السبت، 28 فبراير 2015

الجرائم الواقعة علي أجهزة الصراف الالي في القانونين السوداني والأردني



بسم الله الرحمن الرحيم
الجرائم الواقعة علي أجهزة الصراف الالي في القانونين السوداني والأردني
الدكتور .إبراهيم قسم السيد محمد طه.
مستشار أول / وزارة العدل جمهورية السودان .استاذ القانون المتعاون جامعة السودان المفتوحة

مقدمة :
في عصرنا الحاضر تطورت أدوات التقانة ودخلت إلي جميع مناحي الحياة , ولم يكن القطاع المصرفي بعيدا ً عن هذا التأثر فظهرت بطاقات الصراف الالي التي صارت بديلاً عن الصراف التقليدي إن جاز القول فلم يعد عميل البنك في حاجة للذهاب بنفسه إلي مقر البنك لصرف مبلغ ما غذ صار بإمكانه فعل ذلك متي ما إمتلك بطاقة الصراف الالي التي تخوله صرف المبلغ المطلوب , غير أنه لما كان كل جانب من جوانب الحياة له وجهان فقد ظهرت جرائم خاصة بهذه الأجهزة وهي ما ستناوله في هذا البحث .
أولاً : أهمية موضوع البحث :
  تنبع أهمية موضوع البحث من جدة الموضوع الذي يتناوله مستنداً علي أن إنتشار أجهزة الصراف الالي حديث نسبياً خاصة في معظم البلدان العربية , مما يستدعي البحث في هذا الموضوع خاصة وان ما يحدث من جرائم يتداخل بين الجرائم التقليدية والجرائم المستحدثة المعروفة بجرائم الكمبيوتر أو جرائم المعلوماتية ولمعرفة مدي تغطية القانون في السودان والأردن لهذا الجانب .
ثانياً: مشكلة البحث:
تتمثل مشكلة البحث في الأسئلة التالية :
1/ ماهي أجهزة الصراف الالي والتقنية التي تعمل بها .
2/ ماهي نوعية الجرائم التي ترتكب ضد أجهزة الصراف الالي والقوانين التي تحكمها .
3/ هل تغطي القوانين في السودان و الاردن هذه الجرائم التي ترتكب ضد أجهزة الصراف الالي
ثالثاً : منهجية البحث :
لما كان موضوع البحث متعدد الجوانب فهذا يجعل الامر يتطلب المزج بين عدد من مناهج البحث وهي المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن بحسبان أن الموضوع يتناول الجوانب المتعلقة بجرائم الصراف الالي في اكثر من قانون .
رابعا ً : تقسيمات البحث
قسمنا البحث الي الاقسام التالية :
المبحث الأول : ماهية الصراف الالي وكيفية عمله .
المبحث الثاني : الجرائم التقليدية الواقعة علي الصراف الالي وأحكامها في القانونين السوداني والأردني .
المبحث الثالث : الجرائم المستحدثة الواقعة علي الصراف الالي وأحكامها في القانونين السوداني والأردني .
الخاتمة . النتائج والتوصيات والمراجع .
المبحث الأول .
ماهية الصراف الالي وكيفية عمله
الصراف الآلي هي جهاز من أجهزة  الحاسوب والاتصالات السلكية واللاسلكية التي توفر لعملاء المؤسسات المالية الحصول على المعاملات المالية في الأماكن العامة دون الحاجة إلى وجود حقوق أو كاتب البنك الصراف في الوقت الذي يحدده  الزبون بإدخال بطاقة الصراف الآلي  المصنوعة من البلاستيك مع شريط مغناطيسي أو بطاقة بلاستيكية ذات رقاقة تحتوي على رقم بطاقة فريدة من نوعها، وبعض المعلومات الأمنية مثل تاريخ انتهاء البطاقة وشفرة خاصة بها. وتوفر الأمن للعميل بحيث يمتنع دخول غيره الدخول  لجهاز الصراف الالي لوجود رقم هوية خاص بالعميل ورقم الهوية (رقم التعريف الشخصي).و يطلق على هذه الآلة اختصاراً ATM أي (بالإنجليزية: Automated tellermachine).
باستخدام أجهزة الصراف الآلي، يمكن للعملاء الوصول إلى حساباتهم المصرفية من أجل جعل سحب النقود وفحص أرصدة الحسابات. ومن المعروف أن أجهزة الصراف الآلي  لها أسماء أخرى مختلفة بما فيها آلة الصراف الآلي، آلة المال، والبنك الآلي، ثقب في الحائط، نقطة السحب، Bancomat (في بلدان مختلفة في أوروبا وروسيا)،
تاريخ الآلة
بداية اختراع آلة الصراف الآلي كانت في نيويورك حين قام لوثر جورج سيمجيان عام 1939 باختراعها وتركيبها في مصرف سيتي بانك، ولكن الآلة أزيلت بعد 6 أشهر بسبب عدم تقبل العملاء لفكرتها. فيما بعد لم تطرح فكرة الآلة مرة أخرى إلا بعد أكثر من 25 عام مما حدث، قامت De LaRue بطرح أول جهاز صراف آلي إلكتروني، جرى تركيبها في مدينة Enfield وهي مدينة في شمال لندن في 27/ يونيو/ 1967 من قبل بنك بارك ليز. ويعد جون شبرد - بارون هو أول من اخترع آلة صراف آلي إلكترونية لصالح بنك بارك ليز بالرغم من أن هنالك الكثير من براءات الاختراع التي سجلت إلى مخترعين آخرين في الوقت نفسه. في 2005 منح جون شبرد-بارون وسام OBE البريطاني كما أضيف إلى قائمة الشرف حيث أنه أضاف إلى العالم الكثير بسبب اختراعه المهم.
كانت مشكلة جون شيبرد بارون عندما أراد إختراع الآلة أنه لا يستطيع الحصول على النقود بسبب عطلة السبت والأحد إضافة إلى أنه كانت هنالك إجازة لمناسبة معينة ذلك الوقت، وبسبب الحاجة الملحة للمال في أيام إجازة البنك تبلورت عند جون الفكرة التي كان عنوانها : بنك مفتوح 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع. ذهب جون ليلتقي بمدير البنك الذي يعمل به " بارك ليز " لعرض فكرته الجديدة، عندما سمع المدير الفكرة طلب من جون أن يحولها إلى آلة أو ماكينة سهلة الاستعمال وبالتالي فإنه سيشتري منه هذه الآلة الغريبة فوراً. وانشغل جون مدة عام كامل يحاول اختراع هذه الماكينة حتى توصل في النهاية إلى نموذج أول ماكينة صراف آلي أعلن عنها عام 1967 حيث قام بنك باركليز بافتتاح البنك الآلي المفتوح على مدار الساعة. وتوقع الكثيرون فشل هذا الاختراع إلا أنه الآن يعد من أكثر الاختراعات انتشاراً حيث أن الإحصائيات تقول بأن في العالم أكثر من مليون ونصف ماكينة وقد تم الاحتفال في ولاية فلوريدا في فبراير 2007 بمرور 40 عاماً على هذا الاختراع حيث كان جون شبرد-بارون ضيف الشرف الذي جاوز سن الـ80.
وتحتوي الة الصراف الالي علي عدد من الأجزاء أهمها وحدة معالجة مركزية (للتحكم بالآلة) وبطاقة ممغنطة أو رقائق لتخيير العميل بين الخيارات التي يتيحها الصراف الالي , مثل المبلغ المطلوب ونوعية الخدمات التي يتيحها الصراف وهو جزء مشابه للآلة الحاسبة وكثيراً ما يصنع كجزء من الآلة. شاشة وعادة ماتكون LCD قابلة للمس هذا إلي جانب وحدة صرف النقدية وحدة طباعة اليومية وحدة الاشعارات وحدة قراءة الكروت وحدة الايداعات وحدة المظاريف الانكريبتور(الخاص بالشفرة .
ويستطيع الزبائن الوصول إلى حساباتهم المصرفية من أجل سحب النقود. مراقبة أرصدة الحسابات. إتاحة الفرصة للإيداع النقدي أو الشيكات وتحويل الاموال بين الحسابات المصرفية إضافة لدفع الفواتير وشراء السلع والخدمات.
يتضح لنا مما سبق أن أجهزة الصراف الالي أصبحت أجهزة لا غني عنها , بل إنها أصبحت من ضمن الخدمات التي تتنافس البنوك في تقديمها للعملاء ليس من حيث الإنتشار الكمي فقط ولكن من حيث نوعية الخدمات التي تقدمها لعملائها عن طريق هذه الأجهزة . وفي إعتقادنا أن أجهزة الصراف الالي تعد واحدة من من الأدوات المهمة في الإقتصاد من حيث أنها شجعت عددا من الجهات خاصة القطاعات الحكومية وحتي القطاع الخاص علي تشجيع العاملين لديها علي فتح حسابات لدي المصارف مما زاد رأس مال هذه البنوك فضلاً عن تمكين الجهات المسئولة عن الجوانب المالية في الدولة من تحديد حجم الكتلة النقد\ية المتداولة إضافة لميزة توفير وقت العملاء وإتاحة الفرصة لهم للتعامل مع مدخراتهم بالبنوك في أية ساعة من ليل او نهار  , كما انها واحدة من أدوات تشجيع مفهوم الإدخار .
المبحث الثاني .
الجرائم التقليدية الواقعة علي الصراف الالي في القانونين السوداني والاردني
تعد اجهزة الصراف الالي من الأجهزة التي تعمل عن طريق شبكة المعلومات , وفي ذات الوقت هي أجهزة مادية ملموسة تحتوي علي اموال نقدية , وهذا يعني أنها تتعرض لنوعين من انواع الجرائم جرائم تقليدية _ إن جاز التعبير _ تقع علي الكيان المادي لهذه الأجهزة  وأخري تقع بإستخدام الشبكة المعلوماتية وبالتالي تعد من قبيل جرائم المعلوماتية ولكل واحد من هذه الجرائم خصائصه وطرق إرتكابه وسنتعرض لها في القانون السوداني والاردني في هذا المبحث والذي يليه
أولاً : الجرائم التقليدية الواقعة علي الصراف الالي في القانون السوداني.
كما أسلفنا فإن هناك عدداً من الجرائم يمكن أن تقع علي الكيان المادي لأجهزة الصراف الالي والنقود المودعة داخله , كما يمكن أن تقع جرائم علي الأموال المودعة به أو تلك المخصصة للإيداع به , وهذا النوع من  الجرائم تحكمه القوانين العقابية ولا تفترق عن غيرها من الجرائم التي يمكن أن تقع علي غيره , بمعني ان وصف الجريمة لا يتغير في هذه الحالات لمجرد أن الجهاز هو جهاز صراف الي , علماُ بأن هناك جرائم أخري سنتعرض لها تقع عليه لكنها تدخل في إطار الجرائم المستحدثة والتي تحكمها القوانين الخاصة بجرائم المعلوماتية علي إختلاف مسمياتها . ونتعرض لهذه الجرائم الواقعة علي الكيان المادي للجهاز والأموال الخاصة به أو المودعة به .
1/ جريمة السرقة:
نص المشرع السوداني علي أركان جريمة السرقه في المادة 174 من القانون الجنائي لسنة 1991
(2) من يرتكب جريمة السرقة ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة أو بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة .
من خلال هذا النص يتضح لنا أن أركان هذه الجريمة هي أن يكون المال محل الجريمة مالاً منقولا , مملوكاً للغير وفي حيازته وأن يأخذه الجاني دون رضا المجني عليه مع سوء القصد.وقد عرف القانون الجنائي السوداني المنقول في إطار تعريف العقار فنص في المادة 3 علي أن العقار هو الارض ومايتصل بها إتصال قرار وماعداه فهو منقول , أما سوء القصد فهو الفعل الذي يتم بقصد الحصول على كسب غير مشروع للجاني أو لغيره , أو بقصد تسبيب خسارة غير مشروعة لشخص آخر  . إذاً فإن الاستيلاء علي المال المودع في جهاز الصراف الالي إستيلاءاً ماديا يشكل جريمة السرقه , كما يمكن أن يشكل جريمة النهب المنصوص عليها في المادة 175 من ذات القانون إذا إقترنت بالتهديد أو إستخدام القوة الجنائية أو التهديد بها عند الشروع في الجريمة او اثنائها أو عند الهرب, كما يمكن أن تشكل جريمة الحرابة المنصوص عليها في المادة 167 والتي تفترق عن السرقة العادية والنهب في أنها تتم خارج العمران أو داخله مع تعذر الغوث , علماً  بأن المصارف درجت علي  الإستعانة بأفراد يتبعون للشرطة أو شركات أمنية خاصة يحرسون هذه الأجهزة وبالتالي يمكن تصور وقوع جريمتي النهب والحرابة في حقهم .
2/ جريمة خيانة الأمانة:
نصت المادة : 177ـ (1) (2) من القانون الجنائي السوداني 1991علي الاتي :يعد مرتكباً جريمة خيانة الأمانة من يكون مؤتمناً على حيازة مال أو إدارته ويقوم بسوء قصد بجحد ذلك المال أو امتلاكه أو تحويله إلي منفعته أو منفعة غيره أو تبديده أو التصرف فيه بإهمال فاحش يخالف مقتضى الأمانة , ويعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات كما يجوز معاقبته بالغرامة .
(2) إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مستخدماً لدى أي شخص أؤتمن على المال بتلك الصفة , يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز أربع عشرة سنة مع الغرامة أو بالإعدام
جريمة خيانة الأمانة في إطار الصراف الالي يمكن تصور وقوعها في القانون السوداني في فقرتها الثانية , أي الجريمة الواقعة من الموظف العام المكلف بتغذية الصراف الالي بالأموال إذا تصرف فيها بما يخالف مقتضي الأمانة , والملاحظ ان هذه الجريمة شُددت عقوبتها في حالة وقوعها من الموظف العام إلي درجة الإعدام.
ثانياً : الجرائم التقليدية الواقعة علي الصراف الالي في القانون الأردني:
1/جريمة السرقة:
نص قانون العقوبات الأردني لسنة 1961 بتعديلاته المتنوعة في المادة 399 الفقرات 1و2علي أن السرقة هي أخذ مال الغير المنقول دون رضاه. وتعني عبارة ( أخذ المال ) إزالة تصرف المالك فيه برفعه من مكانه ونقله وإذا كانمتصلاً بغير منقول فبفصله عنه  فصلاً تاماً ونقله.
-
وتشمل لفظة ( مال ) القوى المحرزة.

كما نصت المادة  منه 404 علي :يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة على السرقات التي تحصل في حالة من الحالتين التاليتين 1/في أماكن مقفلة مصانة بالجدران مأهولة كانت أم لا ، ومتصلة بمكان مأهول أم لا ، وذلك بنقب حائطها او بتسلقه او بكسر بابها او شباكها او بفتحهما بآلة او باستعمال الة مخصوصة أو مفاتيح مصطنعة ، او
2/بكسر أبواب الغرف او الصناديق الحديدية او الخزائن المقفلة الموجودة في مكان مأهول او غير مأهول ، او فتحها بآلة مخصوصة او مفتاح مصطنع ولو لم يتصل اليها بنقب حائط او بتسلق او بفتح الأقفال بآلة مخصوصة او مفتاح مصطنع .والملاحظ أن القانونين السوداني والأردني إتفقا في تعريف جريمة السرقة مع إختلاف طفيف في الالفاظ , كما أن المادة 404 أوردت تعريفاً للسرقة يتفق تماماً مع الاشكال التي توجد بها الصرافات الالية حيث أنها توجد عادة في أماكن مصانة بالجدران ولا يمكن الوصول إليها إلا بنقب الحائط للوصول إلي جسم خزينة الصراف الالي نفسه , أو فتح الباب المؤدي إليه عن طريق مفتاح مصطنع أو الة مخصوصة

2/ جريمة إساءة الإئتمان:
نصت المادة422 من قانون العقوبات الاردني علي :كل من سلم اليه على سبيل الأمانة او الوكالة ولأجل الابراز و  الاعادة او لأجل الإستعمال على صورة معينة او لأجل الحفظ او لاجراء عمل - بأجر او بدون أجر - ما كان لغيره من أموال ونقود واشياء وأي سند يتضمن تعهداً او ابراء وبالجملة كل من وجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه او بدله او تصرف به تصرف المالك او استهلكه او أقدم على اي فعل يعد تعدياً او امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه اليه ، يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير الى مئة دينار.
هذه الجريمة توازي جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في القانون السوداني والتي أشرنا غليه أنفا ًوالاختلاف بينهما يكمن في العقوبة حيث أشرنا إلي ان القانون السوداني أوصلها غلي درجة الإعدام .
المبحث الثالث
الجرائم المستحدثة الواقعة علي الصراف الالي وأحكامها في القانونين السوداني والأردني
أولاً:الجرائم المستحدثة الوقعة علي الصراف الالي في القانون السوداني:
 مع تطور العالم حالياً في المجال التقني ظهرت جرائم المعلوماتية أو جرائم الكمبيوتر أو جرائم الحاسوب , وهي واحدة من الجرائم الخطيرة بما تسببه من خسائر جمة فضلاً عن صعوبة إثباتها والترف علي مرتكبيها,  كما أنها لا تحتاج في إرتكابها لأكثر من البراعة في إستخدام أجهزة الحاسوب لذا فإن مرتكبيها تتفاوت أعمارهم ودوافعهم لإرتكاب هذه الجرائم .
هذا  و يحكم قانون جرائم المعلوماتية في السودان قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 والجرائم التي يمكن أن تقع علي أجهزة الصراف الالي  في هذا القانون نبدأها بالمادة المادة 11 والتي نصت علي الاتي : كل من يتوصل عن طريق شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو مافي حكمها عن طريق الإحتيال أو إستخدام إسم كاذب او إنتحال صفة غير صحيحة بغرض الإستيلاء لنفسه أو لغيره علي مال أو سند أو توقيع للسند ، يعاقب بالسجن لمدة لاتتجاوز أربع سنوات أوبالغرامة أو بالعقوبتين معاً.
الإحتيال هو الغش والخداع، وقد عرفه القانون الجنائي السوداني لسنة1991 في المادة 178 منه بأنه التوصل لخداع الشخص بأي وسيلة بغرض الحصول علي كـــــــــــسب غـــــــــــــــــــير مشروع لنفسه أو لغيره ، أو تسبيب خسارة غير مشروعة للمجني عليه أو لغيره .
وقد  زادت المادة 11 من قانون جرائم المعلوماتية  وصف كيفية إرتكاب هذه الجريمة بصورة أكثر مما هو وارد  في المادة 178 من القانون الجنائي لسنة 1991 ، حيث حدد هذا القانون إستخدام الإسم الكاذب أو إنتحال الصفة غير الصحيحة إضافةً للإحتيال وبهذا يكون قد وافق المادة 178 والتي جعلت الخداع  يتم بأي وسيلة كما إستخدمت المادة لفظ الإحتيال والذي يعني الغش أو الخداع بأي وسيلة  .ويمكن تصور هذه الجريمة في مجال جرائم الصراف الالي بإنتحال شخصية وفتح حساب يتم إستخدامه في جرائم مثل جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وخلافه , بقيام الجاني بتسليم بطاقات الصراف لاخرين يستخدمونها في سحب الاموال بعد تمليكهم الأرقام السرية دون ان يلتقي أفراد المجموعة إمعاناً في التخفي.
كذلك نصت المادة 14 من قانون جرائم المعلوماتية 2007علي الاتي كل من يستخدم شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب وما في حكمها للوصول الي أرقام أو بيانات للبطاقات الإئتمانية أو مافي حكمها بقصد إستخدامها في الحصول علي بيانات الغير أو أموالها وما تتيحه تلك البيانات والأرقام من خدمات يعاقب بالسجن تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا ً.
بطاقات السحب الآلي تعد واحدة من بطاقات الائتمان ، وهي تخول لحاملها إمكانية سحب مبالغ نقدية من حسابه بحد اقصي متفق عليه من خلال أجهزة السحب الآلي للنقود.
ووفقاً لهذه المادة فإن الجريمة المرتكبة بموجبها يمكن أن ترتكب بصورتين الصورة الأولي  من قبل الشخص حامل البطاقة نفسه ، وذلك بأن يتحصل عليها عن طريق تقديم بيانات مزورة عن شخصه للحصول علي بطاقة الإئتمان إبتداءاً شريطة أن يتم ذلك عن طريق إستخدام شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو مافي حكمها وفقا ً لنص المادة ، ويمكن تصور ذلك بأن يتقدم الشخص بالبيانات المزورة ، عن طريق موقع البنك الإلكتروني علي الشبكة العنكبوتية للحصول علي البطاقة . والصورة الثانية هي إستخدام شبكة المعلومات أو  أحد أجهزة الحاسوب في الحصول علي بيانات الغير حامل البطاقة ومن ثم إستغلالها في الحصول علي السلع او الخدمات ويتم ذلك في الغالب عن طريق الولوج غير المشروع إلي حواسيب البنك والحصول علي بيانات الأشخاص حاملي البطاقات ومن ثم إستغلالها ، والملاحظ أن الجاني يمكن أن يكون من داخل البنك نفسه كأن يكون هو الموظف المسئول عن حفظ البيانات  أو أي موظف آخر ، كما يمكن أن يكون ِشخصاً جاء عرضاً للبنك وإستغل فرصة إهمال الموظف المعني بترك جهاز الحاسوب مفتوحا ً أو تحصل علي كلمة السر للولوج للنظام ، أو قصد الحضور لذلك .
ثانياً:الجرائم المستحدثة الواقعة علي الصراف الالي في القانون الأردني :
 يحكم جرائم المعلوماتية او الحاسوب  في الأردن قانون أنظمة المعلوماتية لسنة 2010 وقد نصت المادة6- أ- منه علي:كل من حصل قصدا دون تصريح عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات على بيانات أو معلومات تتعلق ببطاقات الائتمان أو بالبيانات أو المعلومات التي تستخدم في تنفيذ المعاملات المالية أو المصرفية الالكترونية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تقل عن (500) خمسمائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
ب- كل من استخدم عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات قصداً دون سبب مشروع بيانات أو معلومات تتعلق ببطاقات الائتمان أو بالبيانات أو المعلومات التي تستخدم في تنفيذ المعاملات المالية أو المصرفية الالكترونية للحصول لنفسه أو لغيـــره على بيانـات أو معلومات أو أموال أو خدمات تخص الاخرين يعاقب بالحبس مدة لا تقــــل عن سنـــة وبغرامة لا تقل عن (1000) ألف دينار ولا تزيد على (5000) خمسة آلاف دينار.

ونصت المادة7 علي أن  تضاعـــف العقوبة على الجرائم المنصوص عليها في المواد من (3) الى (6) من هذا القانون بحق كل من قام بارتكاب أي منها أثناء تأديته وظيفته أو عمله أو باستغلال أي منهما.
هذا القانون جرم فعل الحصول علي معلومات بطاقات الإئتمان في صورتين بالتفرقة بين مرتكبها حيث نصت علي إرتكابها بواسطة الشخص العادي وبين من يرتكبها أثناء تأدية وظيفته أو عمله أو بإستغلال أياً منهما , ويلاحظ أن المادة 7 ضاعفت العقوبة في هذه الأخيرة , ولم تشر إلي الموظف العام العامل في القطاع الحكومي فقط مما يعني ان  هذه المادة تنطبق علي كل من كان يؤدي وظيفته حتي وإن كان يتبع للقطاع الخاص .
من جانب اخر فقد ربطت المادة 6 الحصول علي البيانات بأن يكون ذلك بدون تصريح وهذا يعني أن الحصول علي إذن من جهة مختصة ينفي القصد الجنائي عن مرتكب الفعل .
نخلص مما سبق إلي أن القانونين السوداني والأردني يحكمان الجرائم التي تقع علي أجهزة الصراف الالي في شقيها التقليدي والإلكتروني وإن كنا نري ان الجرائم التي تقع بواسطة شبكة المعلومات هي الأخطر مما يستدعي المزيد من البحث حول هذا الموضوع وتفصيل الجرائم التي تقع علي هذا الجهاز المهم .
الخاتمة :
 النتائج :
1/ إنتشرت أجهزة الصراف الالي في الوقت الحالي بصورة كبيرة نسبة لإعتماد البنوك لنهج التعامل الإلكتروني في معاملاتها .
2/أجهزة الصراف الالي وطريقة التعامل بها ذو أهمية كبيرة يمتد تأثيرها علي الإقتصاد  الوطني .
3/ تتعرض أجهزة الصراف الالي لنوعين من الجرائم , جرائم تقع علي الكيان المادي لهذه الأجهزة ,اخري تقع علي الجانب التقني نتيجة لإعتماد هذه الأجهزة علي شبكة المعلومات .
4/القانونين السوداني والأردني يحكمان الجرائم الواقعة علي الصراف الالي في شقيها التقليدي والمستحدث عن طريق القانون العقابي وقانون نظم المعلومات وجرائم المعلوماتية .
التوصيات :
1/ إجراء المزيد من الدراسات حول أهمية ودور أجهزة الصراف الالي وأهميتها الإقتصادية.
2/ نوصي المشرع في السودان والأردن علي النص علي الجرائم الواقعة علي الصراف الالي بصورة أكثر تفصيلا وتوضيحاً لخطورتها واثارها الكبيرة.
3/ نوصي المشرع في السودان والاردن بتشديد العقوبات بشأن الجرائم الواقعة علي الصراف الالي بشقيها  لما لها من أهمية وإنتشار وتأثير مباشر علي عدد كبير من حقوق الأفراد المصارف وحقوق المودعين لديها .
المصادر والمراجع:
1. إيــــــــهاب حـــــــسن قاضي ، بـــــــــــــــطاقات الإئــــــــــتمان فـــي الــــــــــفـقه الإسلامي والقانـــــون الســـــوداني وتطبيقاتها علي المصارف السودانية ، إيثار للطباعة والتغليف ،2008.

2ــ د . سامي جاد عبد الرحمن واصل ، إرهاب ا لدولة في إطار القانون الدولي العام ، دار النهضة ، الطبعة الأولي ، 2004.
3ـــ سامي علي حامد عياد،الجريمة المعلوماتية وإجرام الإنترنت ، دار الفكر الــــجامعي   8 ــــ خالد بن محمد المرزوقي ، جريمة الإتجار بالنساء والأطفال وعقوبتها في الشريعة الإسلامية .
 4 د.خالد المختار والمهندس إسماعيل أبوبكر،التحقيق الجنائي في جرائم الحاسوب ، سيكولوجيته ــــ أساليبه القانونية ـــ أدواته العلمية ، دار عزة للطباعة والنشر . 2010.
05 ـــــ  محمد عبد الله أبوبكر سلامة ، جرائم الكمبيوتر والانترنت ، منشأة المعارف بالإسكندرية , 2007.
6ــ منير محمد الجنبيهي ، وممدوح محمد الجنبيهي ، إجرام الإنترنت والحاسب الآلي ووسائل مكافحتها .دار الفكر الجامعي ، 2008.
7ـــ د. فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات .
القوانين :
القانون الجنائي السوداني 1991.
قانون العقوبات الأردني 1961
قانون جرائم المعلوماتية السوداني2007
قانون جرائم أنظمة الكمبيوتر الاردني 2010




















الجمعة، 15 أغسطس 2014

مشكلات الأراضي وتأثيرها علي الإستثمار(ورقة علمية قدمت لملتقي المستشارين القانونيين بوزارة العدل بالمركز والولايات 12/ اغسطس / 2014.إعداد الدكتور إبراهيم قسم السيد



C  

مقدمة:
       تأخذ الأرض دوماً الموقع الأول في أي نشاط إقتصادي أو إستثماري بحسبان أن لكل نشاط من هذا القبيل حاجة لموقع ينشأ عليه ،  وفي هذه الحالة إما أن تكون الأرض هي ذاتها محل النشاط أو المقام الذي ينشأ عليه وفي الحالتين تخضع الأرض لإجراءات قانونية لابد من إستكمالها ووضعها في إطار القوانين السائدة منعاً للتضارب والإشكالات المستقبلية  .
    تبدو أهمية الأرض في تشريعاتنا الوطنية جليّة  للعيان من الكم الكبير الذي منحه لها المشّرع ومن تعدد النصوص وتفصيلاتها داخل هذه القوانين ، وقد شكلت قوانين الإستثمار رأس الرمح لها ، غير أن هذا التعدد مع ماله من إيجابيات إلا أنه قد لا يخلو من مثالب توجب إعادة النظر فيه وتبين ما إذا كان ذلك يمثل نقاط ضعف أم مواقع قوة  وما موقف قانون تشجيع الإستثمار من هذا التعدد وما مدى تأثيره عليه ، وما مدى تأثير ذلك علي العملية الإستثمارية ككل .
هـــذا ما ســـــتحاول هــــذه الــــورقة الإجابة علــــــية وقد قسمناها للتقسيمات التالية :
الفصل الأول :تنظيم الأراضي في الدستور و التشريعات السودانية
الفصل الثاني :تنظيم إستثمار الأاراضي في قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2013
الفصل الثالث:المنازعات القانونية بشأن الأراضي الإستثمارية وتأثيرها علي فرص الإستثمار .
وقد ختمنا الورقه بالنتائج التي توصلنا إليها والتوصيات الخاصة بمعالجة ما أثارته الورقة من مشكلات .
والله ولي التوفيق







الفصل الأول

: تنظيم الأراضي في  الدستوروالتشريعات السودانية:

أولا : تنظيم مسائل الأراضي في دستور السودان الأنتقالي لسنة 2005:

                  نظم دستور جمهورية السودان  الإنتقالي المسائل المتعلقة بالأراضي في المادة 186منه حيث نص علي أن حيازة الأرض وإستغلالها صلاحة مشتركة تمارس علي مستوى الحكم المعني ، كما نص على أن تقوم مستويات الحكم ببدء عملية تدريجية لتطوير وتعديل القوانين ذات الصلة بالأرض لتتضمن الممارسات والقوانين العرفية والتراث المحلي والتوجيهات والممارسات الدولية .
من جانب آخر نص الدستور في الجدول "د" منه علي الإختصاصات المشتركة بين الحكومة القومية وحكومات الولايات ومن بينها تنظيم حيازة وإستغلال الأراضي وممارسة الحقوق عليها .

ثانياً: تنظيم مسائل الأراضي في التشريعات السودانية :

                        أصدر المشرع السوداني علي مدى عقود  من الزمان عدداً من القوانين التي تحكم  المسائل المتعلقة بالأراضي وهي علي النحو التالي :-
1.    قانون تحديد الأراضي ومسحها 1905.
وهو قانون ساري المفعول يحدد الجهات التي تملك سلطة طلب تحديد مساحة أرض معينة وهي الوالي والمحكمة ومدير المساحة , كما خول لأي موظف مختص دخول أي ارض لتنفيذ ما طلب منه بهذا الشأن .
2.    قانون تسوية الأراضي وتسجيلها  لسنة 1925، وهو واحد من أهم القوانين بحسبان أنه يمثل الشق الإجرائي المتعلق بتسجيل الأرض وهو الإجراء الذي ينقل ملكية العقار إنطلاقاً من المبدأ  القانوني الثابت وهو أن ملكية العقار تنتقل بالتسجيل .
3.    قانون المعاملات المدنية 1984، وهو قانون إشتمل على أكثر من مائة مادة في مجال الأراضي .
4.    قانون الاوقاف الخيرية لغير المسلمين 1971م .
5.    قانون هيئة الاوقاف الاسلامية لسنة 1406ه .
6.    قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي 1994.وهو قانون إتحادي إختص بتنظيم كيفية منح الأراضي وتخطيطها ونص علي سلطات وزير التخطيط العمراني ومدير مصلحة الأراضي فضلاً عن النص علي إنشاء المجلس الأعلي للتخطيط العمراني وهو مجلس ذو تكوين نوعي ومتعدد وذو سلطات واسعة , سنتحدث عنه عند تناول موضوع تضارب الإختصاصات في توزيع الأراضي .
7.    قانون نزع الملكية 1930.وهو القانون الذي ينظم سلطة وكيفية نزع الأراضي وكيفية التعويض عنها .

’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’
الفصل الثاني
:تنظيم الأرض في قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2013.

                 صدر قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2013واصبح نافذاً بتوقيع رئيس الجمهورية عليه في الثاني والعشرون من شهر ربيع ثاني 1434هـ الموافق الرابع من شهر مارس 2013م ، ولم يتطرق القانون لتعريف الارض ذاتها وعرف الاراضي القومية الاستثمارية مباشرة حيث نص في المادة 5 تفسير بأنها يقصد بها الأراضي التي يتم تخصيصها للإستثمارات القومية وفقاً للموجهات الإستثمارية المعدة بالتنسيق مع الوزارات المختصة والولايات . علماً بأن عدداً من القوانين الحاكمة لمسائل الاراضي عرفت الارض ، حيث عرفها قانون التخطيط العمراني والتصرف في الاراضي لسنة 1994 بانها  تشمل ماعلي الارض وما فوقها وتحتها من مباني منشآت وخدمات وكل منفعة متعلقة بها .
          وعرفها قانون تسوية الاراضي وتسجيلها لسنة 1925 بانها ( تشمل الفوائد الناشئة عن الارض والمباني والاشياء الثابته علي الارض بصورة دائمة كما تشمل الحصة الشائعة في الارض وايضاً اي مصلحة في الارض تتطلب تسجيلاً ).
      أما قانون نزع ملكية الاراضي لسنة 1930م فقد أورد ثلاث تعريفات للارض حيث عرفها بأنها (تشمل المنافع الناشئة عن الأرض والمباني والأشياء الثابته علي الأرض بصورة دائمة كما تشمل حصة شائعة في الارض أو اي مصلحة في الارض تتطلب التسجيل أو تقبله ).
    والملاحظ انه تعريف مطابق لقانون تسوية الاراضي وتسجيلها لسنة 1925.
أورد هذا القانون كذلك تعريفاً ثانياً للاراضي الخاضعة لحقوق قبلية اوقروية  بانها ارض تملكها الحكومة تخضع لحقوق ري أو رعي أو زراعة او إحتطاب ونحو ذلك يتمتع بها افراد أيه قبيله أو قسم منها أو أفراد أي بلد أو قرية أو جزء منها .
     كما أورد تعريفاً ثالثاً للأرض المسجلة بأنها الارض التي سويت وسجلت بموجب قانون تسوية الاراضي وتسجيلها لسنة 1925.
وعرفها قانون مكافحة التصحر لسنة 2009م بأنها سطح الأرض والتربة والحشائش الطبيعية .
قصدنا من ايراد هذه التعريفات ان نشير الى ان قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2013 علي الرغم من انه نص علي سيادة احكامه علي احكام اي قانون آخر إلا انه لم يورد تعريفاً للارض في بعض الجزئيات مما قد يثير نزاعاً حول التعريف الذي يجب الأخذ به في حالة حدوث نزاع حول أرض استثمارية ونرى انه كان ينبغي الاستفادة من ميزة سيادة احكام هذا القانون  بايراد تعريف للارض يمكن الأخذ به .
من جانب اخر فقد نص هذا القانون علي سلطة الجهاز القومي للإستثمار في تخصيص الأراضي الإستثمارية ونزعها , إضافة لتظيم مايلي الولايات في هذا الصدد.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
الفصل الثالث
المنازعات القانونية بشأن الاراضي وتأثيرها علي الاستثمار  :
 تتمثل المشكلات القانونية بشأن الأراضي الإستثمارية في الاتي :
1/ جرائم التعدي الجنائي علي الأراضي اللإستثمارية .
2إدعاء الحقوق التاريخية علي الأراضي والمطالبة بالتعويض عنها.
3/ مشكلة التنازع بين الجهاز القومي للاستثمار والولايات .
4/ مشكلة تضارب الإختصاص في سلطة توزيع الأراضي الإستثمارية
5/مشكلة تفتيت الأراضي الإستثمارية بسبب توزيعها كتركات.
وسنتاولها تباعاً كما يلي :
            1/جرائم التعدي الجنائي علي الاراضي الاستثمارية:
        أكثرالجرائم تاثيراً علي مناخ الاستثمار في اعتقادنا هي جريمة التعدي الجنائي والتي نص عليها القانون الجنائي لسنة 1991م  في المادة 183منه وعرفها بانها الدخول او التدخل او البقاء في عقار او منقول في حيازة شخص آخر بقصد مضايقته او ارهابه او حرمانه من حقه .
        إن الارض في بلادنا السودان ونظم ملكيتها واستخدامتها هي اساس لكثير من التحولات الاجتماعية والاقتصادية ، كما ان مفهوم دار القبيلة يعد اهم مكون لحيازة الارض ويرتبط مباشرة بموضوع الادارة الاهلية في بعض ولايات السودان مما يجعل من اهم التحديات في ماذكرناه عند منح اراض لمستثمرين هو الثنائية التي تتصادم فيها الحقوق العرفية والحقوق القانونية وايهما يسود .
   يترتب علي ماذكرناه في احيان كثيرة عدم رضا كثير من الناس بقرارات منح الاراضي الاستثمارية ويتبلور هذا في إعتراضهم علي ما يقام من مشاريع وهذا  يشكل جريمة التعدي الجنائي المذكورة .
إن وضعاً كهذا الذي ذكرنا يجعل المستثمر في وضع لايحسد عليه فهو من جانب قد وضع أمواله في مشروع إستثماري وقامت الدوله بما عليها من واجب في تخطيط الأرض وتخصيصها وتسجيلها وتسليمها , غير أن الواقع هو أن المستثمر يري أرضه ولا يستطيع أن يصل إلي الإستفادة منها بسبب تعدي البعض عليها ومنعه من الإستفادة منها مما يخلق مشكلة ليس له وحده وإنما للدولة نفسها إذ قد يؤدي هذا لنسف منظومة الإستثمار من إصولها لعدم إطمئنان المستثمرين بشأن إستثماراتهم .
صحيح أن ضمان التعرض لا يكون إلا في التعرض القانوني ولا يشمل التعرض المادي , والتعرض القانوني الذي يقوم علي سبب قانوني كإدعاء المالك حقاً له علي المال في مواجهة المشتري بسبب بيع مال غير مملوك للبائع وقت البيع مثلاً ولا نري مايمنع الدولة قانوناً من التمسك بهذا الحق أي عدم مسئوليتها عن التعرض المادي للأرض بعد تسليمها للمستثمر عند تعرض المستثمر لتعرض مادي  إلا أننا نري _ في ذات الوقت _ أن التمترس خلف هذا الحل لن يجدي عملياً إذا أردنا حماية منظومة الإستثمار من الإنهيار.
    الاجراء القانوني في هذه الحالة _ أي حالة حدوث التعدي _بسيط ومعروف وهو التوجه للنيابة وفتح دعوى جنائية غير أن الواقع العملي يجعل هذا الاجراء نفسه غير ذو جدوى للمجني عليه هنا (المستثمر) لعدد من الاسباب :-
أولها:  كثرة العدد الذي يرتكب مثل هذه الجريمة في العادة إذ قد يفوق عددهم عدد قوات الشرطة الموجودة في بعض المناطق نسبة لأن الإدعاء بالحقوق علي مثل هذه الأراضي عادة يتم من قبل أعداد كبيرة كأفراد قبيلة كاملة مثلاً.
ثانيها: جهل المجني عليه في كثير من الاحيان بأشخاص الجناة وأماكن وجودهم مما يجعل القبض عليهم متعذراً .
ثالثها : طبيعة هذه الجريمة قد تكون ذات أنماط متعددة لايظهر فيها الجناة مباشرة "تهديد , احداث حرائق أو تلف الخ ...."
لقد نص قانون تشجيع الاستثمار علي انشاء نيابات ومحاكم متخصصة غير ان هذه الأجهزة تحتاج لدعم شُرطي ،علماً بان ولاية الخرطوم علي سبيل المثال انشأت شرطة لحماية الاراضي الحكومية ونرى ان ذلك يمكن ان يشكل نواة جيدة إذ يمكن ان يمد اختصاص هذه القوة لحماية الاراضي الاستثمارية وانشاء قوات على غرارها في بقية الولايات .
2/ إدعاء حقوق تاريخية بالأراضي والمطالبة بالتعويض عنها :
          إمتدادا لما ذكرناه فإن العديد من الولايات تواجه بمشكلة الإدعاء بحقوق تاريخية من قبل الاهالي والمطالبة بالتعويض عنها عند منحها للمستثمرين علماً بأن قانون نزع ملكية الاراضي لسنة 1930 نظم إجراءات النزع والتعويض لكنه إختص بتنظيم الاراضي المسجلة , غير أن الواقع هو أن الأراضي التي تثور بشأنهاالنزاعات عند منحها كاستثمار في الغالب هي أراض حكومية حيث أن قانون المعاملات المدنية نص علي أن  أي أرض غير مسجلة تعبر ملكاً للدولة وهذا لا ينفي أن النزاعات حول  الاراضي غير المسجلة يحدث إرتباكاً لمناخ الإستثمار مما يستوجب إيجاد حلول مناسبة ترضي الأطراف و ولعله من المناسب الأشارة لما قامت به ولاية نهر النيل في هذا الشأن بما أسمته (التراضي المحلي ) كما أن قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي 1994  في المادة 14(3)    نص علي تنظيم إجراءات التعويض عند نزع الملكية علي الوجه الاتي :
  على الرغم من أحكام المادة 19 من قانون نزع ملكية الأراضى لسنة 1930 , يكون التعويض المستحق الدفع في حالة نزع الملكية على الوجه الآتي :
(أ )     لا يكون هناك تعويض بالنسبة إلى المساحات المراد إستخدامها لأغراض الطريق بما في ذلك جوانبها والميادين والمرافق العامة التي تحتاج إليها المنطقة طبقاً للوضع التخطيطي المصدق به من سلطة التخطيط المختصة , أو
   (ب)     يكون التعويض بالنسبة إلى جميع المساحات الباقية الأخرى بواقع 25% من مساحة أو قيمة الأرض في السوق عند تاريخ النزع .
 (4)      عندما تطلب اللجنة مقدار زيادة الأرض وفقاً لأحكام البنـد (2) تطبق الأحكام الآتية :
(أ )      تقدر الزيادة بوساطة لجنة تشكل وفقاً لأحكام المادة  11(س) ,
(ب)      تكون الزيادة عبارة عن الفرق ما بين قيمة الأرض على أساس أنها لم تحدد درجتها وقيمة الأرض الحالية في السوق على أساس أنها حددت درجتها ولم تعمر ,
(ج)      يكون المبلغ المستحق الدفع للحكومة 75% من الزيادة التي تحدد بموجب أحكام الفقرة (ب) ,
(د)       يدفع المالك للحكومة المبلغ المطلوب منه وفقاً لأحكام الفقرة (ج) خلال ستة أشهر من تاريخ إخطاره ويجوز للجنة بناء على أي سبب معقول يبديه المالك أن تمد تلك الفترة لمدة أخرى لا تجاوز ستة أشهر ,
(هـ)    إذا عجز المالك عن دفع مقدار الزيادة في قيمة الأرض في الفترة المنصوص عليها في الفقرة (د) فيجوز للجنة أن تعيد النظر في قرارها الصادر وفقاً لأحكام البند (2) أو أن تطلب نزع ملكية تلك الأرض وفى هذه الحالة تطبق أحكام البند (3) ويجوز للوزير أن يوجه اللجنة بقبول دفع مقدار تلك الزيادة على أقساط بالشروط والحالات التي يراها مناسبة .
   في إعتقادنا أن هذا النهج يمثل هاديا للسير علي هداه للنظر في تعويض الإدعاءات بالحقوق سالفة الذكر
  من جانب اخر فقدنص الدستور الانتقالي علي إنشاء مفوضية للاراضي في المادة 187منه وهي مفوضية مستقلة وتنشأ علي أساس التمثيل لمستويات الحكم المختلفة في السودان , وترك الدستور للقانون تحديد عدد أعضائها ويتم تعينهم بواسطة رئيس الجمهورية
وقد نص الدستور علي أن مهام هذه المفوضية كالاتي وذلك دون المساس بسلطات المحاكم:
-       التحكيم بين الاطراف المتنازعة الراغبة بالاحتكام اليها .
-       النظر في الادعاءات حول الاراضي في مواجهة الجهة الحكومية او في مواجهة غيرها من الاطراف ذات المصلحة في الارض  وتكون أطراف التحكيم ملزمة بقرار المفوضية علي أساس الرضا المتبادل عند تسجيل قرار التحكيم في المحكمة.
-        قبول ما يحال اليها من أجهزة الحكم المختصة أوما إطلعت عليه أثناء النظر في الدعوي وتوصي بشأنها للمستوي الحكومي المختص فيما يخص سياسات إصلاح الأراضي وقبول الحقوق العرفية أو القانون العرفي للأراضي
-        تقدير التعويض المناسب عن الاراضي بما في ذلك التعويض النقدي . - إسداء النصح لمختلف مستويات الحكم بشأن تنسيق سياستها تجاه المشروعات القومية التي تؤثر علي الأرض  او علي الحقوق فيها .
-       اجراء دراسات وتسجيل اوجه  استخدام الاراضي في المناطق التي يتم استثمار الموارد الطبيعية فيها .
-       عقد جلسات إستماع وتضع لوائح إجراءاتها
إن هذه السلطات المذكورة كفيلة بوضع حد للعديد من المشكلات  في الإطار المشار إليه , ومن جانب اخر نرى ضرورة اصدار القرارات المنشئة للنيابات والمحاكم في كافة الـــولايات ، فضلاً عن تعديل العقوبة في جريمة  التعدي الجنائي بتشديدها في حالة التعدي على الاراضي الاستثمارية مع إنشاء جهاز شرطي خاص بحماية الأراضي الإستثمارية.
3- مشكلة التنازع بين الجهاز القومي للاستثمار والولايات:-
وتتمثل هذه المشكلات في الاتي :
أ/ عدم وضوح وتحديد سلطات الولايات وتقسيم عائدات الاراضي الاستثمارية:
   سبق ان أوضحنا أن الدستور نص علي أن إستغلال الأرض سلطة مشتركة بين المركز والاولايلت ومن المعلوم ان الجستور يضع المباديْ العامة ويترك تفصيل مايرد فيه للقوانين , والملاحظ أن قانون تشجيع الإستثمار لم يتعرض بالتفصيل للعلاقه بينه وبين الولايات فيما يخص الاراضي الاستثمارية وهذا مايجب القيام به وتعديل القانون وفقا له .خاصة فيما يلي تحديد العائدات المالية للولايات .
ب /القوانين الولائية المنظمة للإستثمار وضرورة مواءمتها مع القانون الإتحادي :
 نص دستور جمهورية السودان الانتقالي في الجدول( د )علي الإختصاصات المشتركة بين المركز والولايات ومن بينها تنظيم حيازة وإستغلال الأراضي والممارسة الحقوق المتعلقة بها . كمانص علي منح الولايات الحق في إصدار قوانين منظمة للإستثمار.
        من جانب ثان نص قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2013 علي انشاء الجهاز القومي للاستثمار ومنحه سلطة إعداد الخارطة الإستثمارية وفقا لسياسات الدولة و
-        التنسيق مع الجهات ذات الصلة بالاستثمار في المستوى القومي و الولايات .
-         تخصيص الارض اللازمة لقيام المشروع الاستثماري القومي والاستراتيجي بالتنسيق مع سلطات الولايات
-        نزع الأرض في حالة فشل المستثمر في إستثمارها.
-        طلب البيانات الخاصة بالإستثمار.
-        التنسيق مع الجهات ذات الصلة بالإستثمار علي المستوي القومي والولائي
ونص كذلك علي ان تقوم الجهات المختصة بالولايات بتسجيل الاراضي للمشاريع الصناعية والخدمية والزراعية وايداعها لدي الجهاز .
     كل ماذكر يوجب علي الولايات المواءمة بين قانون تشجيع الاستثمار واي قوانين ولائية أو تشريعات فرعية وذلك عملاً بالقاعدة القانونية المعروفة بقاعدة تدرج التشريعات خاصة وان الدستور نص – كما سلف – علي ان ادارة الاراضي من السلطات المشتركة .
    ان مواءمة اي تشريعات ولائية مع قانون تشجيع الاستثمار يقلل كثيراً من المنازعات التي يمكن ان تنشأ جراء ذلك ، كما نشير الي ضرورة تقيد اي تشريع ولائي بشأن الاستثمار بما ورد في المادة 39 من قانون تشجيع الاستثمار والتي نصت علي سريان احكام بعض الاتفاقيات في حالة المنازعات القانونية بشأن الاستثمار . وفي هذا الصدد وبما ان الدستور في الجدول ه البند 25أعطي الحكومات الولائية الحق في سن تشريعات إستثمار خاصة بها فنري ان يتم وضع قانون نموذجي موحد لولايات السودان المختلفة يكون متوائماً مع قانون تشجيع الإستثمار الإتحادي يستوعب الأساسيات وترك مساحة فيه لبعض الفروع وفقاً لما يخص ظروف وخصوصيات كل ولاية بما لا يتعارض مع القانون الإتحادي .
4/ مشكلة التضارب في الإختصاص بشأن إجراءات الأراضي الإستثمارية:
    ذكرنا فيما سلف وجود عدد من القوانين تختص بحكم مسائل الأراضي ومن بين هذه القوانين قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي لسنة 1994 , وقد نص هذا القانون في المادة 4 (1)  علي الاتي:    ينشأ مجلس قومى يسمى  ,  ( المجلس القومى  للتخطيـط العمراني والتصرف في الأراضي ) ,  وتكون له شخصية   اعتبارية .
(2)      يخضع المجلس لإشراف رئيس مجلس الوزراء .
(3)      يكون مقر المجلس بولاية الخرطوم .

تشكيل المجلس .     
  5ـ      يشكل المجلس بقرار من مجلس الوزراء على الوجه الآتي : (3)
(أ)       رئيس المجلس ، يعيينه ويحدد شروط خدمته رئيس الجمهورية بناء على توصية بذلك من مجلس الوزراء ،         
(ب)     وزير التخطيط العمرانى والمرافق العامة بكل ولاية ، أو من يفوضه  على ألا تقل درجته عن الدرجة الأولى ,
(ج‌)  مدير عام مصلحة المساحة ,
(د‌)  وكيل وزارة :
(أولا)    الزراعة  ،
(ثانياً)    المالية والإقتصاد الوطنى ,
(ثالثاً)    الحكم الاتحادي .
(هـ)    ممثل وزارة الاستثمار ،
(و‌)    خمسة أشخاص من ذوى الكفاءة والخبرة والاهتمام في مجال التخطيط العمراني والإسكان يعينهم مجلس الوزراء

اختصاصات رئيس المجلس .          
  6ـ      يختص رئيس المجلس بإدارة المجلس وتصريف  شئونه وفقاً لأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة بموجبها , ومع عدم الإخلال بعموم ما تقدم تكون لرئيس المجلس الاختصاصات الآتية :
(أ‌)  الإشراف على :
 (أولا)    تنفيذ قرارات المجلس ,
 (ثانياً)    الشئون المالية للمجلس ,
 (ثالثاً)    الأمانة العامة للمجلس ،
(ب‌)     أي اختصاصات أخرى يوكلها له المجلس
لوائح المجلس .       
 7ـ يصدر المجلس بمـوافقة مجلس الوزراء اللوائح المتعلقة  باجتماعات المجلس وتكوين أمانته العامة واختصاصاتها وموارد المجلس المالية وموازنته وحساباته وكيفية مراجعتها .
اختصاصات المجلس وسلطاته .    
8ـ      (1)      لأغراض هذا الفصل  ,  تكـون للمجـلس الاختصاصات والسلطات الاتية :
(أ‌)      يضع , بموافقة مجلس الوزراء , الاستراتيجيات العمرانية القومية وما يتصل بها من سياسات تكفل ترشيد استخدام الأرض في كافة المجالات , على إن تتوافق هذه الاستراتيجيات مع الخطط القومية للتنمية الشاملة والمتوازنة , مع مراعاة ضرورة التوازن بين الولايات المختلفة وبين المناطق الحضرية والريفية فيما يتعلق بالخدمات البلدية والمرافق العامة وما يتوفر فيها من موارد طبيعية وإمكانات بشرية ,
(ب‌)      يطور النظم والأساليب التي تؤدى إلى المشاركة والتنسيق بين أجهزة التخطيط على كافة المستويات القومية بالولايات المستويات القومية
(ج)      يجرى الدراسات والبحوث بالتعاون مع أجهزة التخطيط ومؤسساته في الولايات في المجالات المتصلة بالتخطيط العمراني ، وخاصة في مجال استخدام الأرض للأغراض السكنية والنقل والخدمات البلدية والريفية ,
(د)      يراجع مشاريع الخطط الموجهة للنمو العمراني بالولايات التي يتم إعدادهامن قبل أجهزة الولايات  وذلك تمهيداً لتقديمها لمجلس الوزراء لإجازتها ,
(هـ)    يصدق على الهياكل العمرانية للمستوطنات والمجمعات السكنية بالمشاريع الإنمائية الكبرى , أو تلك المشتركة بين عدد من الولايات ,
(و)      يصدق على تغيير مجال إستخدام الأرض في الخطط التي تتم إجازتها من قبل مجلس الوزراء فيما عدا الفسحات والميادين العامة ،
(ز)      يراقب أداء أجهزة التخطيط بالولايات ومتابعة تنفيذ الخطط العمرانية القومية ،
(ح)      يعد مشروعات القوانين التي تحقق تنفيذ السياسات الخاصة بالتخطيط العمراني والخطط الإسكانية المعتمدة وتنسيق الضوابط والقوانين في الولايات,
(ط)      يضع خطط تدريب المهندسين والمخططين العاملين في الولايات وإقامة المؤتمرات والحلقات الدراسية لرفع كفاءتهم .
(2)      يجوز للمجلس تفويض أي من إختصاصاته وسلطـاته للوزير .
 إن الناظر لهذه السلطات يجد من بينها تشابهاً مع تلك الممنوحة للجهاز القومي للإستثمار خاصة وأن الفقرة (أ‌) من المادة 8 (1) من قانون التخطيط العمراني  أعطت المجلس سلطة أن  يضع  بموافقة مجلس الوزراء ( الاستراتيجيات العمرانية القومية وما يتصل بها من سياسات تكفل ترشيد استخدام الأرض في كافة المجالات ) مما يعني أن ذلك  يمكن أن يشمل حتي مجال الإستثمار .
صحيح أن قانون  تشجيع الإستثمار كما ذكرنا نص علي سيادة أحكامه علي بقية القوانين غير أن هذا لا ينفي إمكانية وقوع التضارب بين إختصاصات المجلس وإختصاصات الجهاز القومي للإستثمار ولو بحسن نية وفي إطار ممارسة الإختصاصات العادية , ولا يخفي أن في هذا دوراً سالباً في مجال الإستثمار.
هذا وإذا أعدنا ماذكرناه حول مفوضية الإستثمار وما تملكه من سلطة حل المنازعات نجد أن الأمر قد توزع بين ثلاث جهات هي الجهاز والمجلس فيما يلي التنسيق والتخصيص للاراضي الإستثمارية  والمفوضية  فيما يلي حل المشاكل التي يمكن أن تنجم عن هذا التخصيص , علماُ بأن المفوضية لم يتم إنشاءها حتي الان , عليه وحتي يمكن إحكام الأمر ويمتنع التضارب  فنري إما أن يتم دمج سلطات المجلس والجهاز ومنحها لجهة واحدة منهما مع إضافة سلطات المفوضية الخاصة بحل المشكلات لذات الجهة ليجمع الأمر كله في يد واحدة أو دمج الإختصاصات و إنشاء المفوضيه بصورة موازية  لتكون جهازاً معاوناً لحل المشكلات.
5/ مشكلة تفتيت ملكية المشاريع الإستثمارية بسبب تقسيمها كتركات :
                                                 من المشكلات القانونية التي يمكن ان تنشأ بشأن الأراضي الإستثمارية  تعرضها للتفتييت بسبب تقسيمها كتركة بعد وفاة المستثمر وأيلولة الأرض لورثتة الشرعيين , والملاحظ أن قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2013 لم يتعرض لهذا الأمر , غير أن قانون المعاملات المدنية 1984 نص في المادة 570 (4)علي الاتي :
إذا توفي  مالك المنفعة قبل إستثمارها أو تعميرها فتؤول كل حقوقه فيها لورثته الشرعية بذات الشروط المنصوص عليها في هذا القانون أو في عقد منح ملكية المنفعة .
وبما أن قانون تشجيع الإستثمار كما سلف لم ينص علي حكم في هذا الصدد فالنص الواجب التطبيق في هذه الحالة هو نص قانون المعاملات المدنية المذكور حيث أن حل الإشكال المتمثل في التخوف من تفتيت الارض الاستثمارية الذي يفوت الفرصه علي الدولة في الإستفادة  من عائدات إستثمارها يمكن ان يتم تلافيه عن طريق إشتراط قيام الورثة بإلاستمرار في الإستثمار بذات الشروط أو يستخدم الجهاز سلطته في نزعها وفقا للمادة 12( ح ) وإن كنا نري أنه من الافضل ان يتم النص علي هذا الامر في صلب قانون تشجيع الإسثمار .
                                                               
النتائج :
مماسبق بيانه  يمكننا الوصول للنتائج التالية
        1/ قانون تشجيع الإستثمار لم يعرف مصطلح الأرض رغم أنها المحور الاساسي لاهم عمليات الإستثمار .
2/ نص دستور جمهورية السودان الإنتقالي 2005 علي إنشاء مفوضية للإستثمار لم تنشا حتي الان
3/ من أهم النزاعات القانونية التي تواجه المستثمرين في مجال الاراضي جرائم التعدي بالإضافة للنزاعات القانونية بين المركز والولايات وتضارب الإختصاصات بين بعض القوانين
4/ النص علي إنشاء نيابات ومحاكم خاصة بمنازعات الإستثمار لن يؤدي للدور المطلوب في إنهاء النزاعات مالم توجد قوة شرطية تعمل علي تنفيذ قراراتها .
6/ إصدار أي تشريع ولائي يخالف التشريعات الإتحادية هو أمر غير جائز لمخالفته لقاعدة تدرد التشريعات .
التوصيات :
1/ إدخال تعريف لمصطلح الارض في قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2013.
2/ إزالة التضارب الوارد في قانون التخطيط العمراني 1994 وقانون تشجيع الإستثمار 2013بشأن إلإجراءات المتعلقة بالأراضي وذلكبين سلطات المجلس الأعلي للتخطيط العمراني وسلطات الجهاز القومي للإستثمار.
3/ إصدار القرارات اللازمة لإنشاء نيابات ومحاكم منازعات الإستثمار بكافة الولايات  مع ضرورة إنشاء قوة من الشرطة خاصة بحماية الاراضي اللإستثمارية .
4/ إصدار قانون نموذجي موحد للإستثمار بالولايات يشمل الأساسيات المهمة مع ترك مساحة  لخصوصيات كل ولاية بما لايتعارض مع القوانين الإتحادية .
5/ معالجة موضوع تفتيت الأراضي الاستثمارية بسبب توزيعها كتركة في صلب قانون تشجيع اللإستثمار مع الإستفاده مما أورده قانون المعاملات المدنية في هذا الصدد.
المراجع:
1/ د/إبراهيم أحمد سعيد,أهمية الإستثمارات في الأمن الغذائي العربي,مجلة جامعة دمشق ,العدد الثالث + الرابع 2011
2/ د . إبراهيم محمد أحمد دريج ,الإستثمار, دار مطابع السودان للعملة.
3/ د. تاج السر محمد حامد, عقد البيع , منشورات جامعة السودان المفتوحة
4/ أ .د.حاج ادم حسن الطاهر , المفوضية القومية للأراضي.
5/ د. موسي ادم عبد الجليل, التحديات الراهنة لحل حقوق الأرض في دارفور.
6/ الفاتح محمد عثمان مختار, الاستثمار الأجنبي المباشر ودوره في تحقيق التنمية الإقتصادية في السودان خلال الفترة من 200 إلي 2001, مجلة أماراماك, إصدار الأكاديمية الأمريكية العربية للعلوم والتكنلوجيا,المجلد الرابع / العدد الحادي عشر, 2013.
7/ د. عمر عبد الله عجيمي, حيازة الأراضي في السودان , تحديات الأمن المعبشي والسلام الإجتماعي.
8/  نضال محمد أحمد ,العوامل الإقتصادية الاجتماعية المؤثرة علي الإستخدام الحضري للأراضي , ورقة علمية مقدمة لمؤتمر الدراسات العليا جامعة الخرطوم ,2010.
10/ رد السيد مصطفي عثمان إسماعيل وزير الإستثمار علي طلب الإحاطه حول الخارطة الإستثمارية ودور المجلس الأعلي للإستثمار في تشجيع فرص الإستثمار بالولايات , مقدمة للجنة الشئون الإقتصادية والتنمية والخدمات , بمجلس الولايات, 2013.
10/ دستور جمهورية السودان الإنتقالي 2005.
11/ مجلدات قوانين السودان.
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين