الاثنين، 5 مايو 2014

الجرائم المخلة بالاداب بين قانون جرائم المعلوماتية السوداني 2007 والقانون الجنائي السوداني 1991



بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
ظهرت في الاونة الاخيرة بعض الجرائم التي شغلت الراي العام وتناولتها اجهزة الاعلام مثل  نشر ممارسات جنسية عبر وسائط الاتصال االحديثة وتزيي رجال بملابس نساء او القيام  بممارسات خاصة بالنساء في حياتهن الخاصة مما دفع للبحث عن مدي تغطية نصوص القوانين العقابية القائمة لهذه الممارسات انطلاقا من مبدا ان لا جريمة و لاعقوبة الا بنص .
وسنبدا باستعراض مواد القانون الجنائي المجرمة لهذه الافعال ومن ثم مواد قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007
أولا: المواد 151 152و153من القانون الجنائي لسنة 1991:
الأفعال الفاحشة .
151ـ (1) يعد مرتكباً جريمة الأفعال الفاحشة من يأتى فعلاً مخلاً بالحياء لدى شخص آخر أو يأتى ممارسة جنسية مع شخص آخر ، لا تبلغ درجة الزنا أو اللواط ، ويعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة كما تجوز معاقبته بالسجن مدة لا تجاوز سنة أو بالغرامة .
(2) إذا ارتكبت جريمة الأفعال الفاحشة في مكان عام أو بغير رضا المجني عليه ، يعاقب الجاني بالجلد بما لا يجاوز ثمانين جلدة كما تجوز معاقبته بالسجن مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة .
تتمثل أركان هذه المادة في الاتي :
إتيان الجاني فعلا مخلا بالحياء او ممارسة جنسية .
ان يكون ذلك مع شخص اخر.
ان لا تبلغ هذه الافعال درجة الزنا او اللواط.
وشددت المادة العقوية في حالتين هما حاله إتيان الفعل في مكان عام او بغير رضا المجني عليه .
وقد جعلت المادة عقوبة الجلد هي الاصل وعقوبه السجن والغرامة جوازية للمحكمة.



الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة .
152ـ (1) من يأتى في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً .
(2) يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة إذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.
اركان الماده :
ان يقوم الشخص بفعل  او سلوك فاضح او مخل بالاداب العامة أو.....
يتزيا بزي فاضح او مخل بالاداب العامة.
ان يكون ذلك في مكان عام .
ان يسبب الفعل مضايقة للشعور العام .
هذه المواد تستوعب في راينا كل الافعال التي راجت مؤخرا لان كل الافعال التي ذكرناها في مقدمة الورقه بلا شك هي افعال فاضحة ومخله بالاداب العامة  في معيار دين واعراف بلادنا . اما نشلاها وتداولها عبر الوساءط الحديثه فقد غطاها قانون جرائم المعلوماتية علي ماسنري.
وحددت الماده معيار الاداب العامة بوضعه في ميزان الدين الذي يعتنقه الفاعل او عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.
 وان كان ثمو ملاحظه علي الماده فهي بشان  هذا المعيار  والذي نري ان ا ان يقاس بمن يقع في حقهم الفعل وليس معيار من قام بالفعل لان من يتاذي بالفعل هو من يشاهده لذا نري ان يتم  تعديل النص بحيث يكون الفعل (كذلك في معياردين  وعرف البلد الذي وقع فيه الفعل.)

المواد والعـروض المخلة
بالآداب العامة.
153ـ (1) من يصنع أو يصور أو يحوز مواداً مخلة بالآداب العامة أو يتداولها ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز شهراً أو بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة كما تجوز معاقبته بالغرامة .
(2) من يتعامل في مواد مخلة بالآداب العامة أو يدير معرضاً أو مسرحاً أو ملهى أو دار عرض أو أي مكان عام فيقدم مادة أو عرضاً مخلاً بالآداب العامة أو يسمح بتقديمه ، يعاقب بالجلد بما لا يجاوز ستين جلدة أو بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو بالعقوبتين معاً .
(3) في جميع الحالات تأمر المحكمة بإبادة المواد المخلة بالآداب العامة ومصادرة الأجهزة والمعدات المستخدمة في عرضها كما يجوز الحكم بإغلاق المحل .
اركان الفقرة (1) الماده :
n     تصنيع او..
تصوير...أو
حيازة... او..
تداول ...مواد.
_ان تكون هذه المواد مخلة بالاداب العامة
الفقرة 2:
التعامل في ..او
أداره معرض او مسرح  أو ملهى أو دار عرض  او اي مكان عام.
__ ان بقوم بعرض مواد مخلة بالاداب العامة في هذه الاماكن. او يسمح بتقديمها.
وقد قدمت الماده عقوبة السجن علي عقوبة الجلد والغرامة.
الملاحظ ان هذه المواد تغطي الافعال التقليدية إذا جاز القول اي لا تشمل تلك الافعال التي تنشر او تحاز بواسطة وسائل الاتصال الحديثة وعليه ننتقل لقانون جرائم المعلوماتية 2007 والذي نص علي هذه الجرلئم في الفصل الرابع منه.

الفصل الرابع
جرائم النظام العام والآداب
14 ــــــ (1) كل من ينتج أو يعد أو يهييء او يرسل أو يخزن أو يروج عن طريق شبكة المعلومات او أحد اجهزة الحاسوب أو مافي حكمها ، أو أي محتوي مخل  بالحـــــــــياء أو النظام العام أو الآداب ، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامــــــــــــــــة أو بالعقوبتين معاً.
(2) كل من يوفر أو يسهل عمداً أوبإهمال عن طريق شبكة المعلومات أو أحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد أجــــــــــــــــهزة الحاسوب أو مافي حكمها للوصول لمحتوي مخل بالحياء او منـــــــــــــــــافٍ للنظــــام العـــــــــــــــــــــــاـم أو الآداب يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز أربـــــــــــــــــــع سنـــــــــــــــــــــوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.
(3) إذا وجه الفعل المشار إليه في البندين (1) و(2) الي حدث يعاقب مرتكبها بالسجن مدة لا تتجاوزسبع سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.(1) .
ونتعرض لشرح أركان هذه المادة:
. الركن الأول :
1ــــــ أن يعد الجاني أو  يهيء ، أويرسل ،أو يخزن ،أو يروج أي محتوي مخل بالنظام العام او الآداب .
2ــــــ ان يكون ذلك عن طريق أحد أجهزة الحاسوب أومافي حكمها .
الركن الثاني :
1ــــــ أن يوفر الجاني أو يسهل عمداً أو بإهمال الوصول الي محتوي مخل بالنظام العام أو الآداب .
ـ2ــــــــ أن يتم هذا التوفير او التسهيل للوصول للمحتوي عن طريق شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو ما في حكمها .
الركن الثالث : رفع العقوبة الي سبع سنوات إذا تم توجيه الفعل المذكور إلي حدث .
هذه الماده جرمت التعامل  في أي محــــــتوي يخالف النظام الـعام أو الاداب ، ومســـــــــــــــــألة النظام العام والآداب مسألة نسبية تختلف من مكان الي آخر والمعـــــتمد في بلادنا وغيرها من بلاد الإسلام في تحديد هذا المعيار هو الشريعة الإسلامية فمــــتي كان المــــــــــــــــــــــــحتوي المعني مخالفاً للشريعة الإسلامية كان مخالفاً للنظام العام والآداب قولاً واحداً، وقــــــــــــــــــــــــــــد جرمت المادة إعداد المحتوي ، مثل أن يقوم الشخص بتصوير صور فاضــــــحة ، أويكتب  كلاماً فاحشاً ،أو يهيء لهــــــــــذا الفعل مثل أن يقوم بتجهيز جـــــــــهاز الحاسوب أو يســــــاهم في إحضار الأشخاص للتصوير أوجمع الصور أو الأقوال المنافية للآداب .
وجرمت المادة  كـــــــــــــــــذلك إرســــــال المــــــــحتوي المشار إليـــــه  ويــــــــكـــون ذلك ســــــــــــواء عــــــــــن طـــــــــــــــــــــــريق البريد الإلكتروني أو الرسائل القصيرة بجهــــــاز الهاتف السيار ، وأيضاً تخزين المحتوي في ذاكـــــــــــــــــــــــرة أجهزة الحاسوب او الهاتف السيار ومافي حكـــــــــــــمها ، وجــــــــــرمت كذلك الترويــــــــــــــــــج للمحـــــــــتوي ويــــــــــــــكون ذلك بإرســـــــــــــــــــــــال الرســــــــائل بأي وسيلة إلكترونية لـلحث علي دخــــــــول موقع يحتوي عليها أو الترويج لشرائهاأو تداولها .
ولا نري مايمـــــنع من إعتبار الفعل جريمة إذا تــــــم ضبط المحــــــتوي مخزناً أو مروجاً له أو معداً في ما يعرف بذاكرة الأجهزة الإلكترونية أيــــــــــــــــــــــــا كانت حتي ولو لم تــــــكن داخـــــــــــــــــل الجـــــــــــــهاز وقت ضبطها لأن المادة لـــــــــــم تشترط ذلك علــــــــــــــماً بأن التــــــــخزين يكـــــون غالباً بالذاكرة والــــتي يمكــــــــــــــــن فصلها عن الجهاز ويكون المحتوي داخـــــــــــــــلها ويمــــــكن الإطلاع عليه عند إدخالها به .
من جانب ثانٍ فقد جــــــــرمت الــــــــمادة توفير الشخص لإمكانية  الوصول للمحتوي المــــــــخل بالنظام الــــــــــعام أو الآداب سواء عن طريق العمد مثــــــــل بعض الأشخاص الــــــذين يقومون بإعـــــــــداد أمـــــــــــاكن كمقاهي إنترنت يتم الدخول للمواقع الإباحية عن طريقها ، أو مــــــــــــــــــنح شخص أو أشخـــــــــاص آخرين فرصة الإطلاع علي المحتوي المذكور في حالة ان يحـــويه الجهاز الخاص بالجاني ،  والإهمال يمكن تصوره بأن يحتوي الجهاز علي محتوي مخل يهمل الجاني فيه فيسهل الوصول بذلك اليه .
أما الركن الثالث من المادة فقد شــــــدد الـعقوبة علي الجــــــــــاني في حــــــــــــــــالة أن يوجــــــــــــــــــــــــــه المحتوي المخل بالنظام العام او الآداب إلي حدث أي طفل . والملاحــــــــــــظ أن القــــــــــــــانون لـــم يعرف الحدث ، ولم يعرفه كذلك القانون الجنائي لسنة1991 والذي عـــــــرف الشخـــص غير البالغ بأنه كل من يبلغ ثمانية عشــــــــــــــــــــــرة سنة ،  بيـــــــــــنما عـــــــرفه قـــانون الطفل لسنة 2010 بأنه كل من لم يبلغ الثامنة عشرة . وبالتالي يمكن الأخذ بهذا التعريف للحدث.
المادة 15 :
إنشاء أو نشرالمواقع بقصد ترويج أفكاروبرامج منافية للنظام العام والآداب :
كل من ينشيء أو ينشر أو يستخدم موقعاً علي الشبكة العنكبوتية أو أحـــــــــــــــــد أجهزة الحاسوب أو مافي حكمها لتسهيل أو ترويج برامج أو أفكار مخالفة للنظام العام أو الآداب ، يعاقب بالسجن مدةً لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً .
أركان المادة :
1/  أن يقوم الجاني بإنشاء موقع أو ينشر أو يستخدم موقعاً علي الشبكة العنكبوتية أو أحد أجهزة الحاسوب .
2 / ان يكون الإنشاء أو النشر او الإستخدام للموقع لتســـــــــــــــهيل او ترويج برامج أو أفكار مخالفة للنظام العام أو الآداب .
قد تبدو هذه المادة للوهلة الأولي شبيهة بالمادة التي سبـــــــــــقتها غيـــــــــــر أن هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــناك إختلافاً جوهرياً بينهما ،  ففي حين تجرم المــــــــــادة الــــــــــسابقة إنتاج أو إعــــــــداد أو تهيئة أو إ رسال محتوي مخل بالنظام العام أو الآداب ، تجــــــــــــرم هذه المادة إنشاء أو نشر المواقع بقصد تسهيل أو الترويج لأفكار مخالفة للنظام العام أو الآداب .
ويعتبر إنشاء الموقع الإلـــــــــــــــــــــكتروني أو موقع ( الويب ) الخــــــــطوة الأولي التي لابد منها لإنشاء عمل إلكـــــــــتروني عبر الإنتــــــــــرنت ، وإذا ـكــــــــــــــــانت  هذه العملية ســـــــهلة نسبياً فإن          
إنشاء المواقع ذات الإمكانيات العالية تحتاج الي خـــــــــبرة ومعونة المختصين ، هذا ويــــعد إسم المجال هو النظام المستخدم في البيئة الإلكترونية والذي يقوم مقام الإسم التــــــــجاري  في بيئة التجارة التقليدية (1) .
إذاً فالفعل المجرم وفقاً لهذه المادة ينحصر في أجزاء ثلاثة هي إنشاء موقع جـديد علي شبكة المعلومات ، أو إستخدام موقع قائم أصلاً ، أو نشر المـــــــوقع ، لترويـــــــــج او تســــــــــهيل  برامج مخالفة للنظام العام أو الآداب ، والحقيقة فإن كلمة تسهــــــــيل تبدو غير واضــــــــحة الدلالة فــــي سياق النص ، والذي يبدو أن المقصود منها هو تسهيل الوصول للبرامج أو الأفكار المخالفة للنظام العام او الآداب ، لذا كان من الأفضل أن تكون صـــــــــــــــــياغة النص تحتوي علي كلمة تسهيل( الوصول إلي ) .
من جانب ٍ ثانٍ فإن كلمــــــــة (يـــــــنشر) الواردة بالنص تعني النشر عن الموقع المروج  للأفكار كما قد تعني إستضافة الموقع أو المــــــــــعاونة علي نشره بأن يقوم الشـــــــــــــخص بتصميم الموقع لصالح شخص آخر غير أن هذه الحالة الأخيرة قد تنقل الشخص من فاعل أصــــــــلي لشريك وفقاً لنص المادة 23 من ذات القانون والتي جاءت تحــــــــــت عنوان التحــــــريض أو الإتفاق أو الإشتراك . كذلك يجب ملاحظة أن إستخدام ماهو في حكم الحــــــــــاسوب أو شبكة المعلومات في الأفعال المذكورة آنفاً يشكل أركان هذه الجريمة .
نلاحظ من خلال هذه المواد ان قانون جرائم المعلوماتيه غطي الافعال التي ذاعت مؤخرا ولعل عدم الالمام الكافي بهذا القانون حتي الان  يجعل الدعاوي تحال بتهم تحت مواد القانون الجنائ علما بان الفرق بين الافعال  هنا وهناك هو اختلاف الوسيلة فحيث ما كانت شبكة المعلومات او اجهزة الحاسوب او ما في حكمها فثم الجريمة المعلوماتية .
النتائج :
1/القانون الجنائي لسنة1991 جرم الافعال المخلة بالاداب العامة بيتما جرم قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 ذات الافعال في حالة استخدام الوسائط الحديثة لارتكابها .
2/ التعامل مع  قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 مازال ضعيفا من قبل النيابات والمحاكم .وكذلك الالمام به.
3/ القانون الجنائي لسنة 1991 نص علي معيار النظام العام والاداب في جريمة  الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة .بصورة غير واضحه كما انه لم يعرف مصطلح المكان العام.
التوصيات:
1ـ تعديل القانون الجنائي 1991بضبط معيار النظام العام والاداب والزي الفاضح وتعريف المكان العام .
2_ تشديد عقوبة الافعال  محل البحث الوارده في القانون الجنائي بجعل السجن فيها إلزاميا.
3_ التبصير بقانون جرائم المعلوماتيه والتعريف به واصدار منشور من السيد المدعي العام بصرورة توجيه التهمة بمواده في حالة ارتكاب اي فعل بواسطة شبكة المعلومات او اجهزة الحاسوب اة مافي حكمها.
والله ولي التوفقيق













الجرائم  المخلة بالاداب والنظام العام

بين القانون الجنائي 1991وقانون جرائم المعلوماتية 2007


ورقة بحثيه من إعداد المستشار د.إبراهيم قسم السيد محمد.







الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

القانون الواجب التطبيق علي منازعات الملكية الفكرية في ظل التطور التقني في وسائل الاتصال



القانون الواجب التطبيق عاي منازعات الملكية الفكريه في ظل  التطور التقني
          تتعدد صور الإعتداء على حقوق الملكية الفكرية ، إذ أبرز التطور التقني وسائل جديدة لإستغلال المصنفات الفكرية ، فظهرت أنواع جديدة من المصنفات هي المصنفات الرقمية، بحيث يكون المصنف الموجود على شبكة الإنترنت مطابق تماماً للأصل ومع إستخدام الأقمار الصناعية أصبح بالإمكان نشر العديد من المصنفات في حين أنها مشمولة بحقوق الملكية الفكرية دون إذن المؤلف أو إعطاءه المقابل المادي لذلك .
          هذا بالإضافة إلى نشر المصنفات بطريقة تقليدية عبر شبكة الإنترنت ،حيث أصبح بالإمكان تحميل الملفات الموسيقية المحملة على الحاسبات الشخصية عن طريق برنامج معين وقد أدى هذا البرنامج إلى تبادل الآلاف من القطع الموسيقية مجاناً عبر العالم ، هذا فضلاً عن التعدي على برامج الحاسب الآلي ، وذلك بنسخها أو إستخدامها أو الإستيلاء عليها، أو إكتشاف أسرارها أو تدميرها. (1)
          ما تمت الإشارة إليه من أفعال يمكن أن يسبب أضراراً معنوية أو مادية ، كما نرى أن إمكانية إرتكابها يمكن أن تتم عبر وسائل أخرى بخلاف الإنترنت مثل الهاتف الجوال لإشتماله على خاصية إرسال وإستقبال الرسائل والأفلام والصور ، كما يمكن إرتكابها عبر أجهزة التلكس والفاكس .
          إن الذي يجمع بين هذه الأفعال غير المشروعة جميعها هو أن الضرر الناتج عنها يمكن أن ينتشر في أجزاء عديدة من العالم في وقت واحد ، فضلاً عن أن إرتكابها يتم في دولة أو دول مختلفة . وبالتالي فإن الذي ينطبق عليها هو قانون العلاقات الخاصة الدولية علما بأن القانون المتفق علي تطبيقه علي هذه الأفعال فقهاً وقضاء هو قانون محل الفعل المنشئ للإلتزام ، باعتبار أنها من الأفعال المشكلة للإلتزامات غير التعاقدية . وهذا القول يجعل من الصعوبة الإعتماد على هذا المبدأ لعدم سهولة تحديد المحل الذي وقع به الفعل المنشئ للإلتزام في ظل التطور التقني الحادث في عالم اليوم
          فمن ناحية أولى : يصعب تحديد محل وقوع الفعل الضار لإعتماد تقنيات الإتصال الحديثة على تقنية الأقمار الصناعية الموجودة بالفضاء الخارجي غير الخاضع لقانون دولة بعينها فضلاً عن إسهام جهات عديدة في توصيل الخدمة وتفرقها بين عدة دول.
          ومن ناحية ثانية : يصعب كذلك تحديد مكان وقوع الضرر لإعتماده كضابط إسناد لتحديد القانون الواجب التطبيق نسبة لإمكانية تحقق وقوع الضرر  في دول عديدة. فعند التعدي علي ملكية فكريه ونشرها عبر وسائط التقانه الحديثة مثل الانترنت  فيصعب في هذه الحالة تحديد مكان وقوع الفعل الضار لاتتشاره عبر رقعة واسعة قد تشمل الكرة الارضية باسرها , علما بانه في الوقت الراهن ظهرت الهواتف الذكية التي تمكن من الدخول لشبكة الانترنت . فعلي سبيل المثال اطلقت شركة ( سامسونج) جيلا من الهواتف الذكية لا يوجد فرق بينه وبين اجهزة الجاسوب المحمول ، فضلا عن ان بعض الجهات  اطلقت برامج مثل الرنامج المعروف  ب watsaap واخر ب 1 mobilmarket وهذا الاخير يمكن من انزال العديد من الكتب علي اجهزة الهاتف دون التحقق مما إذا كان ذلك مسموحا به من قبل المؤلف او لا . وهذا يجعل من المسالة اكثر تعقيدا لانتشار هذه الاجهزة وهذه البرامج يوما بعد يوم .
          ومن ناحية ثالثة : فالفعل الضار يمكن أن يتسم بخاصية يمكننا تسميتها بخاصية التجدد أو الإستمرار خاصة في حالة إرتكابه عبر الإنترنت والهاتف الجوال لإمكانية هذه الأجهزة بالإحتفاظ بما هو منشور عبرها ، فضلاً عن إمكانية إعادة إرساله، مما يسهل من عملية انتشار المصنف او المادة المتعدي عليها .
          ومن ناحية رابعة : فمكان تحقق الضرر يصعب تحديده في حالة إستقبال الرسالة المسببة للفعل الضار مثلاً في مكان لا تختص دولة ما ببسط سلطانها عليه، وذلك مثل الفضاء الخارجي او اعالي البحار والتي من المعلوم انها لا تخضع لسيادة دولة بعينها .
          ومن ناحية خامسة : القول بأن بعض تقنيات الإتصال الحديثة يمكن أن يتم الفعل الضار عبرها لجهة محددة دون إنتشارها عبر بقية دول العالم ، مثل إرسال رسالة مسيئة لشخص عبر بريده الإلكتروني ، أو هاتفه الجوال ، أو التلكس أو الفاكس ، أو حتى إختراق بريده الإلكتروني أو موقعه ، فيمكن الرد عليه بأن هنالك إمكانية للقول بإمكان إرسال الرسالة أو الإختراق من مكان لا يخضع لقانون دولة معينة مما يصعّب كذلك من إمكانية تحديد محل الفعل المنشئ للإلتزام.
          فضلا عما سبق ففي مجال الملكية الفكرية يوجد إختلاف لدى الفقه حول تكييف الملكية الفكـرية نفسها ، ففي حين يرى البعض أنها ملكية حقيقية مثل الملكية التي يكون محلها مادياً، باعتبار أنها تحمل معنى ذكاء الشخص وبالتالي فهو يملك إنتاجه ملكية تامة ، يرى البعض الآخر أنها تختلف عن الملكية العينية والملكية المنقولة باعتبارها صناعة فكرية إبداعية والفكر مسألة معنوية ، ويرى جانب ثالث أنها صورة خاصة للملكية تخضع لقواعد تشريعية خاصة.(2         
          هذا وقد إختلفت آراء الفقه في تحديد القانون الواجب التطبيق على منازعات الملكية الفكرية فقد ذهب جانب إلى تطبيق قانون بلد الأصل باعتبارها تقع في نطاق الأموال وذلك باللجوء لقانون يتفق وهذه الطبيعة.(3)
          ويرى إتجاه آخر تطبيق قانون دولة الإرسال ، إستناداً إلى أن العمل غير المشروع يكتمل بمجرد صدور الإرسال ، دون النظر إلى إستقباله ، كما أن هذا المعيار يسهل من عملية الإثبات ، وذلك بمساءلة المحطة أو الجهة القائمة بالإرسال ، بينما ذهب إتجاه ثالث إلى تطبيق قانون دولة الإستقبال إستناداً إلى أن الفعل لا تكتمل به أركان المسئولية إلا باستقبال الموجات لتتحقق النتيجة الضارة. (4)
          يرى الباحث أن الإعتداء على حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق عليها في حالة تعلقها بقانون العلاقات الخاصة الدولية يتعلق بحسب النظر إليها من قبل القانون المعين وفقاً لتكييفه لها وفقاً لما إذا كانت أموالاً مادية أو معنوية. فإذا كانت تعد أموالاً مادية منقولة فإن القانون الواجب التطبيق عليها هو قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها ، وهذا الإتجاه هو ما أخذ به قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م في المادة (12) منه.
          أما إذا كانت تعد من قبيل الحق الأدبي ، فقد إختلفت آراء الفقه حول ذلك التحديد فبينما إتجه رأي إلى تطبيق القانون المحلي إستناداً إلى مبدأ الإسناد الإجمالي بتطبيق قانون مركز المال دون تفرقة بين جانب مادي وآخر معنوي ، يرى إتجاه آخر تطبيق قانون القاضي  إستنادا علي انه في هذه الحالة  يمكن تطبيق قواعد موحدة متناسقة على كل الحقوق الشخصية . وينصب رأي ثالث إلى تطبيق قاعدة التنازع الخاصة بالحالة المدنية للأشخاص أو تلك المتعلقة بالمسئولية المدنية.(5)
          يتضح مما سبق أن وسائل التقانة الحديثة أحدثت مفهوماً جديداً للضرر يمكن تسميته بالضرر الإلكتروني فيما يتعلق بالأضرار المادية والمعنوية . فضلاً عن تأثيرها على مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق . خاصة المبدأ المأخوذ به في معظم القوانين وهو القانون المحلي.
          وفقاً لذلك يرى الباحث أن الأنسب فيما يتعلق بالأفعال الضارة أن يطبق عليها قانون محل الإقامة الفعلى للمدعي وذلك لإرتباط مصالحه المادية والمعنوية بهذا المكان . أو قانون جنسيته إذا رأى ذلك هو الأنسب له لإعتبارات إجتماعية أو إقتصادية أو غيره ، والأخذ بهذين الضابطين – فيما نعتقد – يحققان مرونة أكثر إذا كان أحد القانونين لا يحقق مبتغى المدعي كأن يكون غير معترف بالضرر الأدبي على سبيل المثال.
          أما في مجال الملكية الفكرية فيرى الباحث أن النظريات المأخوذ بها لا تؤدي لحلول متكاملة في حالة الإعتداء عليها بواسطة الأجهزة التقنية الحديثة . فنظرية بلد المنشأ أو الأصل للعمل الفكري سندها أن هذه الحقوق تقع في نطاق الأموال غير أنه من المتوقع ألا تعتبرها بعض الدول كذلك.
          في هذا الجانب نشير إلى أن بعض الإتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية مثل إتفاقية جنيف وبيرن لم تمنحا الحماية للحقوق المعنوية للمؤلف(6 .
          أما نظرية قانون الدولة مصدر الإرسال فتصطدم بإمكانية إرسال المصنف موضوع الإعتداء من مكان غير تابع لدولة معينة ، او عدم امكانية تحديد مكان الارسال علي وجه التحديد كما أن هذه النظرية تتجاهل تداخل جهات عديدة في مسألة الإرسال هذه ، فقد سبق ان ذكرنا ان تقنيات الاتصال الحديثة تعتمد علي الاقمار الصناعية , كما ن مواقع الانترنت تتعدد  جهات مختلفة في تقديم اتلخدمة الخاصى بها كما انها قد وتوجد في دول مختلفة.
          كذلك فإن نظرية دولة الإستقبال لا تقدم الحل الوافي ، لان الاستقبال فص ظل التطور التقني الحالي خاصة وأن الإستقبال يتم في دول عدة  ــ ان لم يكن في كل انحاء المعمورة ــ في وقت واحد في حالة نشر المصنف عبر الإنترنت .
          في هذا الجانب يرى الباحث كذلك تطبيق قانون مكان التواجد الفعلي للشخص المعتدي على حقه في الملكية الفكرية ، أما في حالة أن يكون هذا المكان لا يعطيه الحماية الكافية كأن يكون لا يغطي حماية الحقوق المعنوية نرى أن يتم تطبيق ضابط إسناد مرن بتطبيق قانون الدولة التي يرى أنها الأنسب لحماية حقوقه ، شريطة أن تكو ن ذات علاقة فعلية بموضوع الإعتداء.




(1) سيمافيد هاناثان ، ترجمة حازم حسن صبحي ، حق الملكية الفكرية الإنجازات والتجاوزات ، منشورات المكتبة الأكاديمية ، 2001 ، ص 43
(2) أنظر بروفيسور حاج آدم حسن الطاهر ، أحكام الملكية الفكرية ، بدون ناشر ، الطبعة الثانية ، 2008م  ، ص 4 ، وأيضاً حسام أحمد حسين، الملكية الفكرية وفقاً لما عليه العمل في القانون السوداني ، مطبعة النيلين ، 2003م ، ص 12 و عبد الكريم محسن أبو دلو  وتنازع القوانين في الملكية الفكرية ، دار وائل للطباعة والنشر ، بدون سنة طبع ، ص 23
(3) د. أشرف وفا محمد ، تنازع القوانين في مجال الحقوق الذهنية للمؤاف ، دار النهضة العربية ، الطبعة الأولى ، ص 67
(4)  د. صلاح الدين جمال الدين، حماية حق المؤلف ، المرجع السابق ، ص 36
(5)  د. جمال محمود الكردي ، حق المؤلف في العلاقات الخاصة الدولية والنظرة العربية والإسلامية للحقوق الذهنية في منظومة الإقتصاد العالمي الجديد، دار النهضة العربية ، الطبعة الأولى 2002م ، ص 129 وما بعدها.
(6  المرجع السابق ، ص 109