وفي هذه الحالة يأخذ حكم العقد الداخلي ، إلا أنه يتم في الغالب بين أشخاص يتواجدون وينتمون إلى دولة مختلفة عبر شبكة المعلومات الدولية
(الإنترنت)، ويكون أطراف العملية التعاقدية كذلك ، فالمستخدم يقيم في دولة ، ومورد أو مقدم خدمة الإشتراك في الشبكة من دولة ثانية ، وشركة تكنولوجيا معالجة البيانات وإدخالها وتحميلها عبر الشبكة من دولة ثالثة ، فضلاً على أن تلك العقود لا تتصل فقط بأكثر من دولة ، بل يستتبع ذلك إنتقال القيم والثروات عبر الحدود فيما بين الدول، أي تتصل بمصالح التجارة الدولية . (1)
رابعاً : عقود التجارة الإلكترونية تختلف في وسائل الوفاء والإثبات :-
        لما كانت عقود التجارة الإلكترونية تختلف في وسيلة إبرامها عن العقود العادية ، كان من الطبيعي أن تكون لها طبيعتها الخاصة أيضاً في وسائل الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنها ، فضلاً عن إختلاف وسائل الإثبات بشأن نزاعاتها .
        من جهة الوفاء ظهرت وسائل للدفع الإلكتروني لتحل محل النقود الورقية التي يتم بها الوفاء في العقود العادية ، مثل النقود البلاستيكية (Electronic Cash) وهي بطاقات مدفوعة سلفاً تخزن فيها القيمة السالبة وتستخدم للدفع عبر الإنترنت وغيرها من الشبكات  فضلاً عن النقود الإلكترونية البرمجية وهي بطاقة ذكية يمكن تثبيتها على جهاز الكومبيوتر الشخصي ، أو إدخال قرص فيه ينقل القيمة المالية منه وإليه عبر الإنترنت ، كما ظهرت الصكوك الإلكترونية كبديل للشيكات العادية (1)
الفصل الثالث
تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية الدولية
   مرحلة تنفيذ العقد تأتي بعد مرحلة إبرامه والإتفاق على كافة جوانبه ، فيتم في هذه المرحلة قيام كل طرف بما تفرضه عليه إلتزاماته ، فإذا كان العقد عقد بيع على سبيل المثال فالتزامات البائع تتمثل في تنفيذ إلتزاماته المتعلقة بتسليم المبيع المتفق على أوصافه وبالطريقة المتفق على تسليمها ، وما إذا كانت هنالك إلتزامات متعلقة بخدمة ما بعد البيع  وإلتزامات المشتري تتمثل في سداد ثمن البيع وفقاً لما تم تحديده في الإتفاق .
        أما مسألة الإثبات فتتعلق بمبادئ الإثبات وعبئه على أي من الطرفين ووسائله المتعلقة بالكتابة والخبرة وغيرها من قواعد الإثبات.
        هذه المسائل المتعلقة بتنفيذ الإلتزامات ، وإثبات الوقائع المتعلقة بها منظمة بطرق محددة وضعتها التشريعات في مجال القانون المدني وقوانين الإثبات لتطبق على الإلتزامات التعاقدية التقليدية . غير أن الأمر يختلف إلى حد ما في مسألة تنفيذ وإثبات العقود الإلكترونية ، والتي يتم تنفيذها أحياناً بذات الطريقة التي يتم بها التعاقد أي عبر الوسائط الإلكترونية ، وفي مجال الإثبات تظهر وسائل جديدة تفرضها طبيعة العقود الإلكترونية مثل المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ، وهي وسائل غير معروفة في التعاقد التقليدي .
        هذه المسائل لا تنفك عن الصراع بين قواعد الإسناد التقليدية وبين المستجدات التقنية في مجال التعاقد ، مما يجعل ضرورة البحث فيها لتحديد مدى صلاحيتها في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية .
أولا ً:تنفيذ العقود الالكترونية
          أهم ما يميز تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية هو أن محل بعض العقود يعتبر أشياء غير مادية ، ويتم تسليمها عبر الوسائط الإلكترونية ، وكذلك وسيلة الوفاء المتمثلة في النقود الإلكترونية ، وهذه بلا شك إختلافات تميز عقود التجارة الإلكترونية عن العقود العادية والتي يعد عادة محل التعاقد فيها أشياء مادية يتم تسليمها بالطرق العادية التقليدية ، كما يتم الوفاء بثمنها عادة عن طريق النقود التقليدية .
        إن وجوب تنفيذ الإلتزامات التعاقدية يقع إذا ما تم إنعقاد العقد صحيحاً ، فالقوة الملزمة للعقد تقتضي قيام كل طرف فيه بتنفيذ ما يقع على عاتقه من إلتزامات بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية ، فإذا لم يقم المدين بالتنفيذ الإختياري أمكن جبره متى ما كان ممكناً ، وهذا هو التنفيذ العيني الجبري . وإذا لم يتم التنفيذ ، كان للدائن حق المطالبة بالتعويض عند عدم التنفيذ .(1)
ثانياً:- طبيعة الإلتزام المتعلق بتنفيذ العقد الإلكتروني:-
        هنالك نوعان من الإلتزام : إلتزام بتحقيق غاية أو نتيجة ، وإلتزام ببذل عناية أو بوسيلة، وبالنظر إلى طبيعة الإلتزامات في المعاملات الإلكترونية نجد أن أغلبها إلتزام بتحقيق نتيجة ، حيث يتعين على المدين الوصول إلى غاية معينة هي محل الإلتزام ، ذلك لأنه باستعراض المعاملات الإلكترونية نجد أن محلها يتسم كقاعدة عامة  إما بتسليم شيء أو بتقديم خدمة ، ولا شك أن الإلتزام بتسليم منتج أو سلعة هو إلتزام بتحقيق نتيجة ، مثل خدمات القنوات الفضائية والتلفون النقال وشبكة الإنترنت. (1)
        لم تنظم قوانين التجارة الإلكترونية في معظمها كيفية تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية وإن كانت معظم هذه القوانين تحدثت عن الوفاء الإلكتروني ، واعتمدت الأموال القابلة للتداول إلكترونياً. (2)
        بما أن الأمر كذلك فإنه يتعين الرجوع للقواعد العامة المتعلقة بتنفيذ العقود غير أن الأمر في رأي الباحث يثير بعض النقاط القانونية التي يجب الوقوقف عندها. إذ أن محل بعض عقود التجارة الإلكترونية قد يكون شيئاً غير مادي مثل برامج الحاسوب المقطوعات الموسيقية والأفلام وغيرها، والتي يمكن الإتفاق على تداولها واستلامها عبر شبكة الإنترنت وغيرها من الوسائط، وبما أن محل تنفيذ العقد أحياناً يحدد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق على المنازعات ، فنرى أن تحديد كيفية التنفيذ في مثل ذلك يتطلب أولاً الإتفاق على تحديد ما إذا كانت تعتبر مثل هذه الأشياء أموالاً أم خدمات ، ومن ثم تحديد مكان تسليمها حتى لا تثور مشكلة بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة.
ثالتاً :- وسائل الوفاء الإلكتروني :-
        فرضت طريقة التعاقد الإلكتروني – بإتمامها عن طريق وسائل الإتصال الحديثة – أن تكون وسائل الوفاء التي يتم بها تنفيذ الإلتزام التعاقدي في مجال التجارة الإلكترونية ، وسائل مواكبة لهذا التطور تختلف في نوعها وطريقة الوفاء عن الوسائل التقليدية ، المتمثلة في النقود العادية . فظهرت النقود الإلكترونية ، ونتعرض فيما يلي لتعريف ماهيتها ومن ثم نتعرض للمشكلات القانونية التي يمكن أن تنتج عنها :-
أ/ ماهية النقود الإلكترونية :-
        النقود عموماً كوسيلة للتبادل ، تعد الأداة التي يمكن للإنسان بها الحصول على ما يحتاج إليه ، فالشخص إذا أراد شراء شيء ما فإنه يشتريه بواسطة النقود ، وإذا أراد بيعها كذلك ، فكأن النقود تقوم بدور الوسيط لإستبدال السلع والخدمات ، كما أنها مقياس لتقييمها.(1)
        فكرة النقود الإلكترونية ، أو النقد الرقمي تقوم على ذات الفكرة التي أُستخدمت لها النقود الورقية أو المعدنية ، (2) وهنالك عدة تعريفات للنقود الإلكترونية فقد عرفها البعض بأنها (دفع أو تحويل الودائع المدخلة والمعالجة إلكترونياً ضمن أنظمة البنوك الإلكترونية). أو هي عبارة عن ( قيمة نقدية بعملة محددة ، تصدر في صورة بيانات إلكترونية مخزنة على كارت ذكي أو قرص صلب ، بحيث يستطيع صاحبها نقل ملكيتها إلى من يشاء دون تدخل شخص ثالث)(1) .
        يرى الباحث أن مسألة تحديد الوسائط الإلكترونية التي تتم عبرها كافة التعاملات سواء في مجال التعاقد أو التنفيذ ، أمر غير مستحب فالوسائط الإلكترونية في تطور مستمر ، لذلك نرى من الأفضل أن تترك المسألة على عمومها دون تحديد. فالملاحظ علي التعريف الأخير أنه حدد أن تكون النقود الإلكترونية مخزنة على وسيلتين فقط هما القرص الصلب والبطاقات الذكية ، لذا نرى من الأفضل أن تضاف لهذا التعريف عبارة (أي وسيلة إلكترونية آمنة أخرى) وكذلك عبارة                        (أن تكون قابلة للوفاء بالإلتزامات).
ب/ آلية التعامل بالنقود الإلكترونية :-
        عند حاجة المستهلك للنقود الإلكترونية في تعاملاته عبر شبكة الإنترنت فإنه يقوم بشراء عملات النقد الرقمي من البنك الذي يقوم بإصدارها ، ويتم تحميلها على الحساب الخاص بالعميل (المستهلك) وتكون في صورة عملات صغيرة القيمة ، مميزة بعلامة برقم أو علامة خاصة من البنك المصدر لها ، ولا بد للمشتري لإستخدام وحدات النقد الإلكتروني، من الحصول على برنامج خاص من إحدى الشركات العاملة في هذا النشاط (2) .
        كما يمكن للمستهلكين صرف نقودهم الإلكترونية في مواقع التجارة الإلكترونية التي تقبل النقد الإلكتروني كوسيلة للسداد وذلك بإرساله عبر الكومبيوتر للبائع ، والذي يقوم بإرسال محل التعاقد ، سواء كانت سلعة أو خدمة للمشتري بعد إستلامه النقد ، ومن ثم يقدم النقد الإلكتروني للبنك مصدر الإيداع ، الذي يقيده في حسابه ناقصاً مقابل للخدمة(3).
جـ/ أنواع النقود الإلكترونية :-
 1- البطاقات الذكية :- 
البطاقات الذكية هي عبارة عن بطاقة تحوي معالج دقيق يسمح بتخزين الأموال من خلال البرمجة الأمنية ، وعند استخدامها يتم إنقاص قيمة الشراء أوتوماتيكياً من بطاقة المشتري  وتودع القيمة في أجهزة إلكترونية طرفية للبائع والذي يحيلها للبنك الخاص به عن طريق الوصلات التلفونية لإدخالها في حسابه.(1)
2- الشيكات الإلكترونية :-
        هي عبارة عن رسالة تحتوي على جميع البيانات الموجودة بالشيك الورقي ، يقوم المشتري بإثباتها عند تحرير شيك إلكتروني للبائع ، ومن  ثم إرساله إلكترونياً عبر أي وسيلة إتصال ، مثل الفاكس أو البريد الإلكتروني ويحمل الشيك توقيع إلكتروني للمشتري  ويعتمد إستخدام الشيك الإلكتروني كوسيلة للدفع على وجود وسيط يقوم بإجراء عملية المقاصة وغالباً ما يكون أحد البنوك ، وبموجب هذه الوسيلة يقوم المشتري بفتح حساب جاري لدى البنك يحدد فيه توقيعه الإلكتروني ، ويشترط أن يكون للبائع حساب آخر جاري لدى ذات البنك ، يحمل كذلك توقيعه الإلكتروني ، وتتم بالتالي عملية الخصم من حساب المشتري وإضافته لرصيد البائع. (2)
        يجدر بالذكر أن هنالك وسائل دفع إلكترونية أخرى ، يتم بها الوفاء الإلكتروني ، مثل الهاتف المصرفي وهو نوع متطور من الخدمات المصرفية يستطيع العميل من خلاله بواسطة رقم سري خاص سحب مبالغ من حسابه وتحويله لسداد الكمبيالات والفواتير المطلوبة ، وخدمة الإنترنت المصرفي ، فقد أتاح انتشار إستخدامات الإنترنت للبنوك التعامل مع العملاء من خلال خدمات الصرف المنزلي ، حين يتم إنشاء مقار لها على الإنترنت بدلاً من المقر العقاري ، بحيث تتم محاورة موظف البنك من قبل العميل على شاشة الكومبيوتر ، لإتمام كافة العمليات المصرفية. (3)
د/ المشكلات القانونية لوسائل الوفاء الإلكترونية :-
وسائل الوفاء الإلكترونية باعتبارها وسيلة جديدة ظهرت كناتج للتطور التقني الذي أفرز التجارة الإلكترونية وتعاقداتها، تواجه بمشكلات قانونية نذكر منها ما يلي :-
1- مدى كفاية النقود الإلكترونية للوفاء بالإلتزامات :-
        يري البعض أن الغرض من النقود بصفة عامة هو الوفاء بالإلتزامات ، فالنقود الإلكترونية هي مرحلة جديدة من مراحل التعامل الإنساني المالي ، وما دامت العملة في الأصل رمزاً لقيمة محددة ، فإن القانون هو الفيصل في تحديدها بالشكل الذي يستوفي متطلبات الوفاء . لكن التعامل بالنقد الإلكتروني يحتاج إلى تهيئة تنظيم قانوني للمصارف التي تتعامل به، وإعتراف قانوني ، حتى يمكن عدها نقوداً بالمعنى القانوني ، وهذا الإعتراف يجب أن يأتي في إطار تنظيم قانوني دولي ، إستناداً على الطبيعة الدولية لهذه النقود ذاتها ، والتي لا يمكن السيطرة عليها في إطار الحدود الجغرافية لدولة معينة. (1)
        عملية الوفاء بطريق بطاقات الدفع الإلكتروني هي عملية دولية متعددة الأطراف ، وهو أمر قد يغري البعض من محترفي النصب والتزوير بالدخول إليها وإساءة إستخدامها  سواء من حامل بطاقات الوفاء نفسه بحصوله على البطاقة بتقديم بيانات مزورة ، أو استخدامها بعد إنتهاء مدتها ، أو من قبل التاجر أو موظفي البنوك أنفسهم. (2) وذلك مثل خلق أرقام البطاقات، وخلق مواقع وهمية لإستقبال المعاملات المالية الخاصة بالموقع الحقيقي.
2- مخاطر البنوك الإلكترونية :-
        تتمثل المخاطر التي تنشأ من عمل البنوك الإلكترونية في أن تلك العلاقة ما هي إلا بيانات إلكترونية يتم تبادلها بين العميل والبنك ، دون وجود مجال للتحقق من صدقها ومن شخصية العميل ، وقد يترتب على ذلك موافقة البنك على إقراض العميل مبالغ كبيرة على أساس صحة البيانات ، مما قد يترتب عليه تعرض البنك لعمليات نصب منظمة. هذا فضلاً عن أن مخاطر التشغيل غير المؤمنة بصورة كافية بالبنوك الإلكترونية تجعلها عرضة للإختراق من قبل قراصنة الكومبيوتر ، الشيء الذي يعرض هذه البنوك لخسائر فادحة. وكما سبق القول فالنقود الإلكترونيه مصدرها هذه البنوك.
        يرى الباحث أن عملية الوفاء الإلكتروني ذات إرتباط بمسالة القانون الواجب التطبيق ، علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي  وهي في هذا الجانب تثير مسائل قانونية متعلقة بالإلتزامات التعاقدية وغير التعاقدية معاً في مجال قانون العلاقات الخاصة الدولية. وهو القانون الذي يحكم منازعات العقود الدولية عموماً وفي نظريته التقليدية الموضوعة أساساً  للعقود الدولية التقليدية نجد ان القانون الواجب التطبيق هو إما قانون إرادة المتعاقدين أي القانون الذي يتفق المتعاقدان علي تطبيقه في حالة النزاع , أو القانون الذي تحدده المحكمة وفقا لبعض المعطيات والملابسات التي صاحبت إبرام العقد وذلك يكون في حالة عدم وجود إتفاق واضح علي القانون الواجب التطبيق , حيث تلجأ المحكمة لإستنباط الإرادة الباطنة للمتعاقدين بالنظر مثلا إلي العملة التي إتفق الطرفان علي تنفيذ العقد بها أو مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه , غير أن هذه النظريه تواجه صعوبه في تطبيقها علي منازعات العقد الإكتروني الدولي .
من جانب اخر فأن هناك موضوع القانون الواجب التطبيق علي المنازعات غير العقدية أي المسئولية التقصيرية حيث تتفق معظم القوانين علي تطبيق محل وقوع الفعل الضار كضابط لتحديد القانون الواجب التطبيق علي مثل هذه المنازعات .وكلا الموضوعين يواجه إشكالات في التطبيق عندما يتعلق الامر بالجانب التقني .
        فمن ناحية الإلتزامات التعاقدية نجد أن تحديد القانون الواجب التطبيق عند سكوت الأطراف عن الإختيار للقانون يتم عن طريق النظر من قبل المحكمة إلى ما اتجهت إليه إرادة الأطراف ، مثل مكان التسليم أو العملة التي يجب الوفاء بها كما سلف ، ورأينا في طرق الوفاء أنها أصبحت عبارة عن نقود إلكترونية لا يمكن إعتبارها عملة تتبع لدولة محددة محددة ، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها كضابط لإسناد القانون لدولة معينة . هذا فضلاً عن أن الوفاء من قبل طرف الإلتزام المعني قد يتم بواسطة أجهزة الإتصال ذاتها دون الحوجة لتسليم مادي للشيء محل الوفاء ، سواء كان خدمة أو سلعة ، مما يصعب معه الركون إلى مكان التسليمكضابط لتحديد القانون الواجب التطبيق.
        أما في مجال الإلتزامات غير التعاقدية ، أي مجال المسئولية التقصيرية ، فقد رأينا أن وسائل الوفاء الإلكترونية ، قد تكون عرضة لإساءة الإستعمال أو الإختراق مما يترتب عليه الضرر سواء للعملاء أو البنوك ، وبما أن مثل هذه الأفعال تتم في الفضاء الإلكتروني  فيصعب تحديد محل وقوع الفعل الضار .
        أضف لذلك فإن عدم إعتراف بعض القوانين بوسائل الوفاء الإلكتروني يجعل مسألة تطبيق قانون بعينه على المحك ، مما يتطلب معالجة تشريعية لذلك لمواكبة هذا التطور.
        هذا ويجدر بالذكر أن قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م قنن وسائل الوفاء الإلكتروني بالنصوص الآتية :-
        في المادة (2) نص على تعريف وسيلة الدفع الإلكتروني بالآتي :-
(وسيلة الدفع الإلكتروني يقصد بها الوسيلة التي تمكن صاحبها من القيام بعمليات الدفع المباشر، كلياً أو جزئياً عن بعد عبر الشبكات ، وتشمل تلك الوسائل الشيك الإلكتروني ، وصورة الشيك أو بطاقات الدفع وغيرها من الوسائل).
        كما عرف في ذات المادة الصك الإلكتروني بأنه يقصد به ورقة مالية أو تجارية قابلة للتداول إلكترونياً.
        يتضح مما سبق أن تنفيذ العقود الإلكترونية يختلف في طريقة تنفيذه وكذلك في وسائل الوفاء بالإلتزامات الناتجة عنها، ونشير هنا إلى أن بالإمكان الإتفاق في هاتين الصفتين بين العقود الإلكترونية الداخلية والعقود الإلكترونية الدولية، غير أن هذه الأخيرة هي التي يمكن أن تكون ذات أثر بهذه الطريقة المختلفة على العقود الإلكترونية الداخلية في الوفاء والتنفيذ  في مسألة تأثيرها على تحديد القانون الواجب التطبيق، لأن وسائل الوفاء في العقود الدولية مثلاً قد تؤخذ كمعيار لتحديد القانون الواجب التطبيق عند سكوت إرادة الأطراف عن تحديده، ولا شك في أن وسائل الوفاء الجديدة مثل النقود البلاستيكية قد لا تكون مؤشراً لكونها عملة لدولة بعينها، حتى يمكن إعتبار هذه الدولة هي الدولة التي قصد أطراف العقد تطبيق قانونها.
                                      تم بحمد الله وتوفيقه.....


(1) د. عبد الله إدريس ود. أبو مدين الطيب، قانون العقود السوداني دراسة مقارنة ، الجزء الأول، دار جامعة أفريقيا العالمية ، بدون سنة طبع ،ص 13
(2) محاضرات في أحكام العقد ، مرجع سابق ، ص 3
3) د. صابر عبد العزيز سلامه ، العقد الإلكتروني ، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية،  ص 57 .


(1) نقلاً عن  د. طاهر شوقي مؤمن ، عقد البيع الإلكتروني ، بحث في التجارة الإلكترونية، دار النهضة العربية، 2006م ، ص35 .
(1)د. خالد ممدوح ، إبرام العقد الإلكتروني ، دار الفكر الجامعي ، الطبعة الأولى ، 2006 ، ص 3
(2) د. أسامة محمد عثمان خليل، محاضرات في أحكام العقد، بدون ناشر، ص15 .
(3) توفيق حسن توفيق ،  معاملات التجارة الإلكترونية في القانون السوداني ، دار أبو سليم للنشر ، 2007م ، ص 14 وما بعدها
(2) د. محمد حسن منصور ، المسئولية الإلكترونية ، مرجع سابق ، 2007م ، ص 19
(3) د. طاهرشوقي مؤمن، مرجع سابق، ص24 ،25.
(4) منير محمد الجنبيهي وممدوح محمد الجنبيهي ، البنوك الإلكترونية ، دار الفكر الجامعي ، 2006م ، ص 47

(1)  تنص المادة 127 من قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م على الآتي :- ينقضي العقد متى ما تم الوفاء به وفقاً لشروطه .
(2)  د. محمد حسين منصور ، المسئولية الإلكترونية ، مرجع سابق ، ص 71 ، 72

(1) د. زكي زكي حسين زيدان ، تغير القيمة الشرائية للنقود وأثرها على الحقوق والإلتزامات في الفقه الإسلامي والإقتصاد الوضعي ، دار الفكر الجامعي، 2004م ، ص 15 وما بعدها .
(2) محمد حسن رفاعي العطار ، البيع عبر شبكة الإنترنت . دراسة مقارنة في ضوء قانون التوقيع الإلكتروني رقم (15) لسنة 2004 ، دار الجامعة الجديدة ، 2007م ، ص 149 ، 150
1)  نسرين عبد الله،  الجانب الإلكتروني للقانون التجاري ، مرجع سابق ، ص 11
(2)  محمد حسن رفاعي العقاد، مرجع سابق ، ص 150
(3) د. طارق عبدالعال ، التجارة الإلكترونية ، المفاهيم والتجارب ، مرجع سابق ، ص 113
(1) د. محمد البنان ،العقود الإلكترونية ، ورقة عمل مقدمة في ندوة عقود التجارة الإلكترونية ومنازعاتها المنعقدة بجمهورية مصر العربية ، أبريل 2006م ، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية .
(2). طاهر شوقي ، عقد البيع الإلكتروني ، مرجع سابق ، ص 97 ، 98
(3) د. محمد حسين منصور، المسئولية الإلكترونية
1) نسرين عبد الله، الجانب الإلكتروني للقانون التجاري ، مرجع سابق ، ص 19 ، 20
(2)د. عبد الفتاح بيومي حجازي، التجارة الإلكترونية وحمايتها القانونية، دار الفكر الجامعي، 2004م، ص123 ومابعدها 

السبت، 13 يونيو 2015

دور القوانين المنظمة للتخطيط و تملك الاراضي وتنظيم البناء في ضبط التنمية العمرانية في السودان .









الباب الأول
التنمية العمرانية والتخطيط العمراني . المفاهيم والمشكلات







الفصل الأول
مفهوم التنمية وأنواعها:
دل مصطلح التنمية لغة على الزيادة والنماء والكثرة والوفرة والمضاعفة والإكثار. بينما يختلف مفهوم التنمية الاصطلاحي من مجال إلى آخر، فيتخذ دلالة اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو بيولوجية أو نفسية. ومن هنا، أصبح مفهوم التنمية مفهوما معقدا ومتشابكا يصعب تعريفه وتحديده بدقة
والتنمية هي عبارة عن وضع السبل كافة في توظيف تنمية الواقع الافتراضي, وتطوير الفرضيات التي تفي بضروريات الحاضر, دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها, بما يرتبط باستراتيجيات التنمية المستدامة.
هذا، وقد ارتبط مصطلح التنمية في البداية بالتقدم والتخطيط والإنتاج، ليصبح فيما بعد ذا أبعاد مادية ومعنوية. ولكن التنمية بالمفهوم العام هي تحسين ظروف المواطنين وتغيير مستوى معيشتهم عن طريق تحسين دخلهم الفردي والرفع من شروط الرعاية الصحية وتقديم أحسن منتوج في مجال التربية والتعليم والتثقيف عبر تكثيف برامج العمل ذات الطابع البشري والإنساني والأهلي، وإعداد مشاريع تنموية واستثمارات من أجل خدمة هؤلاء المواطنين والأجيال اللاحقة ضمن ما يسمى بالتنمية المستدامة أو الطويلة الأمد.
وترتبط التنمية أيضا بالتحديث والتغيير والعصرنة وتحقيق مؤشرات النمو الاقتصادي والرفع من الإنتاجية وتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي والاعتماد على العقلانية والتصنيع من أجل اللحاق بالدول المتقدمة والدخول في سراديب العولمة التي لا تؤمن سوى بالمنافسة والعمل المتواصل واحتكار الأسواق.
وعليه، تدور التنمية البشرية حول تطوير: "المقدرة البشرية بسياسات وبرامج اقتصادية واجتماعية ودولية تعزز قدرة الإنسان على تحقيق ذاته. ويرتبط مفهوم التنمية في هذا السياق بتنمية الإنسان من حيث هو هدف ووسيلة، أو بتنمية قدرات الإنسان على سد حاجاته المادية والمعنوية والاجتماعية. وإذ تتركز إستراتيجيات تحقيق التنمية البشرية على إحداث تغييرات في البيئة القانونية والمؤسسية التي يعيش في كنفها البشر، يبقى الأساس في ذلك دائما توسيع خيارات الإنسان وبذلك يتسع فضاء حريته، وهو ما يتضمن البعد الاقتصادي للتنمية دون أن يقتصر عليها.
التنمية الحضرية
قامت هيئة الأمم المتحدة بدور فعال في نشر فكرة التنمية الحضرية على المستوى الدولي حيث بدا هذا منذ عام 1951م حينما عملت على دراسة المراكز الاجتماعية وتلك العلاقة بين المجتمع المحلي والمجتمع القومي ولقد كان الاهتمام منصبا على المجتمعات الريفية حيث كان ينظر لها على أنها عملية تركز على تعاون السكان مع الجهود الحكومية بهدف التنسيق بين الخدمات الزراعية والصحية ولكن تقرير الحالة الاجتماعية لسكان العالم عام 1957م أكد على ضرورة الاهتمام بالمجتمعات الحضرية وبالتالي وجه الاهتمام إلي المجتمعات الحضرية من جانب الأمم المتحدة وجاء في أحدى نشرات مكتب المستعمرات البريطانية عام 1958 م إمكانية استخدام تنمية المجتمع في المجتمعات الحضرية نظرا للاهتمام المتزايد بنمو المدن في الدول النامية وطبيعة التغير الموجه الذي بدا يعتري المدينة من حيث ازدياد الكثافة السكانية والاشتغال بأعمال غير زراعية وكذلك تجديد وإقامة المباني والتغير الموجه نحو استخدام الأرض شكلت في مجموعها سلسلة من التغيرات البنائية والوظيفية التي تصيب كافة مكونات البناء الاجتماعي للمجتمع الحضري وفي تزويد الحضر بعدد من المشروعات الاقتصادية والتكنولوجية والخدمات الاجتماعية وذلك مثل التعليم والصحة والمواصلات وذلك بهدف الارتقاء بالمستوى الحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي وإدماج الحضري المتخلف في الحياة القومية بما تمكنه من المساهمة بقدر المستطاع في التنمية الحضرية .

مفهوم التنمية الحضرية:

هناك عدة تعاريف منها:
- هي عملية تغيير التركيب الاجتماعي التي تتم عن طريق انتقال أهل الريف والبادية إلى المدينة.مما يشمل تغيير نواحي  عديدة كالنسيج العمراني والمباني والجوانب الاجتماعية.
- هي عملية تطوير المجتمعات الريفية إلي مجتمعات حضرية.
- كما تشير كذلك إلي نشأة المجتمعات الحضرية ونموها,
 و تحقيق تنمية اجتماعية لمختلف فئات المجتمع مما يضمن تحقيق النمو الاقتصادي والتوزيع العادل للموارد والمحافظة على البيئة وحمايتها واحترام التنوع الثقافي للمجتمع, مما يضمن تلبية متطلبات الأجيال الحالية دون المساومة على تلبية إحتياجات الأجيال القادمة.
و هناك من  يصفها على أنها الرؤية المستقبلية لتطوير العمران وتطوير المواصلات ومواجهة التحديات الاقتصادية والسكانية  والبيئية التي تحتاج للتنمية المستدامة.
كما نذكر أساسا التنمية العمرانية و التي هي شق أساسي من التنمية الحضرية التي يقصد بها تنمية المناطق غير الريفية وتشمل التنمية العمرانية (الاسكان والبيئة الأساسية والاجتماعية و توفير المرافق والخدمات و فرص العمل) ولا يمكننا دراسة مشكلات التنمية العمرانية بدون أخذ الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للسكان.

مؤشرات التنمية الحضرية:

-        و هي المتغيرات التي تعتري المدينة و تتمثل في :
-        التغييرات على مستوى المساكن و بنا ء العمارات الشاهقة و إنشاء الشوارع و الأحياء و غرس الأشجار.
-        زيادة كثافة السكان بما يتعدى 2000 نسمة في الكيلو متر مربع , وكبر حجم المدينة بما يزداد عن 10000 نسمة.
-        اشتغال الأفراد في الإنتاج و توزيعه.
-        سيادة المهن التجارية و الصناعية و الخدمات
-        ظهور درجة عالية من تقسيم العمل و التعقد الاجتماعي.

عوامل التنمية الحضرية:
1
- الإنسان والجماعات . 
2
- البيئة و الطبيعة. 
3
- البيئة التي صنعها الإنسان.  
4
- النشاطات.

هدف التنمية الحضرية:

-        رفع وتنسيق مستوى معيشة الناس اقتصاديا واجتماعيا.
-        صنع بيئة جديدة لمجموعة من الناس لكي يمارسو فيها نشاطاتهم.
-        اتساع حركة التصنيع و الإنتاج.
-        محاولة تحقيق التنمية في كافة القطاعات والجوانب الاجتماعية الاقتصادية والصحية.
-        إحداث تغييرات على مستوى البيئة التي يعيش بها الناس.
-        دفع الأفراد لكسب قدرات و قيم تساعدهم على مواجهة ما يصادفهم من مشاكل حتى يكون باستطاعتهم إحداث التغيير

متطلبات التنمية الحضرية:

-        الاعتماد على متغيرات السكان والبيئة والتكنولوجيا والتنظيم.
-         الاعتماد على الإنسان باعتباره العنصر الفعال في التطوير المجتمع.
-        المجتمعات الريفية باعتبارها الجزء الأهم في عملية التحضر.
-        والتغير الجوهري في استخدام الأرض.

مشاكل التنمية الحضرية:

وهكذا فأن التنمية الحضرية هي تنمية واسعة تتناول كافة القطاعات والجوانب الاجتماعية الاقتصادية والصحية.
-        مشكلة التضاعف السكاني المستمر الذي يِؤثر بشكل مباشر في عملية التنمية الحضرية.
-        الكوارث الطبيعية أو التي يتسبب فيها الإنسان كالحروب.
-        عدم التخطيط المسبق للمشاريع التنموية التي يصير معظمها غير ناجع في المستقبل.
-        التغيرات البنائية والوظيفية التي تصيب كافة مكونات البناء الاجتماعي للمجتمع الحضري.
-        اختناق حركة السير وزيادة الحاجة لشق طرقات جديدة.
-        سوء تقسيم واستخدام الأرض.
-         العراقيل الجغرافية كالتضاريس و المناخ.
-        نقص الكفاءة و الخبرة في مجال التنمية.
الحلول المقترحة:
         اعتماد الاختراعات و الكفاءة المتزايدة في تكنولوجيا النقل والموصلات والمعرفة الكاملة بوسائل الإمداد بالمياه والهواء والأرض والمصادر الطبيعية التي تحتاج إليها التنمية الحضرية.
        1/ التفسير والتحليل والتنبؤ والتخطيط المسبق للمشاريع أو المشاكل المتوقعة مستقبلا.
        2/ تعلم الاعتماد على النفس وتعبئة كافة الإمكانيات والطاقات والقوى وتحديد لأوجه التقدم استراتيجيا وتكنيكيا على ضوء التفاعل بين الطاقة الوظيفية منظور أليها في تطويرها من ناحية و بين القوى المعاصرة والضاغطة.
        3/ القيام بعدة إحصاءات بين الفينة و الأخرى , لمعرفة حاجيات المدينة من هياكل و مشاريع تنموية.
        4/  تنمية الثقافة البيئية بغرس الأشجار و إنشاء مساحات خضراء تساهم في إعطاء واجهة حضرية جيدة.
        5/ إنشاء برامج لتجديد المدن و ضواحيها.
         6/تشريع قوانين صارمة لردع كل من يتسبب باختلال البنية الحضرية أو محاولة المساس بها.
        7/ وضع برامج للتدريب المهني وتكاليف الإسكان المنخفضة ,حيث إن هذه البرامج تؤدي إلى انخفاض عدد العاطلين.
وفى ضوء التعريفات السابقة للتنمية الحضرية يمكننا إن نحدد أهم عناصر المفهوم بما يلي:
1-  التنمية الحضرية عملية موجهة إلى الإنسان باعتباره العنصر الفعال في التطوير المجتمع .
2
- الحضرية تستهدف رفع مستوى دخول الافرد من خلال المشروعات
3- التنمية الحضرية عمليه إرادية وموجهة
4- أنها العملية التي عن طريقها تحدث التغيرات الاجتماعية المقصودة في البشر وبالتالي يكتسبون القدرات والقيم التي تساعدهم على مواجهة ما يصادفهم من مشكلات بحيث يستطيعون ، أحداث التغيرات في البيئة التي يعشون فيها .
وهكذا فأن التنمية الحضرية هي تنمية واسعة تتناول كافة القطاعات والجوانب الاجتماعية الاقتصادية والصحية أما عن الاتجاهات النظرية يتضح لنا مدى قصور النظرة ألي التنمية الحضرية في ضوء أي اتجاه من الاتجاهات السابقة على حدة ، ولذلك نرى انه عند محاولة تحليل نمو التنمية الحضرية لابد إن يستوعب هذا التحليل الأبعاد الاقتصادية والسياسية والسيكولوجية والتنظيمية والديمغرافية والايكولوجية والنموذجية .
ولن نشير إلي إن محاولة الجمع بين الاتجاهات السابقة محاولة جديدة نبتدعها لأول مرة ، فقد حاول بعض العلماء تفسير التحضر بالاعتماد على متغيرات السكان والبيئة والتكنولوجيا والتنظيم .





الفصل الثاني
التنمية والتخطيط العمراني وأثرهما علي المجتمعات المستدامة المعاصرة
مفهوم التنمية المستدامة
تبنت معظم الدول المتقدمة، ممثلة في أجهزة التخطيط العمراني، مجموعة من الرؤى والمفاهيم، والتي تكاد أن تتطابق مع ما تم الاتفاق عليه عالميا في مجالات التنمية المستدامة - العمرانية والتشييد والتعمير، والبناء والتي تتميز:
·  بسعيها نحو وضع قواعد وممارسات جديدة ومعاصرة لمفهوم التنمية المستدامة تمكنها من مواجهة  تحديات الحاضر وتوقعات وتطلعات المستقبل.
·  وبريادتها في نطاق إنشاء المجتمعات المستدامة، وإعادة تطوير وتأهيل المناطق الحضرية والريفية والتراثية التقليدية، من هذا المنطلق.
·       وبتبنيها لمناهج ومقاربات ابتكاريه وإبداعية في مختلف مجالات التنمية.
·       والعمل على دمج مفهوم الاستدامة في القوانين والتشريعات.
·  وبوضعها وتنفيذها لمخططات واستراتيجيات وسياسات عمرانية مستدامة ومسئولة، عن توازن تنمية القطاعات الاقتصادية، والبيئة، والاجتماعية. بدأ من المستوى الوطني والإقليمي وحتى المستويات المحلية، وتفاصيل التصميم العمراني والمعماري؛
·   وبحرصها المستمر على تقديم قيم جديدة مضافة خلال ما تقوم  به من أعمال ومشروعات. تراعى فيها تطبيق مفاهيم مثل - نوعية الحياة، ونمط المعيشة، التصميم البصري...
مفهوم المجتمعات المستدامة
·       هي أماكن ومجتمعات يريد سكانها العيش والعمل فيها حاليا وفي المستقبل،
·  وهي مجتمعات مستدامة نظرا لكونها تحتوي على البنية الأساسية المجتمعية، والفرص والإمكانات التي يحتاج إليها سكانها،
·       وتجعلهم يشعرون بالانتماء، وبالالتزام والعمل على رفاهية مجتمعهم،
·  وهذه المجتمعات مستدامة بسبب امتلاكها للقدرة والفعالية الاقتصادية، التي تؤمن الاحتياجات الإسكانية للسكان حسب مختلف فئاتهم وقدراتهم في السوق،
·       كما أنها مستدامة لتوفيرها فرص تحقيق طموحات الشباب كما كبار السن،
·       وهي مجتمعات مستدامة بيئيا بسبب قدرتها على التلائم الايكولوجي،
·  كما أنها مجتمعات تحمي وتحافظ على البيئة الطبيعية، بل وتعمل على تدعيمها بطرق تتواءم مع احتياجات المستقبل بقدر مساو لتعاملها مع احتياجات الحاضر.
عناصر المجتمعات المستدامة
·       منظومة الحكم الجيد
·       النقل والمواصلات
·       الخدمات
·       البيئة
·       المساواة
·       الاقتصاد
·       الإسكان والبيئة المبنية
·       الثقافة والمجتمع

ولكن يتطلب ضمان تطبيق هذا المفهوم ودمجه على مستوى التخطيط العمراني، الاهتمام بالمهارات والمعرفة الفنية الجديدة، المرتبطة بهذا المفهوم، للكوادر البشرية المسئولة عن عملية التنمية المجتمعية الشاملة
التخطيط:
كمفهوم ومصطلح، التخطيط هو أسلوب ومنهج في التفكر المنطقي والعقلاني، ويتم ممارسته من قبل الجميع، وعلى كل المستويات، بدأ من المستوى الفردي، والعائلي، حتى المستويات المحلية والوطنية والعالمية. وهو يتعلق بتصور ورؤية لوضعية معينة في المستقبل، مطلوب الوصول إليها، ومن ثم وضع الوسائل والإجراءات الكفيلة بتحقيقها. وتـتعدد صفات التخطيط، بتعدد المستويات والقطاعات، حيث نجد تخطيط استراتيجي، ووطني وإقليمي ومحلي، وتخطيط بعيد المدى، ومتوسط المدى، وقريب المدى، وتخطيط سياسي، اقتصادي، واجتماعي، وبيئي، وعسكري، وتربوي، وصحي، وتكنولوجي، وتـنموي وتخطيط جزئي، كلي،وشمولي، وتأشيري، وتوجيهي، وإرشادي، ... الخ.
التخطيط العمراني
·  وعندما يتم إلحاق صفة العمراني بالتخطيط، يصبح لدينا مفهوم التخطيط العمراني، ومن هنا تبدأ إشكالية حقيقية يتصف بها هذا المفهوم. وهي إشكالية التعميم والشمولية  ودرجة عالية من عدم الاتفاق على مفهوم واحد محدد.
·  ولكن يمكن إعطاء تعريف مبسط، للتخطيط العمراني، وذلك باعتباره أداة ووسيلة لتحقيق المصلحة العامة، لكافة قطاعات وفئات المجتمع، من خلال وضع تصورات ورؤى لأوضاع مستقبلية مرغوبة ومفضلة، لتوزيع الأنشطة والاستعمالات المجتمعية في المكان الملائم وفي الوقت المناسب. وبما يحقق التوازن بين احتياجات التنمية في الحاضر والمستقبل القريب، من ناحية، وبين احتياجات التنمية لأجيال المستقبل البعيد، من ناحية أخرى، أي تحقيق ما يعرف بالتنمية المستدامة. وبما يحقق التوازن بين الرؤى الإستراتيجية والطموحات والرغبات، من ناحية، وبين محددات الموارد والإمكانات الواقعية، من ناحية أخرى. مع ضمان تحقيق التـنسيق والتكامل، في استيفاء احتياجات ومتطلبات القطاعات التـنموية الشاملة، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وبيئية، ... الخ، من خلال التزويد بالخدمات والمرافق العامة، وشبكات البنية الأساسية بأنواعها المختلفة. ومن خلال وضع الاستراتيجيات والسياسات العامة، والمخططات العمرانية بمستوياتها المختلفة وطنية وإقليمية ومحلية، وبنوعياتها المتعددة. ووضع وتحديد البرامج والمشروعات العمرانية، على سبيل المثال في التالي:  إسكان، نقل وطرق، جسور وكباري، خدمات ومرافق عامة، ... الخ. وفي إطار تشريعي وقانوني واضح وملزم، ومن خلال عمليات وإجراءات محددة، وبتـنسيق وضمان مشاركة مجتمعية كاملة، خلال كافة مراحل العملية التخطيطية.
مفهوم النظام التخطيطي
·  يقصد به، ذلك النظام الشامل لأنشطة كافة الجهات الحكومية ، وخاصة جهازها التخطيطي الرسمي، المعنية بشئون مجالات وقطاعات التخطيط والتـنمية العمرانية الشاملة. وذلك بمشاركة مختلف جهات ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص والقطاع الأهلي. من خلال شبكة متداخلة ومترابطة ومتكاملة من العلاقات والأنشطة المتفاعلة.
·  وهذا النظام على المستوى الوطني، يمكن أن يضم، منظومة الجهات والهيئات الحكومية، وجهازها التخطيطي الرسمي، ومنظومة اللجان والمجالس العليا والمتخصصة، ومنظومة المجالس البرلمانية، ومنظومة تشريعية قانونية من القوانين والقرارات واللوائح المنظمة للعمران، ومنظومة من آليات وإجراءات العمل والتـنسيق والتعاون، في كافة مراحل العملية التخطيطية، الإعداد والتـنفيذ والمتابعة، ونظام البلديات، ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
·  وكأي نظام، فإن النظام التخطيطي العمراني له مدخلات ومخرجات. ومن أهم مدخلاته، التوجهات والسياسات العامة للدولة، الغايات والأهداف على المستوى الوطني، الطموحات والرغبات والآمال المجتمعية، البيانات والمعلومات العمرانية مثل الخرائط المساحية الطوبوغرافية والعقارية، الصور الجوية والفضائية، الإحصاءات والتعدادات، المسوح الميدانية، والاجتماعية، ... الخ، ومن أهم مدخلاته كذلك الموارد والإمكانيات المادية والبشرية.
·  ومن أهم مخرجات النظام التخطيطي، رؤية إستراتيجية على المستوى الوطني لمستقبل وأوضاع العمران، واستراتيجيات ومخططات إرشادية على المستوى الإقليمي - المحافظات والبلديات- وسياسات عامة تخطيطية - إرشادية وتوجيهية لمختلف قطاعات ومجالات وقضايا التـنمية العمرانية الشاملة - مخططات تـنمية وتعمير محلية - هيكلية وعامة للمدن والقرى، ومحلية تفصيلية، ... الخ - وتشريعات ولوائح منظمة للعمران، وبرامج ومشروعات تعمير وتـنمية عمرانية.
أهداف التنمية العمرانية
تتلخص أهداف التنمية العمرانية المستقبلية ب:
-  ترسيخ وإدماج البعد المكاني في كافة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية والتكنولوجية.
-  الحد من حالة اللاتوازن القائمة بين الأقاليم والمحافظات بتحقيق الإنماء العمراني المتوازن و المستدام على المستوى الوطني، الإقليمي والمحلي.
-  تحديد الأقاليم التخطيطية ومراكز النمو في سورية بهدف تعزيز جهود الحد من الفقر وزيادة معدلات التشغيل في المحافظات الأقل نمواً.
-  تعزيز نهج اللامركزية والإدارة الإقليمية والمحلية وذلك ببناء إدارة حكومية رشيدة تتمتع بكفاءة وفعالية   وخاضعة للمسائلة وتحقيق التكامل والمرونة والشفافية في صياغة وتنفيذ وتقييم الخطط من خلال تعزيز التشاركية.
-      استيعاب معدلات النمو السكاني الحضري (المديني والريفي) الحالية والمستقبلية.
-      التحكم في النمو العمراني المستقبلي من خلال: تنمية محاور عمرانية جديدة و تنمية أقطاب نمو ثانوية.
-  رصد وتحسين المستوى المعيشي للفرد بين الكفاية والترميم (السكن الملائم، الخدمات بأنواعها ومقاطعتها مع خطط الوزارات المعنية، الواقع البيئي....)
-      الارتقاء بالهيكل العمراني للمدن وتحسين واقع مناطق المخالفات الجماعية.
-      تحقيق التنمية العمرانية المستدامة.

تحديات التنمية العمرانية
تواجه عملية التنمية العمرانية في سوريا مجموعةٍ من الإشكاليات في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإسكانية والإدارية والتنظيمية ظهرت في العقود الثلاث الماضية وارتبطت بنمو وتضخم المدن الرئيسية وبالزيادة السكانية وتتمثل هذه االتحديات ﺒ:
-         استمرار ظاهرة الاستقطاب الحضري وانتشار المناطق العشوائية في كافة المدن
-   تآكل الأراضي الزراعية الخصبة نتيجة الامتداد العمراني غير المخطط عليها، وبالتالي تدهور البيئة العمرانية في هذه المدن.
-         تداعى المناطق التراثية والتاريخية والمباني ذات القيمة المعمارية والحضارية.
-         نقص وضعف توزيع الخدمات والمرافق الأساسية














 الباب االثاني
فلسفة قوانين التخطيط واالتشريعات العمرانية .








الفصل الأول
تعريف القانون وخصائصه وأنواع القواعد القانونية
الحديث عن فلسفة قوانين التخطيط والتشريعات العمرانية يقودنا للحديث أولاً عن فلسفة القوانين بصفة عامة ، وهي مجال واسع لبحث الموضوعات الاكثر اهمية في مجال القانون مثل الالزام في القانون ويقصد بذلك بحث مسألة العدل والعدالة ، وتنقسم فلسفة القانون الي عدد من المباحث هي الوجود القانوني والقيم القانونية والمعرفة القانونية ويضيف البعض اليها علم الاجتماع القانوني.
هذا ويبحث الوجود القانوني في تعريف القانون وأساس إلزامه ، وهنا يجري التمييز عادة بين النص القانوني الصادر عن المشرع وبين القانون المجرد أو الموضوعي الذي يشير الي معني العدل الاسمي اما القيم القانونية فهي المبادئ والمثل الحاكمة للقانون هل هي العدل مثلاً ام الامن والاستقرار ام الحرية ام كلها معا ًوما المقصود بكل منها .
المعرفة القانونية هي الوسائل التي يمكن التعرف بها علي القانون هل هي مجرد العقل ام التجربة والملاحظة . اما علم الاجتماع القانوني فيبحث في العلاقة بين القانون والمجتمع .
لا يمكن للتخطيط العمرانى أن يحقق أهدافه ، ولا يمكن أن يكون أداة تغيير وتحسين وإصلاح للبيئة العمرانية الحضرية والريفية، إلا إذا استند إلى تشريعات وقوانين ملزمة وحاسمة تضعه موضع التنفيذ.
أولا ً :القانون في العصر الحديث مفهومه وخصائص وأنواع القاعدة القانونية
 1/ تعريف القانون :
القانون هو مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الإنسان في المجتمع وتتضمن جزاءا مادياً حالاً يوقع ضد من يخالفه .
ويتمثل القانون دائما على هيئة قواعد تتولى تنظيم سلوك الناس في المجتمع يطلق عليها بالاصطلاح المعاصر القواعد القانونية ، ويقال لها الأحكام في اصطلاح الفقه الإسلامي ، وهي بالنهاية وجدت لتحديد علاقات الأفراد فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين السلطة العامة من جهة أخرى ، بحيث يعرف كل منهم ما له من حقوق وما عليه من واجبات .
ويعتبر القانون على مر الأزمان مصدرا رئيسيا من مصادر الضبط الاجتماعي المتنوعة ، وفي وقتنا الحاضر لم يعد استعمال لفظ القانون قاصرا على كونه مصدرا من مصادر الضبط والتنظيم ( كالدين والأخلاق والتربية ..) فقط ، بل تجاوز ذلك بكثير ، وأصبح لفظا يستعمل في كثير من المواضع ، منها :
فقد يستعمل لفظ القانون للدلالة على مجموع الضوابط القانونية ( أو منظومة القواعد القانونية ) لمجتمع من المجتمعات ، فيقال القانون االسوداني والقانون المصري والقانون الفرنسي، ولكن غالبا ما يضاف إليه في هذه الحالة لفظ ( الوضعي ) فيقال القانون الوضعي السوداني السوري أو الإماراتي .
وقد يستعمل لفظ القانون في معنى أضيق من ذلك ألا وهو معنى التشريع أو القانون المكتوب الصادر عن السلطة التشريعية، والقانون بهذا المعنى الضيق يقال له عادة التقنين وذلك عندما يتخذ صورة التجميع العلمي المنطقي لغالبية الضوابط المتعلقة بفرع محدد من فروع القانون ، فيقال التقنين المدني أو التقنين التجاري، وذلك تعبيرا عن التشريع الذي يضم القواعد المتعلقة بهذا الفرع أو ذاك والذي يأخذ شكل التجميع العلمي .
2- خصائص وأنواع القاعدة القانونية
Ø خصائص القاعدة القانونية :
للقاعدة القانونية عدة خصائص رئيسية تميزها عن غيرها من قواعد السلوك في المجتمع وهي :
أ– القاعدة القانونية قاعدة سلوك :
أي تحدد سلوك وتحكم ظواهر من صنع الإنسان ، فتتضمن أمرا  بفعل أو نهيا عن فعل ، وبهذا تختلف عن الظواهر أو القوانين الطبيعية ، كقانون الجاذبية أو قانون الغليان ، فالأخيرة محكومة بقدرة الله عز وجل ولا يستطيع الإنسان أن يخرقها أو يخالفها.
ب – القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة :
    أي أن القاعدة القانونية لا تخاطب شخصا بذاته ، ولا تتناول واقعة بعينها ، بل توجه الخطاب إلى أشخاص بصفاتهم ، وتتناول وقائع موصوفة بشروط معينة ، وبالتالي فهي تنطبق على كل شخص تتوافر فيه الصفات المقررة ، وتسري على كل واقعة تحققت فيها الشروط المطلوبة ، الأمر الذي يحقق المساواة بين الناس ن واستمرار تطبيق القواعد القانونية في المستقبل على جميع الأشخاص .
ج – الصفة الإلزامية للقاعدة القانونية :
     فهي مؤيدة بجزاء مادي يوقع على من يخالفها ، هذا الجزاء هو الذي يضمن استقرار المجتمع وحفظ نظامه وأمنه ، ومن أهم خصائص هذا الجزاء انه محسوس يتمثل بالقهر والإجبار سواء اتخذ الشكل الجنائي أو المدني ، كما انه جزاء حال ، اي أنه يستوجب على المخالف مباشرة ، وأخيرا هو جزاء منظم أي تقوم السلطة المختصة ( القضائية ) بتوقيعه على المخالف ، ولا يباشره الطرف المعتدى عليه .
3 / أنواع القواعد القانونية :
تنقسم القواعد القانونية وفقا لمفهوم القانون المعاصر إلى قواعد قانونية آمرة وأخرى مكملة أو مفسرة
 أ - القواعد القانونية الآمرة و المكملة :
القواعد الآمرة : هي القواعد التي لا يجوز للأفراد مخالفتها أو الاتفاق علي استبعاد حكمها ، مثل القواعد التي تحرم القتل والسرقة ، والقواعد التي تبين المحرمات من النساء .
أما القواعد المكملة : فهي القواعد التي يجوز للأفراد الاتفاق علي مخالفتها باستبعاد حكمها .
كالقاعدة التي تنص على أن الترميمات والإصلاحات الضرورية في العين المؤجرة يتحملها المؤجر .
والقواعد المكملة هي قواعد ملزمة أيضا ، ولكن يتاح للأفراد الاتفاق على مخالفتها ، فتعطي فرصة أكبر للمرونة في التعامل مادام ذلك يحقق مصلحتهم ، أما في حالة عدم اتفاق الأفراد على مخالفة القاعدة المكملة ، فإن ذلك يعتبر قرينة قانونية على أن إرادتهم انصرفت إلي اختيار حكمها فتكون ملزمة لهم عندئذ تماما كالقاعدة الآمرة .
ويمكن القول بان مناط هذا التقسيم هو سلطان إرادة الأفراد تجاه القواعد القانونية ، بحيث يكون منعدما تجاه القواعد الآمرة ، أما في حالة القواعد المكملة ، فيكون سلطان إرادة الأفراد كاملا ومحققا .
ومرجع التفرقة بين القواعد الآمرة والمكملة ، هي أن العلاقات الاجتماعية ليست كلها على درجة واحدة من الاتصال بحياة المجتمع ، فبعضها يقتضي استقلال القانون بتنظيمه بما يكفل اضطراد الحياة واستقرار المجتمع ، فتكون قواعده قي هذا الصدد آمرة ، كالقواعد الضابطة لنظام الحكم ، والمتعلقة بأمن وسلامة المجتمع من العدوان الداخلي والخارجي .
في حين نجد أن البعض الآخر من العلاقات الاجتماعية ، تحتمل أن يكون تنظيمها مرنا على هذا النحو أو ذاك ، فيترك القانون للأفراد حرية تنظيمه بالاتفاق فيما بينهم وفقا لمصالحهم الخاصة ، ويكتفي القانون بوضع تنظيم نموذجي لمواجهة الحالات التي التي يختلف فيها الأفراد ، لغياب الاتفاق الخاص بينهم .
2 - القواعد القانونية التكليفية والوضعية :
قواعد التكليف : هي القواعد التي تنظم تصرفا إراديا ، فهي خطاب الشارع المتعلق بأفعال الإنسان في ذاتها ، عن طريق الأمر بفعل شيء ، أو النهي عن فعل شيء ، أو التخيير بين الأمر بالفعل وتركه ، فالوفاء بالعقود مثلا أمر واجب ، وأكل أموال الناس بالباطل منهي عنه ، أما اكتساب الملكية عن طريق البيوع أو الهبات ، فهو أمر تخييري يمكن للإنسان أن يأتيه أو يتركه
أما قواعد الوضع : فهي القواعد التي لا تتعلق بأفعال الأشخاص ، وإنما تربط بين أمرين مما بحيث يكون أحدهما سببا ً للآخر ، أو شرطا ً له ، أو مانعا منه ، فيتوقف على علاقة السببية أو الشرطية أو المانعية كون الفعل صحيحا لتترتب عليه آثاره أو غير صحيح فلا تترتب عليه الآثار
فالقرابة سبب للميراث ، وموت المورث شرطا للميراث ، وقتل الوارث للمورث مانع من الميراث .
وهناك أنواع أخرى من القواعد القانونية ، تعتبر اقل أهمية حسب تصنيف فقهاء القانون المعاصر وهي :
القواعد القانونية المكتوبة و غير المكتوبة :
القواعد القانونية المكتوبة : هي الأحكام التشريعية الصادرة عن السلطة المختصة بالتشريع ، وتصدر في بشكل مكتوب و ملزم لتعبر عن إرادة الدولة ( هذا الوصف ينطبق على التشريع ، وسيأتي ذكره مفصلا )
أما القواعد القانونية غير المكتوبة : فهي القواعد العرفية .







الفصل الثاني
التشريعات التخطيطية ،المفهوم  وأهمية الجانب القانوني في التخطيط العمراني:
يتناول هذا الجزء مفهوم التشريعات في وقتنا الحاضر ، ونبين فيه أهمية الجانب القانوني والتشريعي في التخطيط الحضري والنهوض بعملية التخطيط العمراني .
1- مفهوم التشريعات التخطيطية في العصر الحديث :
مع بداية الثورة الصناعية والنمو السريع للمدن والهجرة المستمرة من أهل الريف إليها، انتشرت الأحياء المختلفة وتداخلت استعمالات الأراضي ، وبدأت آثار التكدس الحضري العشوائي بالظهور ، مما دفع حكومات الدول الصناعية الكبرى كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، بالتدخل عن طريق سن القوانين والتشريعات التي تحد من استعمال الأفراد لملكياتهم الخاصة ، وتتحكم باستعمالات الأراضي الحضرية والمباني التي تقام عليها ، وتحديد خطوط محرمات الطرق والشوارع ، والاشتراطات الخاصة بالأراضي الفضاء وتقسيمها ، وصدرت أيضا التشريعات التي تمنح المجالس المحلية سلطة تخطيط المدن وتجديد أحيائها ، وسلطة فرض الرسوم البلدية على العقارات والمنشآت ، في مقابل الخدمات التي يقدمها مجلس المدينة .
ويعتبر البعض أن التشريعات العمرانية هي التشريعات التي تتحكم باستعمالات الأراضي عن طريق التنظيم والتحكم بعناصر عمرانية معينة ، مثل نوعية المباني ، والكثافة السكانية .
كما تنظم قوانين التخطيط العمراني القواعد الخاصة في تقسيم الأراضي ضمن المناطق الحضرية في المدينة وفي المناطق الريفية أيضا .
وكانت المدن الألمانية والسويدية من أوائل المدن التي طبقت التشريعات العمرانية في أواخر القرن التاسع عشر ، لمعالجة مشاكل التكدس الحضري والأبنية العالية . The earliest US zoning ordinances, which date from the beginning of the 20th century, were motivated by the need to regulate the location of commercial and industrial activities.
وتعتبر التشريعات المنظمة للعمران ، أو التشريعات التخطيطية في عصرنا الحديث إحدى أدوات التخطيط العمراني ( الحضري والريفي ) الهامة ، وعنصرا رئيسيا في مدخلات التنمية الحضرية المستدامة وضبط علاقات الأطراف المرتبطة بها .
ولبيان المفهوم الصحيح للتشريعات العمرانية ، يجب النظر إليها من عدة جوانب متكاملة ومتقاطعة فيما بينها بما يمكّن بالنتيجة من الوقوف على حقيقتها ومفهمومها الأمثل .
2– المعنى القانوني للتشريعات العمرانية :
تعتبر التشريعات العمرانية من الناحية القانونية : هي مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة المختصة ( وهي السلطة التشريعية ) التي تحكم وتضبط عملية التخطيط العمراني بكافة مستوياته القومية والإقليمية والمحلية ، وجميع مدخلاته الأساسية والفرعية ، وتحدد شكل العلاقات بين الأطراف المرتبطة بالتخطيط العمراني ، وتحدد الإجراءات والمتطلبات التنظيمية والإدارية اللازمة لتحقيق أغراض التخطيط العمراني . وتتضمن التشريعات العمرانية من الناحية القانونية المحاور الرئيسية التالية :
أ / تبني السياسات والخطط والبرامج التخطيطية الاستراتيجية .
 وهي السياسات التي تضعها السلطة السياسية كمنطلق وموجه أساسي لعملية التخطيط العمراني على المستوى القومي ، حيث تعكس التشريعات العمرانية رؤية السلطة السياسية المستهدفة ، لتحقيق أغراضها التنموية ، فتكون بمثابة الضابط والموجه ، لخطط وبرامج التخطيط الحضري ، ووسيلة الرقابة التنفيذية فيما بعد .
ب / تحديد الجهات أو السلطات المختصة والمسؤولة عن عملية التخطيط العمراني 
وذلك بتحديد نطاق سلطات وصلاحيات الجهات المركزية والمحلية على السواء ، وبما يحقق التوازن اللازم لإدارة عمليات التخطيط العمراني بشكلها الأمثل .
ج / وضع مجموعة القواعد القانونية الموضوعية ( العامة المجردة ) .
 و تعد  هذه القواعد تقنينا لمجمل المعايير والضوابط التخطيطية والأنظمة العمرانية العلمية والمنهجية ، الواجب الالتزام بها ، في تخطيط المناطق الحضرية والريفية، والتي تنظم وتتحكم في التخطيط العمراني ، وتحكم تصرفات الأفراد والجماعات فى مجال العمران ، لتحقيق الأهداف التى تنشدها مشروعات التخطيط والتنمية العمراني.
د / وضع القواعد القانونية التي تحدد طبيعة العلاقات والأدوار بين كافة الأطراف المرتبطة بعملية التخطيط العمراني .
 وذلك فيما بين السلطة العامة المختصة من جهة ، وبين الجهات الأخرى من هيئات ومؤسسات وأفراد من جهة أخرى .
ه / مجموعة القواعد الشكلية أو ما يمكن تسميته قانون الإجراءات التخطيطية .
وهي الإجراءات اللازمة لكل عملية من عمليات التخطيط العمراني ، التي يتم بموجبها رسم الطريق أمام العملاء لإتمام طلباتهم التخطيطية وكيفية متابعتها بما يحقق اغراضهم وأهدافهم بكل وضوح وشفافية ويسر ، مع تحديد طرق المراجعة والطعن في القرارات التخطيطية الصادرة عن سلطات التخطيط العمراني .
و / القواعد القانونية التي تحكم عمليات استملاك الأراضي
 أو ما يسمى لدى البعض وضع اليد من قبل السلطة العامة ، أو نزع الملكية للمنفعة أو المصلحة العامة ، وتحقيق أهداف وأغراض التخطيط العمراني والمشاريع التنموية ، وطرق التعويض عنها .
ح / القواعد المنظمة لأعمال الرقابة التخطيطية وإجراءاتها .
 وهي القواعد التي تحدد صلاحيات ومسؤوليات الجهات الموكلة إليها عمليات التفتيش والرقابة وضبط المخالفات.
ط / مجموعة النصوص المتعلقة بالمخالفات التخطيطية
 وتشمل العقوبات المترتبة على تلك المخالفات ، سواء ارتبطت المخالفة بالقواعد الموضوعية أو الشكلية السالف ذكرها ، أو التعدي على ملكيات الآخرين .
ثالثاً - المفهوم التخطيطي للتشريعات العمرانية :
يختلف مفهوم التشريعات العمرانية من الناحية التخطيطية عن المعنى القانوني لهذه التشريعات ، على الرغم من أنها توضع من أجل تحقق نفس الأغراض ، وذلك وفقا لما يلي :
1/هي مجموعة الأسس والقواعد الواجب مراعاتها عند وضع خطط وبرامج التخطيط العمراني
 والتي تشمل كافة الأبعاد التخطيطية ، العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية .. الخ .
 2/ التشريعات العمرانية هي مجموعة الضوابط والمعايير التخطيطية والأنظمة العمرانية التخطيطية والبنائية الواجب الالتزام بها :
وذلك لتنفيذ مشاريع التخطيط العمراني ، على كافة مستوياته ، الإستراتيجية وعلى مستوى المخططات الهيكلية والتفصيلية ، بدءا من اختيار مواقع المدن أو المستوطنات الجديدة ، وتصنيف استعمالات الأراضي للمناطق التخطيطية ، ومعايير وضوابط التخطيط التفصيلي ، وصولا إلى المحددات البنائية على كل قطعة الأرض وعلاقتها بما حولها من الأراضي .
3/ هي مجموعة القواعد التخطيطية العلمية التي يرجع إليها المخططون عند تنفيذ الدراسات والمخططات العمرانية الشاملة والتفصيلية .
 وهي التي يتم بموجبها توفير شبكات الطرق والمرافق والخدمات العامة وتأمين كافة عناصر الأثاث الحضري للمناطق التخطيطية، ومراعاة الاعتبارات السكانية والبيئية ، والسلامة العامة ، وضمان إقامة المباني فيها وفق الاشتراطات والمعايير التى تكفل وجود بيئة حضرية مستديمة ، تراعى فيها المستلزمات الصحية والجمالية العامة .... الخ
رابعاً- أسس ومقومات تشريعات التخطيط العمراني :
إن الهدف الأساسي من وضع  منظومة للتشريعات العمرانية ، هو إيجاد أدوات في متناول السلطة العامة المختصة تمتلك بموجبها القدرة الفعالة في تخطيط وتوجيه عمليات التنمية العمرانية ، وما يتعلق بها من تنمية اجتماعية واقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية ، مع التركيز على تحسين كفاءة البيئة العمرانية
وذلك بموجب ما تتميز به القوانين أو التشريعات العمرانية من تأثير على الأفراد والمجتمعات، بالإضافة إلى تطوير البرامج والخطط التنموية المؤدية إلى إحداث التغيير والتطور في البيئة العمرانية والعلاقات التكاملية بينها وبين الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية..
ولا بد لتحقيق ذلك من ان تتوفر في التشريعات العمرانية الأسس والمقومات التي تمكنها من القيام بهذا الدور الفعال ، ومن اهم هذه المقومات مايلي:
1- المرجعية العلمية : الاستناد إلى المرجعيات والمنهجيات العلمية الخاصة بالتخطيط الحضري والتنمية العمرانية لتكون بذلك عملية تقنين لتلك المرجعيات والمنهجيات العلمية
وصياغتها على شكل مواد قانونية تهدف إلى تنظيم عملية التخطيط الحضري وإجراءات وأساليب التنمية العمرانية وإدارتها بالشكل الأمثل .
2- الشمولية : ويقصد بها شمولية التشريعات التخطيطية لتغطي كافة مستويات العمل التخطيطي ( التخطيط الاستراتيجي والشامل ، والتخطيط التفصيلي ، والمحددات التخطيطية والبنائية على مستوى قطعة الأرض ) ، إضافة إلى تنظيمها لمجمل المهام والإجراءات التي تقوم بها الإدارة التخطيطية ، من أجل تلبية أغراض عملية التخطيط العمراني بشكل متكامل .
3 - المرونة : ويقصد بمعيار المرونة بالنسبة للقواعد القانونية ، أن تكون النصوص القانونية ذات مرونة في التطبيق تتناسب مع حجم السلطات التقديرية الممنوحة للإدارة التخطيطية في القيام بمهامها ، بحيث تكون تلك القواعد ثابتة وقوية من ناحية الضبط والتوجيه ، ومرنة في التطبيق من خلال منح الصلاحيات والسلطات التقديرية للإدارة المختصة ، وعدم تقييدها بشكل كامل ومطلق .
4 - الملائمة والمواكبة : وهي أن تكون تشريعات التخطيط العمراني متوافقة ومتلائمة مع كافة التطورات والمستجدات الزمانية والمكانية ، عن طريق المراجعة الدائمة والإصدارات المعدلة والمحدثة ، وأن تتناسب مع الأساليب والتكنولوجيات المرتبطة بوسائل وأدوات إدارة التنمية العمرانية الحديثة .
5ا - الوضوح والشفافية : يجب أن تتسم نصوص التشريعات التخطيطية بالوضوح ولا يكتنفها أي غموض يمكن أن يعطل سبب وجودها ، وأن تكون خطوات وإجراءات تطبيقها على درجة عالية من الشفافية وفي سبيل تحقيق ذلك يجب أن تكون معلنة للجمهور عن طريق وسائل الإعلان المناسبة .
( ويحتم مبدا الشفافية على الجهة المختصة بسلطة التخطيط العمراني ان تلتزم بإجراءات واضحة ومحددة من ناحية الشكل والمدة اللازمة للبت في القضايا التخطيطية المعروضة أمامها ، وعدم التراخي في دراستها والرد عليها ، وفي حال حدوث ذلك ، يجب ان يكون هناك نظام محاسبة واضح ومحدد .
6 – وجود طرق للمراجعة والطعن : إن مبدأ الشفافية ونظام المحاسبة السالف الذكر ، يتطلب تحديد طرق للمراجعة والطعن في قرارت سلطات التخطيط العمراني ، وذلك لتحقيق العدالة وإعمال مبدأ المراجعة الإدارية والقضائية على أعمال سلطات التخطيط العمراني .











الفصل الثالث
أهمية الجانب القانوني في التخطيط العمراني :
تتجلى أهمية القوانين والتشريعات التخطيطية في تنظيم وتلبية احتياجات المجتمع والأفراد معا ، وذلك بما تحققه من عوامل المنفعة العامة والخاصة ، وفق إطار من التوازن بين احتياجات الأفراد والمجتمع المادية والمعنوية ، فهي بمثابة حجر الزاوية لتحقيق بيئة عمرانية مستدامة للمجتمع .
لذلك تعتبر القوانين المنظمة للعمران من الأدوات الأساسية اللازمة لتوفير التجمعات العمرانية التي تلبي احتياجات ومتطلبات أفراد المجتمع ، لكونها تضبط وتنظم أعمال المباني وحق الجوار والصحة العامة والأمن والراحة والسلامة ...الخ .
إن إدارة شؤون الدولة أو النهوض بأي مهمة من المهام المكلفة بالقيام بها، لابد أن يكون له من الإطار أو الشكل القانوني ، الذي يمثل المرجعية والأساس التنظيمي فيها ، والذي يحكم وينظم العلاقة فيما بين الأطراف والجهات ذات العلاقة ، على اختلاف مسؤولياتها ومستوياتها ، لإدارة وتنفيذ تلك المهام على عمومها وشمولها بالشكل الأمثل
وتعتبر قوانين التخطيط العمراني بمثابة الموجه والضابط لعناصر التنمية العمرانية ، التخطيطية والبنائية ، من حيث نوع استعمال الأرض ، والمناطق التي يمنع فيها استخدامات معينة للأرض ، ومحرمات الطرق والمرافق ، وارتفاعات الأبنية وارتداداتها ، وواجهات المباني ونوعية المواد المستخدمة فيها ... الخ 
من هذا المنطلق وعلى اعتبار أن إدارة وتنفيذ عملية التخطيط الحضري في أي بلد من البلدان هي إحدى المهام الرئيسية المكلفة الدولة بالقيام بها ، فإنه لابد لها من الإطار القانوني الذي ينظمها ، ويحكم العلاقة فيما بين أطرافها ، وتتجلى أهمية الإطار القانوني في عملية التخطيط العمراني عموما بالنقاط الرئيسية التالية:
1 - تحديد الجهات المناط بها عملية التخطيط الحضري وبيان مسؤولياتها وصلاحياتها في إدارة العملية التخطيطية ، والدور الذي تقوم به كل من هذه الجهات ، وتنظيم العلاقة وتحديد آليات التنسيق فيما بينهم الأمر الذي يترتب عليه عدم تداخل الصلاحيات أو تضارب الأدوار ، وبذلك يمكن معالجة موضوع ازدواجية أو تعددية السلطات التي تمارس المهام التخطيطية .
وتعتبر مسألة ازدواجية أو تعدد الجهات التي تمارس مهام التخطيط العمراني ، من القضايا الرئيسية المؤثرة على إعداد أو تنفيذ خطط برامج التخطيط الحضري وفي بعض الدول ( مثل مصر وسوريا والمملكة المتحدة وغيرها ) تتولى المجالس البلدية أو الإدارات الهندسية بمجالس المدن والقرى تطبيق تلك التشريعات لتحقيق الأهداف التى تنشدها مشروعات التنمية الحضرية المستدامة للمدن والقرى وضمان إقامتها مستوفاة للشروط العمرانية المطلوبة .
2 - تقنين الإجراءات والمتطلبات اللازمة للقيام بمهام التخطيط العمراني ، والمراحل التي تمر بها كل عملية من عملياته ، وما تتطلبه من معاملات ووثائق ودراسات وأية ملحقات أخرى ذات صلة ، الأمر الذي يؤدي إلى تكريس مبدأ الوضوح والشفافية ، وعدم غموض تلك الإجراءات والمتطلبات .

3 - كما يترتب على عملية التقنين ، اكتساب صفة الشرعية لمراحل وإجراءات التخطيط العمراني ونطاق تطبيقه والإجراءات التي تتخذها أجهزة التخطيط العمراني ضمن مراحل وعمليات التخطيط .
4- تنظيم وتحديد العلاقة فيما بين السلطة العامة المسؤولة عن التخطيط العمراني ، والأطراف الأخرى ذات الصلة من مطورين عقاريين وملاك واستشاريين وأصحاب المصالح من الجمهور .. الخ .

5 - تحقيق العدالة التخطيطية : إن إتباع سلطات التخطيط الحضري لإجراءات محددة مرتكزة على نصوص وتشريعات تخطيطية موحدة ، يؤدي إلى تحقيق نوع من العدالة التخطيطية في المجتمع ، حيث تكون قرارات سلطات التخطيط العمراني واحدة ، فيما يتعلق بالقضايا التخطيطية المتشابهة .
6– إن الالتزام بتطبيق تشريعات تخطيطية موحدة ، يؤدي من ناحية أخرى إلى استقرار وضبط النظام الحضري على المستوى القطاعي ، ويحقق الانسجام والتوازن في الأنماط العمرانية على مستوى المناطق أو الأحياء .
7 - إن وجود قوانين وتشريعات التخطيط العمراني ، ضروري جدا لممارسة عملية المراجعة والطعن في القرارات التخطيطية ،  حيث يشكل الأساس القانوني للجهات المختصة بمراجعة قرارات سلطات التخطيط العمراني ، للنظر فيما إذا كانت قرارات سلطات التخطيط قانونية أم لا ، وذلك في حالة النزاعات وطلب المراجعة من أصحاب العلاقة .
ولا يختلف الأمر ، سواء كانت المراجعة عن طريق الجهات القانونية داخل الهيئة المناط بها عملية التخطيط العمراني ، أو في حالة اللجوء إلى القضاء ، فتكون تلك النصوص مرجعا قانونيا للسلطات القضائية المختصة بالفصل في المنازعات والدعاوى المتعلقة بالقضايا التخطيطية بين الإدارة التخطيطية والجمهور أو الاستشاريين او أي من الأطراف ذات الصلة .
8 – اكتساب الجهاز الفني القائم باعباء ومسؤوليات التخطيط نوعا من الحصانة الإدارية ، ذلك أن السلطة التنفيذية المختصة بالتخطيط العمراني ، هي شخصية معنوية عامة ، تقوم بوظيفتها الإدارية وتباشرها بواسطة جهازها الفني ، وما يقوم به هؤلاء من ممارسات أو تصرفات قانونية ومادية ، وما يترتب عليها من حقوق والتزامات ، تنصرف آثارها إلى ذلك الشخص المعنوي ، ولا يكونون مسؤولين تجاه الأطراف الأخرى بصفتهم الشخصية ، ومن هنا يجب وضع الإطار القانون والشرعي لعملهم ، الذي يمنحهم تلك الصلاحيات خاصة وأن من هذه الصلاحيات ما يمس حقوق وحريات الأفراد المكتسبة تجاه ملكياتهم من الأراضي .
9 - إن قوانين التخطيط العمراني هي الأداة القانونية التي تحدد بالنتيجة الطابع العمراني للمدينة ، وذلك لما لهذه القوانين من أثر مباشر في تشكيل وتغيير البيئة المبنية للمدينة المعاصرة ، وفقا لمستلزمات الصحة العامة والأمن والراحة للسكان ، بالإضافة إلى تحقيق جمال وتنسيق المدن والقرى ، وبالتالي فإن غياب أو ضعف هذه القوانين يعني وجود مجتمعات حضرية غير صحية ، وذات كفاءة متدنية وظيفياً وعمرانياً وجماليا 

الباب الثالث

أنظمة وتشريعات الأراضي وحيازتها وتنظيمها لجوانب التخطيط والتنمية العمرانية
في السودان.

الفصل الأول
القوانين والتشريعات المنظمة للأراضي وحيازتها
أولا : قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م :-
تناول هذا القانون أحكاما كثيرة تفوق أكثر من 400 مادة كلها تتعلق بالأراضي كاحديث عن الملكية والملكية  الشائعة وملكية الأسرة وملكية الطبقات والشقق ومنح منافع الأراضي وكسب الملكية بالحيازة وغيرها من أسباب كسب الملكية .
ثانيا : قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي  لسنة 1994م :-
وينظم هذا القانون سلطات الجهات ذات الصلة بمنح الأراضي واجراءات منحها وكيفية اعادة التخطيط واجراءتها وغير ذلك من الاجراءات المتعلقة بسلطات الجهات المختصة بذلك .
ثالثا : قانون حماية الطرق القومية لسنة 1994م :
   وينظم هذا القانون المسائل المتعلقة بالطرق القومية وحمايتها وقد عرف هذا القانون الطريق القومي بأنه (يقصد به أي من الطرق القومية المحددة في الجدول الملحق لهذا القانون ويشمل الطرق القومية التي تنشأ مستقبلاً أو التي يرى الوزير اضافتها للجدول كما عرف حرم الطريق بانه المسافة من محور الطريق القومي ويحظر اقامة منشآت داخلها) .
رابعا : قانون حماية الآثار لسنة 1999م :-
  عرف هذا القانون كلمة الآثار بانه يقصدبها أي شئ خلفته الحضارات أو تركته الأجيال السابقة مما يكشف عنه أو يؤثر عليه سواء كان ثابتا أو منقول مما يرجع تاريخه الي مائة عام , ويجوز للهيئة أن تغير لأسباب فنيه أو تاريخية اي عقار أو منقول أثراً اذا كان للدولة مصلحة في حفظة وصيانته بصرف النظر عن تاريخه , واعتبر هذا القانون الوثائق والنخطوطات وبقايا السلالات البشرية والحيوانية والنباتية من الآثار كذلك .
   وقد عرف هذا القانون الأرض الأثرية بأنها الأرض التي يقع بها الموقع الأثري أو المبنى التاريخي وتضع حدودها الهيئة .
           كذلك اجازت المادة 5 من ذات القانون نزع ملكية اي موقع أو مبنى تاريخي كما لها الحق في نزع أي حق ضروري للمرور أو طريق للوصول اليه ولها الحق في نقل أي أثر من أي أرض لاتملكها مع ضمان التعويض العادل بقيمة الأرض دوت اعتبار لوجود
الأثر الموجود فيها خامسا قانون حماية الصيد والحظائر الاتحادية 1986م ونص هذا القانون على حق وزير الداخلية في انشاء مناطق محجوزة لحماية التكوينات الجيلوجية ذات القيمة العلمية أو العمالية الخاصة وحظر الصيد فيها أو استغلال موجوداتها بطريقة مخربة للحياة البرية والبيئة الطبيعية .
سادسا : قانون حماية البيئة لسنة 2001 :
عرف هذا القانون البيئة بأنها مجموع النظم الطبيعة بمكوناتها من العناصر الأساسية كالماء والهواء والتربة ونبات وتشمل أيضا مجموعة النظم الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الانسان والكائنات الأخرى و يستمدون منها قوتهم ويؤدون فيها نشاطهم .
   من جانب آخر عرف هذا القانون حماية البيئة بانها حفظ التوازن الطبيعي الدقيق للبيئة ومنع تلوسها وتدهورها وترشيد الاستغلال حسب طاقة الموارد وعدم التسبب في ابادة أي من الكائنات الحية .
وقد اهتم هذا القانون بحماية البيئة فأنشاء لها مجلس سمي المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية كما حدد القانون موجهات حماية البيئة منها اعداد دارسة تعدها لجنة تسمى لجنة التقويم والمتابعة بالمجلس في حال التصديق على مشاريع أو برامج يتوقع تأثيرها على البيئة وذلك لتقديم دراسة عن الأثر المتوقع للمشروع المقترح والآثار السالبة التي يمكن تفاديها والبدائل المتاحة للمشروع المقترح .
    هذا وقد حدد هذا القانون جملة من المخالفات في المادة 20 منه يمكن الاشارة لها في الآتي :-
1- تلويث الهواء .
2- تلويث مصادر المياه كالأنهار الحية وتلويث التربة باضافة مواد أو تركيبات ضارة .
3- التلويث الوبائي أو الاشعائي أو الصوتي أو الضوئي .
4- تلويث الفضاء النابع عن العمليات الفيزيائية أو الكيميائية أو خلافها .
5- تهديد الحيونات والكائنات الحية الأخرى والصيد الجائر أو الاعتداء على بيئاتها ومحمياتها الطبيعية .
6- الازالة والقطع الجائر للأشجار .
7- نشر الكائنات المعدلة وراثيا .
8- تغير مسار المجاري الطبيعية للمياه والأنهار والأودية .
9- وقد حدد القانون عقوبات في حالة المخالفة .
سابعاً : قانون الثروة النفطية لسة 1998 :-
    لقد عرف هذا القانون الأرض بانها يقصد بها أي أرض داخل حدود السودان الاقليمية بما في ذلك الأرض المغموره بالمياه بصفة دائمة أو متقطعة .
   ويعتبر القانون النفط ثروة قومية ملكاً للدولة تديره الحكومة الاتحادية .
ثامناً : قانون تحديد الأراضي ومسحها 1905 :-
   هذا القانون ساري ومهم وقد حدد كيفية وضع علامات على الأرض وحدودها بواسطة سلطات المساحة .
تاسعا : قانون تسوية الأراضي وتسجيلها لسنة 1925 :-
   وهو القانون الذي ينظم تسوية حقوق الأشخاص على الأراضي وتحديد الأرض وفتح السجل واستخراج شهادات البحث وهو  قانون يحفظ للأشخاص حقوقهم وتعد مكاتب التسجيلات كالبنوك التي تحفظ فيها الأموال المنقولة فهو يحفظ الأموال العقارية وينظم التعمل فيها .
عاشراً : قانون تشجيع الاستثمار القومي لسنة 2013 :
     عرف هذا القانون الأراضي القومية والاستثمارية بانها الأارضي التي يتم تخصيصها للاستشمارات القومية وفقاً للموجهات الاستثمارية المعدة بالتنسيق مع الوزارات المختصة والولايات وينص القانون في المادة 25 منه على سلطة على الجهاز  القومي للاستثمار في تخصيص الأرض اللازمة لقيام المشروع القومي الاستثماري بالسعر التشجيعي وذلك بالتنسيق مع سلطات الولايات , كما نص على سلطته في تسجيل الأراضي للمشاريع الصناعية والخدمية والتخطيط التفصيلي والفني وعمل الخرائط اللازمة وايداعها لدي الجهاز ا القومي للاستثمار ليقوم بتخصيصها .
أحد عشر : قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930 :-
   ينظم هذا القانون إجراءات نزع ملكية الأراضي وقد أعطي هذا القانون هذه السلطة لشخصين هما رئيس الجمهورية ووالي الولاية , ونص علة أن أسباب التخدام هذا الحق تكون في حالة أنه يرى رئيس الجمهورية أو الوالي أن أرضا في أي مكان يحتمل أن تكون مطلوبة بصورة دائمة أو مؤقتة لأي غرض عام , وتتم الاجراءات بأن يتم نشر اعلان بذلك في الجريدة الرسمية , كما نص على تعيين ضابط نزع للأرض وحدد كيفية إجراءات التعويض للارض المنزوعة 


الفصل الثاني
ضوابط وتنظيمات المناطق السكنية في الثشريعات السودانية
 ضوابط وتنظيمات المناطق السكنية يحكمها عدد من القوانين مثل قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي لسنة 1994 وقانون تنظيم البناء لولاية الخرطوم لسنة 2008م كما توجد بعض اللوائح في هذا الشأن مثل لوائح تنظيم القرى ولوائح تخطيط المساكن العشوائية .
   ونتناول ما ورد بها في هذا الشأن وفقاً لما يلي :
أولا في الجهات المختصة بضوابط تنظيمات المناطق السكنية في قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي لنية 1994 :-
   عرف هذا القانون المدينة بأنها (أي مجموعة من المساكن يضفي عليها الوزير صفة مدينة لأغراض هذا القانون أما القرية فقد عرفها بأنها أي تجمع سكان في أي منطقة تم تعيين حدودها بواسطة الوزير لأغراض هذا القانون ), والوزير هنا يقصد به وزير التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي .
   وقد نص هذا القانون عن الجهات المسئولة عن تنظيم المناطق السكنية على النحو الآـي :-
1- المجلس القومي للتخطيط العمراني والتصرف في الأراضي  :
وفقا لهذا القانون ينشأ مجلس يسمى المجلس القومي للتخطيط العمراني والتصرف في الأراضي ويعين رئيسه رئيس الجمهورية بناء على توصيه مجلس الوزراء .
    يتكون المجلس من الأتي :-
أ‌-        وزارء التخطيط العمراني بكل ولاية .
ب‌-   مدير مصلحة المساحة .
ت‌-   وكلاء وزارات الزراعة , المالية , الحكم الاتحادي وممثل لوزارة الاستثمار ".
ث‌-   خمسة أشخاص من ذوي الكفاءات والخبرة في مجال التخطيط العمراني والاسكان .
اختصاصات المجلس :
أ/ وضع الاستراتيجيات العمرانية القومية وما يتصل بها من سياسات تكفل ترشيد استخدام الأرض في كافة المجالات .
ب/ تطوير الأساليب التي تؤدي للمشاركة والتنسيق بين أجهزة التخطيط على كافة المستويات بالولايات .
جـ/ اجراء الداراسات والبحوث في المجالات المتصلة بالتخطيط العمراني خاصة في مجال استخدام الأرض للأغراض السكنية والنقل والخدمات البلدية والريفية .
د/ مراجعة مشاريع الخطط الموجه للنمو العمراني بالولايات وتقديمها لمجلس الوزارء .
هـ/ التصديق على الهياكل العمرانية للمستوطنات والمجمعات السكنية بالمشاريع الانمائية الكبري.
و/ التصديق على تغيير مجال استخدام الأرض المجازة من قبل مجلس الوزراء .
ز/ مراقبة أداء أجهزة التخطيط بالولايات .
ك/اعداد مشروعات القوانين التي تحقق تنفيذ سياسات التخطيط العمراني .
م/ وضع خطط تدريب المهندسين والمخططين العاملين بالولايات وباقامة المؤتمرات والحلقات الدراسية لرفع كفاءتهم .
2-الوزير   :
ويقصد به وزير التخطيط العمراني وهو الجهة  الثانية التي منحها القانون سلطة تنفيذ سياسات التخطيط العمراني ومنحه مهام متعددة تتمثل في التوجيه بوضع خطة في اطار الخطة العمرانية القومية والاشراف على تنفيذ السياسات والخطط الاسكانية , وتعيين حدود المدن والقرى وتعديلها , وتحويل القرى التي اكتسبت السمات الحضرية الي مدن , والتوصية بتغيير استخدام الفسحات والميادين العامة
3-لجنة الولاية للتخطيط العمراني
              هذه اللجنة تعد الجهة الثالثة التي لها سلطة وضع ضوابط وتنظيمات المناطق السكنية تشكل بقرار من والي الولاية بناء على توصية من الوزير وبراعي فيها تمثيل الجهات ذات الصلة .
   وتتمثل مهام اللجنة في اعداد السياسة العامة للتخطيط العمراني والاسكان وأسس تخصيص واستخدام الأرض , اجازة تغيير استخدام الفسحات والميادين العامة , تحديد درجات الأرض وتغييرها , التصديق على مشاريع خطوط المواصلات وتحديد المواقف العامة لها في المدن , وضع ضوابط حماية المباني والمناطق ذات الأهمية المعمارية والتاريخية والخطط الخاصة بالتصديق على اقامة المواقع التجارية والحرفية في الأحياء السكنية .
ثانيا : ضوابط التنمية والتخطيط والتصميم المعماري في قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي لسنة 1994:-
  وضع هذا القانون ضوابط للتنمية والتخطيط العمراني والتصميم والمعماري يمكن الاشارة اليها فيما يلي :-
1- نزع الأراضي في حالة عدم التعمير  :
يقصد بالأرض التي لم تعمر وفقا لهذا القانون تلك الأرض التي لم يتم تعميرها مادياً بالطريقة والأغراض التي منحت من اجلها , ولا يأبه القانون بالأسباب التي أدت للعجز عن التعمير , ويجوز للجنة الولاية للتخطيط العمراني طلب نزعها وفقا لأحكام قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930 كما لو كانت أرضاً مطلوبة للمصلحة العامة , ويتم تقدير التعويض وفقا لضوباط حددها القانون .
2- تغيير استخدام الأرض :
   يجوز للجنة المذكورة تغيير غرض استخدام الأرض وفقا لمقتضيات الخطة الموجه لمنطمة ما , ويجوز أن يكون فرق التحسين عينا أو نقداً وفرق التحسين هو المبلغ المدفوع بغرض تعديل استخدام الأرض و في حالة كون الفرق عيناً تستقطع مساحة لتسجل باسم الحكومة شريطة أن لا يقل نصيب المالك عن 25% من المساحة .
  وتكون المساحات الخاصة بالطرق والميادين والمرافق العامة من نصيب الحكومة وتسجل دون تعويض .
3-حظر التسجل والتعمير والبناء دون اذن :
من الضوابط التي ينص عليها القانون في اطار تنظيمات المناطق السكنية عدم جواز تسجيل أي أرض أو منح الاذن بالتعمير أو البناء عليها الا بعد التأكد من سداد جميع المبالع المستحقة كفرق تحسين .
4-وضع عقوبات على قيام أي شخص يقوم الأفعال التالية :
أ/ التعمير دون الحصول على اذن بذلك .
ب/ بناء بناية متعددة الطوابق دون الحصول على تصديق بذلك .
ج/ التعمير أو  البناء في  أرض غير مخططة أو محددة  الدرجة أو الأغراض  او الاستخدام .
5-اعادة التخطيط :
يعد اعادة التخطيط واحداً من ضوابط وتنظيمات المناطق السكنية وفقاً لقانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي 1994مو يتم التخطيط وفقاً للضوابط التالية :-
أ/ يختص باجرائه واتخاذ القرار بشانه والي والولاية المعنية بناء على اقتراح الوزير .
ب/ يتم اتخاذ القرار باعادة التخطيط اذا اتضح أن ذلك مرغوب فيه من أجل الصحة العامة أو رفاهية السكان أو التطوير.
جـ/ يتم الاعلان عن النية في اعادة تخطيط التخطيط في الجريدة الرسمية ويكررالإعلان في الأماكن المناسبة .
د/ لايجوز لأي شخص بعد نشر الاعلان القيام بانشاء مباني جديدة أو سور أو اصلاحات في أي مباني قائمة الا بإذن الوزير.
هـ/ بعد الاعلان يأمر الوالي باعداد الخريطة العامة للتخطيط الجديد ويجوز أن تتضمن تغيير درجة الأرض .
و/ يتم رفع مسودة الخريطة العامة للجنة اعادة التخطيط ومن ثم تعاد للوزير لاجازتها بتعديلات أو بدونها .
ز/ تعيين ضابط لاعادة التخطيط بواسطة الوالي بتوصية من الوزير , بناء على اسمه أو وظيفته ولجنة من أربعة أعضاء .
كـ/ تمثيل الاشخاص ذوي المصلحة في لجنة اعادة التخطيط .
ل/ تقدير الضرر والزيادة التي طرأت على أي مساحة قطعة وتقدير التعويض للمتضررين .
م/  يجب أن لا تقل مساحة أي قطعة أرض داخل مشروع اعادة التخطيط عن مائتي متر مربع كحد أدنى .
6- ضوابط التصرف في الأراضي الحكومية :
نص قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي الحكومية كما يلي :
أ/ ابرام عقد ايجار بين الحكومة ويمثلها مدير عام مصلحة الأراضي والمستأجر كطرف ثاني من ثلاثة صور واحدة لكل طرف وترسل الثالثة لمكتب التسجيلات المختص .
ب/ لايجوز النتازل عن حيازة الأرض الا بعد أخذ موافقة الوزير .
جـ/ يجب على المستأجر أو المنتفع الالتزام بشروط عقد الايجارة وعدم استثمار الأرض دون الحصول على موافقة سلطات الأراضي .
د/ في حالة عجز المستأجر عن تعمير الأرض المؤجرة خلال المدة الابتدائية أو امتداد لها يجوز للسلطات المختصة الغاء عقد الايجار واستراد قطعة الأرض .
         ثانياً: الرقابة والسيطرة علي المخططات العمرانية وفقا لقانون تنظيم البناء ولاية الخرطوم 2008 وقانون المعاملات المدنية 1984
1/: قانون البناء 2008 :-
    يختص قانون تنظيم البناء ولاية الخرطوم لسنة 2008 بارقابة والسيطرة على المباني , ونشير هنا الي أنه قانون ولائي مما يعني أنه تكون له نظائر في غير ولاية الخرطوم .  وسنتاول فيما يلي الضوابط التي وضعها هذا القانون لإحكام السيطرة على والرقابة على أعمال البناء والمخططات العمرانية .
أ: ترخيص وشروط  البناء واجراءاته :-
    ترخيص البناء وفقا لهذا القانون يقصد به الترخيص الصادر  من الادراة العامة أو المحلية بحسب الحال , الادراة يقصد بها ادراة المباني وضبط النموء العمر اني بوزارة التخطيط العمراني , والمحلية يقصد بها أي من محليات الولاية وينبني على الترخيص ما يلي :-
_لا يجوز انشاء مباني جديدة  أو تعديل مباني قائمة الا بعد الحصول عليه مع التأكدان الانشاء أو التعديل يتم وفقا للغرض الذي من أجله تم تخصيص الأرض .
_يجب تقديمه وفقا للنموذج الذي تحدده اللوائح .
_ تعتبر المخطات الهندسية وأي مرفقات أو شروط صادرة مع الترخيص جزء لا يتجزء منه .
_يسري الترخيص للمدة التي يتم تحديدها فيه ويمكن تجديده لمدة أو مدد أخرى .
_في حالة الاخلال بشروط الترخيص يجوز للادارة أو المحلية الغاء الترخيص .
_يجب أن تكون الأرض محل الترخيص باسم المالك وأن يكون قد تم تسليمها له بواسطة سلطات المساحة .
 ب:شروط ومواصفات البناء:
  حدد القانون هذه الشروط والمواصافات وفقا لما يلي :-
_ يجب أن يتم تنفيذ البناء وفقا للشروط الفنية والمواصفات القياسية التي يحددها القانون واللوائح .
_ يجب أن يعهد المالك المرخص له بالبناء بمهندس للاشراف على تنفيذ المباني .
ـيكون كل من المهندس المشرف والمقاول مسئولين أمام الادارة عن أي أعمال تم تنفيذها بما يخالف الترخيص .
ج /التفتيش :-
  وفقا لهذا القانون يجوز للادارة أو المحلية بحسب الحال دخول المواقع تحت التشيد أو جزء منها وتفتيشها فني ا للتأكد من مطابقتها للمواصفات والاشتراطات الواردة في ترخيص البناء .
د/: تدابير السلامة :-
   وهو واجب ملقي على عاتق المقاول أو المرخص له بالبناء ويتمثل في الآتي :-
اتخاد التدابير والاحتياطات اللازمة لتأمين دخول وخروج المعدات من والي الموقع بما يحفظ سلامة العمال والمارة والمباني المجاورة .
_ عمل سياج واقي للمباني تحت التشييد في المناطق التجارية والمناقط ذات الكثافة السكانية العالية والكثافة المرورية .
_توفير الشروط الضرورية للحد من التأثرات البيئية خلال مرحلة التنفيذ وذلك بالتقيد بمواعيد العمل والحد من ضجيج الالات واتخاذ الوسائل الضرورية واللازمة للحد من انبعاث الغبار والأتربة .
ه: المباني التي تشكل خطر اً أو ضررا للبيئة :-
    وفقا لهذا القانون فانه يجوز للادراة أو المحلية اذا رأت أن مبنى لم يكتمل أصبح يشكل أو يحتمل أن يشكل ضرراً بالبيئة فيجوز لها أن تأمر مالكه باتخاذ التدابير اللازمة لمنع ذلك , واذا كان يشكل ضرراً على الأشخاص أو الممتلكات فيجوز لها الأمر باخلائه أو اصلاحه وفي حالة الضرورة أو الرفض يجوز لها القيام بالاصلاح أو الازالة والرجوع على المالك بالتكاليف والرسوم .
2/: قانون المعاملات المدنية لسنة 1982 :
نظم هذا القانون فيما يلي موضوع تنظيم الرقابة  على المخططات السكنية موضوع ملكية الطوابق والشقق وذلك على النحو التالي :
أ/ اجاز القانون لأي شخص مالك عين أو منفعة أرض اقامة عمارة عليها مقسمة الي طوابق وشقق .
ب/ يجب تسجيل الطابق أو الشقة اذا كانت الأرض المقام عليها العمارة مسجلة مع توضيح رقم قطعة الأرض المقام عليها , رقم الشقة أو الطابق , المساحة , اسم المالك وجنسيته .
جـ/ يكون ملاك طبقات العمارة أو شققها شركاء في ملكية الأرض والاجزاء المعدة للاستخدام المشترك وهي الأثاثات , الجدران  الفاصله , الأسطح والسلالم والأفنية , الممرات , المصاعد , غرف البوابين , المجاري , أجهزة التبيرد والتدفئة .
د/ تترتب مسئوليات تجاه  مالك العلو ومالك السفل كلا منهم تجاه الأخر بحيث يمتنع الأضرار .
هـ/ يجوز للملاك في أي عقار مقسم الي طبقات وشقق أن يكونوا اتحادا فيما بينهم لإدارة العقار والانتفاع به تكون له لوائح أو قواعد توضع صورة منها لدي المسجل العام للأراضي .
و/ يجوز لصاحب الملكية المفرزة التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات بالبيع أو ايجار ... الخ .
ز/ في حالة ملاك العمارة كليا  أو جزئيا يلتزم الملاك بالقرار الذي يصدره الاتحاد فيما يتعلق بمصير المبنى وما يترتب على ذلك بالنفقات وكيفية دفعها .
3/ لوائح معالجة السكن العشوائي وإعادة التخطيط :
تعد اللوائح بصفة عامة تشريعات مثلها مثل القوانين وتأخذ قوة القانون إذا صدرت وفقاً للأسس القانونية السليمة و تسمي بالتشريعات الفرعية ، وفي إطار معالجات السكن العشوائي وإعادة التخطيط في ولاية الخرطوم صدرت لوائح تشمل معالجات لمناطق السكن العشوائي والذي نتج عن النزوح من الولايات للمدن الكبيرة نتيجة للظروف المعيشية أو الحروب حيث يتمثل السكن العشوائي في إستيلاء الاشخاص النازحين علي أراض حكومية في الغالب والبناء عليها بصورة غير مخططة ومنظمة مما ينتج عنه إشكالات عدة أمنية وتنموية وإجتماعية .
وللتمكن من إتخاذ قرارات لتخطيط هذه المناطق للتمكن من جعلها بيئة حضرية منظمة تليق بالإنسان وتمكن الدولة من تقديم  الخدمات له تم وضع اللوائح المشار إليها والتي تشتمل علي أسس للإستحقاق بالمنطقة المعنية إذا إنطبقت علي الشخص يصبح مستحقاً لقطعة أرض داخلها .
ويمكننا تلخيص ما ورد بهذه اللوائح فيما يلي :
أ / ان يكون الشخص سودانياً.
ب/ أن يكون قد شيد منزلاً وتمت دراسة حالته في الاعوام 76أو 87أو شيد منزله قبل 1990.
ج/ أن يكون متزوجاأو أرملا أو مطلقا واذا كان أعزب يجب أن يكون عائلاً لأسرة .
د/ أن تكون أسرة الشخص مرتبطة بالسكن فعلياً ويستنثي من ذلك موظفو الدولة الذين يعملون بالولايات والمغتربين .
ه/أن لا يكون مالكا لقطعة أرض أخري هو أو أسرته بالعاصمة .
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين