الخميس، 12 مايو 2016

الحصانة فى القوانين السودانية


بسم الله الرحمن الرحيم



الحصانة في القوانين السودانية

الدكتور/ إبراهيم قسم السيد محمد طه / المستشار القانوني بوزارة العدل



مقدمة :

تضمنت العديد من التشريعات السودانية نصوصاً تغطي موضوع الحصانات والتي هي عبارة عن إمتياز يقرره القانون لبعض الفئات وهو إمتياز لا يمنع أو  يلغي الجريمة و لا يمنع العقاب عليه كذلك ، لكنه يحول دون إتخاذ الإجراءات الجنائية وأحياناً المدنية بحق المشمول بهذا الإمتياز إلا بعد الحصول على إذن جهة يحددها القانون .

إن الذي يظهر هو أنه ليس هناك خلاف في وجود حاجة عملية للنص على الحصانات لبعض الفئات كي تتمكن من أداء أعمالها بإطمئنان خاصة وأن هذه الأعمال قد تتسم بقدر من الخطورة يدفع من يقوم بها لإرتكاب فعل قد يشكل جريمة .

ورغماً عما سبق إلا أن الأمر يحتاج للبحث والمراجعة إذا شكلت هذه الحصانات عائقاً أمام تطبيق نصوص القانون بالطريقة المرجوه ، وانطلاقاً من ذلك قد تثور بعض الأسئلة هي :

 ما هي القوانين السودانية التي منحت حصانات لفئات معينة ؟

وهل هناك حاجة لكل هذا العدد ؟

فضلاً عن ذلك هل تعيق هذه الحصانات تطبيق القانون ؟

 و إذا كان ذلك كذلك فما هي الحلول ؟

هذه الأسئلة هي ما سنحاول الإجابة عنها في هذه الورقة والتي قسمناها كالآتي

المبحث الأول : الحصانات تعريفها وأساسها القانوني وتحته المطالب التالية :

المطلب الأول : تعريف الحصانات .

المطلب الثاني : أسباب منح الحصانة .

المطلب الثالث : الأساس القانوني لمنح الحصانة في القانون السوداني .



المبحث الثاني: الحصانات المنصوص عليها في القوانين السودانية .

المطلب الأول : حصانة شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية والتشريعية .

المطلب الثاني : حصانة الجهات العدلية .

المطلب الثالث : حصانة الموظفين العموميين .

المطلب الرابع : حصانة القوات النظامية .

المبحث الثالث : المشكلات العملية المتعلقة برفع الحصانة .

الخاتمة : النتائج والتوصيات .



المبحث الأول

الحصانات تعريفها وأساسها القانوني

المطلب الأول:

أولاً  تعريف الحصانة :-

أصل الحصانة المنع ولذلك  قيل مدينة حصينة ودرع حصينة (1) .

وتنقسم الحصانة إلى نوعين حصانة موضوعيه وحصانة إجرائية ، وتختلف الحصانة الإجرائية في أنها تعطل تفعيل نص التجريم ولو بصفة مؤقتة في مواجهة شخص قام بإنتهاك القانون وتحول دون محاسبته إلا بصدور إذن من جهة يعطيها القانون حق منحه ، فالحصانة الإجرائية تمنع الحركة التلقائية والعادية للدعوى الجنائية بتعطيلها للنص الإجرائي الذي يحوّل النص العقابي من السكون إلى الحركة إذ لا عقوبة و لا حكم بدون دعوي جنائية ، و مع وقوع الجريمة لا تستطيع النيابة العامة التحقيق فيها إلا بعد الحصول على تصريح من جهة أخرى غالباً ما تكون الجهة التي يتبعها الموظف المتهم بإرتكاب الجريمة مما يعني أن تقدير ملائمة تحريك الدعوى الجنائية في هذه الحالة ليست في يد الأمين على الدعوى الجنائية (النيابة) و إنما لجهة أخرى أما الحصانة الموضوعية وتسمى أيضاً الجوهرية فهي تعني عدم مسئولية بعض الأشخاص عن بعض الأقوال والأفعال التي تصدر منهم أثناء ممارستهم لوظائفهم أو أدائهم لأعمالهم (2) .

من خلال التعريف السابق يتضح أن للحصانة نوعين أحداهما يمنع من إتخاذ الإجراءات إلى حين وهي الحصانة الإجرائية حيث يكون إتخاذ إجراءات الدعوى الجنائية ِضد الشخص الممنوحة له وهي بمنح من له السلطة الإذن لإتخاذ الإجراء أما النوع الثاني فهو يمنع إتخاذ الإجراء الجنائي بالكلية بمعنى أنه يخرج الفعل من دائرة التجريم .



























ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم إبن منظور ، لسان العرب ، دارالكتب العلمية بيروت ط 1، 2002،ج13،ص145 ، مادة حصن .

(2) الحماية من القانون بالقانون ، نموذج الحصانة الإجرائية ، د.الهادي أبو حمرة بحث منشور على الموقع الإلكتروني

www.oman legal.net





المطلب الثاني :



أسباب منح الحصانات :-



في رأينا تتمثل أسباب منح الحصانات في الآتي :

1/ تمكين الشخص المشمول بالحصانة من أداء أعمال الوظيفة التي يشغلها بإطمئنان دون خشية من تدخل السلطات سواء كانوا خصوماً سياسيين كما هو الحال في الحصانة الممنوحة للبرلمانيين أو عناصر  سلطات  الحكم و الأفراد العاديين الذين يمس الإجراء المعني  مصالحهم.

2/ حماية الشخص الممنوح له إمتياز الحصانة من الملاحقة القضائية بعد تركه للمنصب الذي منحت له الحصانة من الملاحقة بسبب شغله له فكأن الحصانة بهذه المثابة تمنحه إطمئناناً أثناء عمله وعدم الخوف من المساءلة بعد تركه له .

ورغماً عما سقناه من أهمية منح الحصانة إلا أن هذا الأمر يحمل وجهين فللحصانة سلبيات وإيجابيات .

في إعتقادنا أن للحصانة دوراً إيجابياً يتمثل في إطمئنان الشخص المشمول بها من إتخاذ قرارات معينة في عمله قد تمثل إنتهاكاً للقانون أحياناً وبالتالي فأن ذلك ينعكس إيجاباً على أداء العمل وتسيير دولابه بالطريقة المطلوبة خاصة وأن الحصانة لاتمنح للشخص حماية لذاته بقدر ما هي محاولة لإعانته على أداء عمله بالشكل المطلوب دون إحساسه بالخوف من التعرض لإتهامات باطله وشكاوى قد لا يكون لها أساس .

ومن جانب آخر فللحصانة سلبيات فيما نرى تتمثل في الآتي :



أ ـ خلق إحساس بعدم المساواة أمام القانون :ـ



 مبدأ المساواة أمام القانون مبدأ دستوري تنص عليه الدساتير كواحد من الحقوق الأساسية ونص عليه دستور السودان الإنتقالي لسنة2005م في الباب الثاني المادة (31) كالآتي :" الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي . وعليه فإن النظر لهذا المبدأ مع إمكانية عدم خضوع بعض الأشخاص للقانون بسبب الحصانة يخلق الإحساس لدى البعض بعدم وجود هذه المساواة (1)

ب ـ التأثير على سير التحريات :ـ

سلفت  الإشارة إلى أن الحصانة تمنع اتخاذ الإجراءات القانونية ـ الجنائية عادة والمدنية أحياناً إلا بعد الحصول على إذن جهة معينة ، وهذا قد يعيق سير التحريات لاحقاً بعد الحصول على الإذن إذ غالباً ما تكون معالم الجريمة قد اختفت بفعل مرور الوقت وسنشير لاحقاً إلى أن بعض الجهات التي منح القانون لمنسوبيها امتياز الحصانة تمنع تسليمهم حتى لإجراءات التحري الأولى التي تسبق فتح الدعوى الجنائية .

ج ـ استغلال إمتياز الحصانة :ـ

بما أن الحصانة تمنع اتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة فمن الممكن أن يؤدي ذلك لإحساس الشخص الممنوحة له بأنه فوق القانون مما يدفعه لإرتكاب أفعال تشكل جرائم ما لم يكن لديه الوعي الكافي بأسباب منح الحصانة .

إن هذه السلبيات التي سبق ذكرها تترتب عليها تداعيات منها زعزعة الثقة في العدالة خاصة مع التأخر أحياناً كثيرة في اتخاذ قرار بشأن طلب رفع الحصانة من الجهات المختصة بذلك عندما يُرفع إليها فيظل المضرور من الجريمة ينتظر زمناً طويلاً مما قد يدفعه لأخذ حقه بيده ولسنا في حاجة للحديث عن الآثار الخطرة لذلك من حيث تأثيرها على المجتمع واستقراره .

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1)   تناول بعض الكتاب هذا الجانب على الشبكة العنكبوتيه . أنظر على سبيل المثال مقال سودانيون فوق المساءلة تحت لافتة الحصانات على موقع www.sudaneseonlin  والحصانة الدستورية  مقال في البحث عن دساتير وقوانين السودان



المطلب الثالث :



الأساس القانوني لمنح الحصانة في القانون السوداني :



تنص المادة 35من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م على الآتي :ـ

أ) لا يجوز فتح الدعوى الجنائية إلا بإذن من وكيل النيابة في الجرائم

1ـ التي لا يجوز القبض فيها بدون أمر .

2ـ المتعلقة بموظف عام .

ب) الإ بناءً على إذن من الجهة المختصة إذا كانت من الجرائم الآتية :

أولاً : المخلة بسير العدالة .

ثانياً : التي يجوز فيها التنازل الخاص إلا من صاحب الحق أو من ينوب عنه .

ثالثاً : التي ينص أي قانون على اشتراط الإذن فيها من الجهة التي يتمتع بحصانة إجرائية أو موضوعيه إلا وفقاً لأحكام القانون الذي ينص عليها .

هذا وقد أصدر السيد/ وزير العدل المنشور الجنائي رقم (1) لسنة 2005 الخاص بالأفعال التي تصدر من القوات النظامية أو الجهات الأخرى المكلفة من السلطة المختصة عند قيامهم بتنفيذ وأداء واجباتهم ونصه كما يلي :ـ

1/ يسمى هذا المنشور منشور جنائي رقم (1) لسنة 2005م الخاص بالأفعال التي تصدر من القوات النظامية أو الجهات الأخرى المكلفة من السلطة المختصة عند قيامهم بتنفيذ وأداء واجباتهم ويعمل به من تاريخ التوقيع عليه .

2/ مع مراعاة أحكام المادة 11 من القانون الجنائي لسنة 1991م والتي تقرأ (لا يعد الفعل جريمة إذا وقع من شخص ملزم بالقيام به أو مخول له القيام به بحكم القانون أو بموجب أمر صادر من السلطة المختصة أو كان يعتقد بحسن نية أنه ملزم به أو مخول له القيام به .

والمادة 21 من ذات القانون مقروءة مع المادتين 35(ب) و 29 (أ) من قانون الإجراءات الجنائية وأنه وبإمعان النظر في هذه المواد يتضح أن المشرع قد قصد إبتداءً إلغاء صفة الجريمة عن الأفعال التي تقع بموجب المواد 11/21 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م ، فأفراد القوات النظامية ومن في حكمهم مأمورين بموجب القانون بالقيام بتلك الواجبات ومؤاخذين قانوناً عن إمتناعهم عن القيام بتلك الواجبات التي تستهدف في مجملها حماية المجتمع كيان الدولة وحيث أنه من المتوقع أن يتم تجاوز تلك الرخصة أثناء أداء الواجب إلى المدى الذي يشكل جريمة وهنا يكمن جوهر قصد المشرع في خلق الموازنة ما بين الحق العام والحق الخاص لذا فقد احتاط المشرع لهذه الحالة بوضعه لقيد قانوني على تحريك الدعوى الجنائية وفقاً لما ورد في المادة 35(ج) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م عليه وتأسيساً على ما تقدم في حالة وقوع قد يشكل جريمة في مثل هذه الأحوال يتم إتباع الإجراءات الآتية :

أ/ إذا توافرت لدى وكيل النيابة أي معلومات جعلته يشتبه بإرتكاب جريمة أو إذا رفع إليه بلاغ أو شكوى عن وقائع تشير إلى وقوع جريمة فله أن يقوم بتحري أولى للاستيثاق من الوقائع أو الإشتباه وذلك وفقاً لنص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م .

ب / بعد إكتمال التحري المشار إليه في الفقرة (أ) يرفع محضر التحري الأولى لوكيل النيابة الأعلى المختص .

ج/ إذا رأي وكيل النيابة الأعلى المختص أن هنالك بينة مبدئية تستدعى فتح دعوى جنائية فعليه رفع محضر التحري للمدعى العام .

د/ إذا تأكد للمدعى العام توافر بينة مبدئية لفتح الدعوى الجنائية فعليه رفع توصيه بذلك لوزير العدل لمخاطبة الجهات المختصة لأخذ الإذن للسير في إجراءات الدعوى الجنائية بالنسبة للجهات التي تتمتع بحصانة قانونية .

هـ/ عند الحصول على موافقة الجهات المختصة لمنح الإذن تتخذ النيابة إجراءات فتح الدعوى الجنائية وتراعى عند ذلك مركز المتهم بإعتباره شخصاً منوطاً به حفظ الأمن والنظام عند إرتكابه للفعل المنسوب إليه .

وقد عنون المنشور للسادة / المدعى العام رؤساء النيابات بالخرطوم والولايات وكلاء النيابة الأعلى بالمحليات وهو منشور عام ولعلم الكافة ومن خلال ما سبق فإن الأساس القانوني للحصانة يجد سنده في المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م والتي تمنع في الفقرة ثالثاًً منها فتح الدعوى الجنائية في الدعاوى التي ينص أي قانون على إشتراط الإذن فيها إلا بعد الحصول على هذا الإذن ، وقد نظم المنشور الذي أوردناه والصادر عن السيد/ وزير العدل كيفية إتخاذ الإجراءات في حالة تقديم شكوى أو بلاغ ضد أفراد القوات النظامية فيما يتعلق بالأفعال التي تصدر منهم عند قيامهم تنفيذ واجباتهم للحصول على الإذن اللازم لفتح الدعوى في مواجهتهم علماً بأن إغفال هذا الإذن يبطل إجراءات الدعوى أمام المحكمة لاحقاً .

جاء في سابقة م أ/إ س ج/73/1993 ما يلي (1) 

إغفال الحصول على الإذن في حالة الدعوى الجنائية التي يحتاج تحريكها إلى إذن يبطل إجراءات التحري لإنعدام السند الذي تحرك به الدعوى الجنائية إبتداءً وينعدم تبعاً لذلك السند للمحاكمة انتهاءً . 

























ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجلة الأحكام القضائية 1993م ، إصدار المكتب الفني السلطة القضائية جمهورية السودان













المبحث الثاني

الحصانات المنصوص عليها في القوانين السودانية

تمهيد :

يشتمل هذا المبحث على النصوص الواردة في بعض القوانين السودانية التي تنص على إمتياز الحصانة الممنوح لبعض الفئات وقد قمنا بتقسيمها للآتي .

حصانات شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية حصانة الجهات العدلية ـ حصانة الموظفين العموميين ـ حصانة القوات النظامية . وذلك للوقوف على الجهات المشمولة بالحصانة وصولاً لما إذا كانت هناك حاجة لهذا العدد .

المطلب الأول :

حصانة شاغلي المناصب التنفيذية والتشريعية :

أولاً : قانون مخصصات شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية والتشريعية لسنة 2001م .

المادة 20(1)لا يجوز القبض على رئيس الجمهورية أو أي من نائبيه أو رئيس المجلس الوطني أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو مكان عمله أو إتخاذ أي إجراءات جنائية أخرى ضده الا بعد الحصول على أذن يصدره المجلس الوطني بقرار من نصف أعضائه .

2ـ يتم إتخاذ الإجراءات الجنائية ضد رئيس الجمهورية أو أي من نائبه أو رئيس المجلس الوطني أمام المحاكم الدستورية .

المادة 21 حصانة شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية :

فيما عدا التلبس لا يجوز القبض على أي من شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية القومية أو الولائية أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو مكان عملة أو إتخاذ أي إجراءات جنائية ضده الا بعد الحصول على أذن مكتوب يصدره رئيس الجمهورية أو الوالي بحسب الحال .

المادة 22(1) حصانة شاغلي المناصب الدستورية التشريعية .

فيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على أي عضو أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو مكان عمله الإ بعد الحصول عل أذن مكتوب من رئيس المجلس الولائي كيفما يكون الحال .

علماً بأن دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005م نص في المادة (92) على الآتي

ثانياً:  حصانة المعتمد :

المادة (49) من قانون الحكم المحلي لولاية الخرطوم لسنة 2007م .

1ـ لا يجوز في غير حالات التلبس إتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المعتمد أو أي من تدابير الضبط على شخصه أو مسكنه أو ممتلكاته إلا بعد موافقة الوالي .

2ـ في حالة إدانة المعتمد يرفع الوزير المختص توصية للوالي لعزله من منصبة



المطلب الثاني:



حصانة الجهات العدلية :



أولاً: حصانة قضاة المحكمة الدستورية :



المادة 11 من قانون المحكمة الدستورية  لسنة2010 :

يسري على قضاة المحكمة العليا الإمتيازات والحصانات المحددة لشاغلي المناصب الدستورية والقيادية المنصوص عليها في قانون شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية والتشريعية وإمتيازاتهم وحصاناتهم  .

ثانياً :حصانة القضاة:

المادة 96من قانون السلطة القضائية1986م

(1)لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه أو إتخاذ إجراءات التحقيق معه أو رفع دعوى جنائية ضده الا بإذن من رئيس القضاء أو رئيس الجهاز القضائي المختص أو أقرب قاضي أعلى درجة منه .

(2)على الرغم من أحكام البند (1) يجوز القبض على القاضي أو حبسه في حالة التلبس في أي من الجرائم المطلقة على أن يرفع الأمر إلى رئيس القضاء أو رئيس الجهاز القضائي بحسب الحال خلال أربع وعشرين ساعة كلما كان ذلك مكناً من بدء القبض أو الحبس للتأييد أو الإلغاء على أن يتم حبس القاضي في منزله أوفي مكان خاص كلما كان ذلك ممكناً .

 (3) يتولى التحقيق في جميع الحالات قاضي يكون أعلى درجة من القاضي المحقق معه .



ثالثاً : حصانة المستشارين القانونين بوزارة العدل :



المادة 46 من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1983م :

(1) في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على المستشار القانوني أو إتخاذ أي من إجراءات التحري أو رفع دعوى جنائية ضده إلا بإذن  من وزير العدل .

(2) في حالة التلبس بالجريمة يجب عند القبض على المستشار القانوني أن يرفع الأمر إلى وزير العدل فوراً ليتخذ الإجراء الذي يراه مناسباً .



رابعاً حصانة المحامين :



ـ المادة 48 من قانون المحاماة :

(1) في غير حالات التلبس أوفي الجرائم التي تخص أمن الدولة يجب قبل القبض على المحامي أو  إعلانه للحضور في أي تحقيق إخطار اللجنة المركزية للاتحاد بذلك وإذا كانت الجريمة المنسوبة للمحامي متعلقة بعمله جاز لنقيب المحامين أو من ينيبه من المحامين .

حضور الاستجواب أو التحقيق على أن تتبع أحكام قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م .



المطلب الثالث :



حصانة القوات النظامية :ـ



أولاً : حصانة أفراد قوات الشعب المسلحة :ـ



المادة 34(1) من قانون القوات المسلحة لسنة 2007م

(1) لا يعتبر جريمة أي فعل يصدر من أي ضابط أو ضابط صف أو جندي بحسن نية أثناء أو بسبب أداء أعمال وظيفته أو القيام بأي واجب مفروض عليه أو عن فعل صادر منه بموجب أستخدامه سلطة مخولة أو ممنوحة له بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية أو أي قانون آخر ساري المفعول أو أي لائحة أو أوامر صادرة بموجب أي منها على أن يكون ذلك الفعل في حدود  الأعمال أو الواجب المفروض عليه وفق السلطة المخولة بموجب قانون الإجراءات الجنائية ولا يتعدى القدر المعقول من القوة لتنفيذ القانون دون أي دافع للقيام بذلك الفعل .

(2) دون المساس بسلطات النيابة العامة في التحري لا يجوز اتخاذ أي إجراءات ضد أي ضابط أو ضابط صف أو جندي أذا قررت النيابة العسكرية أنه ارتكب فعلاً بشكل جريمة وقعت أثناء أو بسبب تنفيذه لواجباته أو أي أمر قانوني صادر له بصفته هذه ولا تجوز محاكمته إلا بإذن صادر من الوزير أو من يفوضه .



ثانياً: حصانة أفراد جهاز الأمن الوطني : ـ



تنص المادة 52 من قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني لسنة 2010م على :

1/ لا يعتبر جريمة أي فعل يصدر من عضو في الجهاز بحسن نية أثناء أو بسبب أداء أعمال وظيفته أو القيام بأي واجب مفروض عليه أو عن فعل صادر منه بموجب أداء أعمال وظيفته بموجب أي سلطة مخولة أو ممنوحة له بمقتضى هذا القانون أو أي قانون آخر ساري المفعول أو لائحته أو أوامر صادرة بموجب أي منها على أن يكون ذلك الفعل في حدود الأعمال والواجبات المفروضة عليه وفق السلطة المخولة له بموجب هذا القانون .

2/ لا يجوز إجبار أي عضو أو متعاون للإدلاء بأي معلومات عن أوضاع الجهاز أو مناشطه أو أعمال يكون قد حصل عليها أثناء تأديته لواجبه إلا بقرار من المحكمة مع عدم الإخلال بأحكام هذا القانون

3/ مع مراعاة أحكام المادة 46ودون المساس بأي حق في التعويض في مواجهة الجهاز ولا يجوز اتخاذ أي إجراءات مدنية أو إجرائية ضد العضو في أي فعل متصل بعمل العضو الرسمي إلا بموافقة المدير العام وعلى المدير العام إعطاء هذه الموافقة متى ما أتضح أن موضوع المساءلة غير متصل بأعمال الجهاز .

ومن هذا النص يتضح أن حصانة أعضاء جهاز الأمن والمخابرات الوطني والمتعاونين معه حصانة موضوعيه فيما يتعلق بالأعمال ذات العلاقة بالجهاز ويتمتعون أيضاً بحصانة إجرائية فيما عدا ذلك ، وتجدر الإشارة إلى أن الحصانة تشمل الإجراءات الجنائية والمدنية . 



ثالثاً : حصانة أفراد الشرطة :ـ



تنص المادة 45 من قانون شرطة السودان لسنة 2008م على الآتـي :ـ

1/ لا يعتبر جريمة أي فعل يصدر من أي شرطي بحسن نية أثناء أو بسبب أداء أعمال وظيفته أو القيام بأي واجب مفروض عليه أو عن فعل صادر منه بموجب أي سلطة مخولة بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية أو أي قانون آخر ساري المفعول أو أي لائحة أو أوامر صادرة بموجب أي منها على أن ذلك الفعل في حدود الأعمال أو الواجبات المفروضة عليه وفق السلطة المخولة له بموجب قانون الإجراءات الجنائية أو أي قانون آخر ولا يتعدي القدر المعقول من القوة لتنفيذ واجباته أو لتنفيذ القانون دون دافع آخر للقيام بذلك الفعل .

2/ دون المساس بسلطات النيابة العامة في التحري لا يجوز اتخاذ أي إجراءات ضد أي شرطي إذا قررت الشئون القانونية الشرطية أنه إرتكب فعلاً يشكل جريمته وفق أثناء أو بسبب تنفيذه لواجباته أو أي أمر قانوني يصدر إليه بصفته هذه ولا تجوز محاكمته إلا بإذن صادر من الوزير أو من يفوضه .

3/ تتحمل الدولة دفع أي تعويض أو دية عن الشرطي أو أي شخص آخر مكلف قانوناً في الجرائم المرتكبة أثناء العمل الرسمي أو بسببه .

4/ كل شرطي يواجه أية إجراءات قانونية تعترض إيداعه بالحراسة يحبس بحراسات الشرطة لحين الفصل في الإجراءات وتحدد اللوائح تنظم إيداعه بالحبس.



رابعاً : حصانة أفراد قوات الدفاع الشعبي :ـ



قانون قوات الدفاع الشعبي لسنة 1989م

المادة 17 : يخضع أفراد قوات الدفاع الشعبي أثناء فترة التدريب والاستدعاء للقوانين العسكرية وتختص المحاكم العسكرية بمحاكمتهم .



خامساً : حصانة أفراد الخدمة الوطنية :ـ



المادة 20(1) من قانون الخدمة الوطنية لسنة 1992م :

يخضع المجندون في الخدمة الوطنية للقوانين المطبقة على قوات الشعب المسلحة طوال هذه الخدمة .



سادساً : حصانة ضباط الجمارك :ـ



المادة 34 من قانون الجمارك لسنة 1986م

34(1) لا يكون ضابط الجمارك مسئولاً عن أي حجز أجراه وفقاً لأحكام هذا القانون متى وجد سبب معقول لذلك .

(2) إذا استرد المدعى أي وسيلة للنقل أو أي بضاعة محجوزة أو العائد من بيعها فيجوز للمحكمة أن تدون في حيثياتها بأن الحجز قد تم بناءً على أسباب معقولة ويكون ذلك مانعاً من اتخاذ أي إجراءات ضد ضابط الجمارك بشأن ذلك الحجز .

المادة 35 : لا يجوز تفتيش ضابط الجمارك أثناء تأدية واجبه الرسمي إلا في حالة التلبس أو بموجب أمر تفتيش صادر من الجهة المختصة أو بإذن المدير أو الرئيس المباشر في موقع العمل أو من يفوضه المدير في ذلك .



المطلب الرابع :



حصانة الموظفين العموميين :



عرف القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م الموظف العام في المادة (3) بأنه كل شخص تعينه سلطة عامة للقيام بوظيفة عامة سواء كان التعيين بمقابل أم دون مقابل وبصفة مؤقته أم دائمة وقد وردت حصانات لبعض الموظفين العموميين في القوانين السودانية كالآتـي :ـ



أولاً :قانون أمراض النباتات لسنة 1913م :ـ

المادة 18 :

لا يجوز إقامة دعوى مدنية أو فتح دعوى جنائية ضد الجهة المختصة أو أي مفتش أو ضابط حجر نباتات أو أي موظف عام آخر أو أي شخص يتصرف بمقتضى سلطة من الجهة المختصة أو ضابط حجر نباتات أو أي موظف عام آخر عن أي شيء يتم بمقتضى أحكام هذا القانون أو قصد بحسن نية إتمامه بمقتضى أحكام هذا القانون . 

ثانياً :-  قانون  البنك الزراعي السوداني  لسنة 1957 :

المادة 17 :- لا يترتب على عضو من أعضاء مجلس الإدارة أو أي موظف أو مستخدم بالبنك أي مسئولية فيما يتعلق بما قام به من أعمال أو أغفل القيام به عن حسن نية أثناء تنفيذه لواجباته كعضو أو موظف أو مستخدم بالبنك

ثالثاً:-  قانون مكافحة  أعشاب الهايسنت لسنة 1960 :-

المادة (5) سلطات المراقبين وحصاناتهم

(أ) يجوز للمراقب وأي شخص تفوضه تفويضاً صحيحاً أن يدخل أي أرض وأن يباشر فيها جميع الأعمال التي تكون على وجه معقول ضرورية أو ملائمة للقضاء على أعشاب الهايسنت أو مكافحة انتشارها .

(ب) يجب على المراقب أو أي شخص مفوض على الوجه السابق في تنفيذ الأغراض المذكورة أن يراعي بقدر المستطاع  تجنب الأضرار بأي ممتلكات على تلك الأرض ولا يجوز لأي محكمة نظر أي دعوى أو تستمر في نظر أي دعوى مرفوعة على أي شخص بطلب الحكم بتعويض إستناداً إلى ضرر مما سبق ذكره .

رابعاً :-  قانون مركز تطوير الإدارة لسنة 1968م :-

المادة 22(أ) :- لا تقع المسئولية على أي عضو في المجلس أو أي من العاملين التابعين فيما يتعلق بـ

(أ) كسر أو تلف أو ضياع ممتلكات المركز مالم يكن هذا الكسر أو التلف أو الضياع راجعاً إلى الإهمال أو سوء التصرف .

(ب) شئ يقوم به أو يفعله أي من العاملين بمكاتبه أثناء الأداء السليم لواجباته .

خامساً :- قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لسنة 1983م :-

المادة 18(1) يتمتع الأشخاص الذين يجوز لهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحصانة التي تتمتع بها المحكمة أثناء أدائها لعملها .

(2) لا تعني الحصانة المنصوص عليها في البند (1) إتخاذ الإجراءات ضد مخالفة لأحكام الشرع أو القانون يرتكبها الأشخاص الذين لهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

سادساً :- قانون ضريبة الإنتاج لسنة 1985م

المادة 51 :-  لايجوز تفتيش الضابط أثناء تأدية واجبه الرسمى إلا في حالة التلبس أو بموجب أمر تفتيش صادر من الجهة المختصة أو بإذن المدير أو من يفوضه في ذلك .

وقد عرف هذا القانون كلمة الضابط بأنها تشمل كافة الأشخاص المفوضين من المدير وأي شخص في خدمة الحكومة يكون في أي وقت مفوضاً لأداء واجبات ضابط الجمارك .

سابعاً :- حصانة الجهاز التنفيذي للمحليات :-

المادة 53 من قانون الحكم المحلي لولاية الخرطوم لسنة 2007م

لا يجوز في غير حالات التلبس إتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المدير التنفيذي أو أي من مديري الإدارات العامة أو أي من أعضاء الجهاز التنفيذي للمحلية أو إتخاذ أي من تدابير الضبط على شخصه أو مسكنه أو ممتلكاته في أي شأن يتعلق بأداء مهامه الرسمية إلا بعد موافقة المعتمد أو الوزير المختص أو الوالي بعد التشاور مع المعتمد بحسب الحال .

ثامناً :-  قانون الإنتخابات القومية لسنة 2008م :-

المادة 14(1) فيما عدا حالات التلبس لايجوز إتخاذ أي إجراءات في مواجهة رئيس المفوضية أو نائبه أو الأعضاء فيما يتعلق بأداء واجباتهم الموكلة إليهم بموجب أحكام هذا القانون إلا بعد الحصول على إذن مكتوب من رئيس الجمهورية.

 تاسعاً :- قانون ديوان المراجعة القومي لسنة 2015

المادة 50(1) فيما عدا حالات التلبس لايجوز

(أ) القبض على المراجع العام أو أي من نوابه أو إتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو حبسه أو رفع دعوى جنائية ضده بسبب فعل يتعلق بأداء مهامه إلا بإذن من رئيس الجمهورية بعد التشاور مع وزير العدل .

(ب) القبض على أي من المراجعيين أو حبسه أو إتخاذ أي من إجراءات التحقيق معه أو رفع دعوى جنائية ضده بسبب أي فعل يتعلق بأداء مهامه إلا بإذن من المراجع العام بعد التشاور مع وزير العدل .

يتضح من خلال العرض السابق أن عدد القوانين التي حوت إمتياز الحصانة يبلغ20 قانوناً وقد حوى بعضها حصانة موضوعية مثل قانون مكافحة أعشاب الهايسنت 1960 وقانون البنك الزراعي السوداني لسنة 1957م حيث جعل الفعل المنسوب لصاحب إمتياز الحصانة ليس محلاً للمساءلة القانونية في حال ترتب عليه جريمة كما أن بعض القوانين مثل قانون الحكم المحلي لسنة 2007م أسبغ حصانة على عدد كبير من الأشخاص حيث جاء النص شاملاً لكل أعضاء الجهاز التنفيذي بالمحلية علماً بأن المادة 3 من القانون المذكور عرفت الجهاز التنفيذي بأنه : يقصد به المعتمد ومدراء الإدارات العامة والعاملون بالمحلية وبالتالي فإن كافة منسوبي المحلية من موظفين وعمال تشملهم الحصانة بموجب هذه المادة .

من جانب آخر إستثنت بعض هذه القوانين حالة التلبس من طلب الحصول على الإذن للمحاكمة وهذا يعنى أن الشخص وإن كان مشمولاً بالحصانة إلا أن هذه الحصانة تسقط عنه تلقائياً إذا تم ضبطه متلبساً بالجريمة أي العثور عليه لحظة إرتكابه لأركان الفعل الذي يشكل الجريمة المعنية .  

أما معظم القوانين  المذكورة فقد إحتوت على حصانة إجرائية تتطلب إذن الجهة المختصة وهو الإجراء الذي تقوم النيابة بطلبه وتعترضه صعوبات عملية وهو ما سنتعرض له في المبحث التالي . 



المبحث الثالث

المشكلات العملية المتعلقة بطلب رفع الحصانة

سلفت الإشارة إلى أن طلب رفع الحصانة وفقاً لمنشور السيد/ وزير العدل رقم(1) لسنة 2005م يتطلب من النيابة أن تقوم بإجراءات تحري أولي للإستيثاق من الشكوى أو البلاغ المقدم وذلك في حالة أن تكون ضد أحد أفراد القوات النظامية ، والواقع هو أن النيابة تتبع ذات الإجراء في حالة الشكاوى أو البلاغات المرفوعة ضد المشمولين بالحصانة بصورة عامة ومن ثم تقوم بمخاطبة الجهات المنوط بها منح الإذن وقد جرى العمل على أن تخاطب النيابة مباشرة بعض الجهات مثل إتحاد المحامين وتتقيد بالمنشور الخاص بالشكاوى والبلاغات ضد أفراد القوات النظامية آنف الذكر حيث تتم مخاطبة المدعى العام لرفع التوصية للسيد/ وزير العدل بطلب الإذن . غير أن الواقع العملي أفرز بعض المشكلات العملية التي نتطرق لها فيما يلي :-

 أولاً :-

عدم قدرة النيابة على إستكمال إجراءات التحري الأولى بسبب عدم تسليم المشتبه بهم لأخذ أقوالهم في هذه المرحلة .

من خلال الممارسة العملية تمتنع بعض الجهات عن تسليم أفرادها المشمولين بالحصانة لمباشرة التحري الأولي معهم ويحدث ذلك غالباً من أفراد القوات النظامية ، وهذا الإجراء يعيق تكملة التحريات ويغل يد النيابة للوصول للحقائق كاملة لأنه مهما بَذَلتْ من جهد فإن نصف الحقيقة يكون غائباً مالم تؤخذ أقوال المشتبه به ، ويحدث هذا رغماً عن أن بعض النصوص مثل قانون شرطة السودان لسنة 2008م تنص في المادة 45 على مبدأ (دون المساس بسلطات النيابة في التحري لايجوز .....الخ) وهذا النص فيما نعتقد يمنح النيابة الحق في أخذ أقوال المشتبه به أو بهم في مرحلة التحري الأولي خاصة إذا علمنا أن التحري الأولي يقصد به في تعريف قانون الإجراءات له الجنائية بأنه التحري الذي يسبق فتح الدعوى الجنائية (المادة 3) .

من جانب آخر نرى أن تسليم المشتبه بهم للتحري الأولي من معهم  قد يكون في صالحهم فإذا كان المشتبه بهم مجموعة من الأفراد فإن التحري الأولي قد يُخرج البعض منهم من دائرة الإشتباه وبالتالي لا يرفع إسمه لرفع الحصانة عنه خاصة وأن هذا الإجراء قد يترتب عليه إجراءات إدارية في مواجهة الفرد قد تضر به وبمصالحه وبالتالي فمن الأسلم أن يتم النص في كافة القوانين المنظمة لإجراءات الحصانة على أن هذا الإجراء لايمنع إتخاذ التحري الأولي .

ثانياً :- التأخير الشديد في البت في طلب رفع الحصانة :-

بعد إكتمال إجراءات التحري ورفعها للسيد/ المدعى العام لمخاطبة الجهات المنوط بها منح الإذن تتأخر هذه الجهات في غالب الأحيان تأخراً لا مبرر له في حين يكون المضرور متابعاً بصورة مستمرة للنيابة أو إدارة الشئون الجنائية أو السيد/ وزير العدل وليس في يد هذه الجهات سوى الإنتظار أو إصدار خطابات إستعجال لذات الجهات ولعل من أسباب هذا التأخير مايلي :-

1/ تركيز قرار رفع الحصانة في هرم هذه الجهات مثل الوزراء مما يعني إرتباط نظرهم للطلبات بوجود فرصة لذلك مع إنشغالهم الشديد بأعبائهم السياسية والإدارية الأخرى .

2/ عدم وجود زمن محدد يجب خلاله إتخاذ قرار برفع الحصانة من عدمه فقد خلت كل النصوص المنظمة للحصانات من ذلك .

3/ يؤدى التأخر إلى ضياع معالم الجريمة مما يعيق إكمال التحري لاحقاً

وقد سلفت الإشارة إلى أن مثل هذا التأخير لديه تداعيات تتمثل في زعزعة الثقة في نفس المواطن عندما يطول إنتظاره لقرار رفع الحصانة وقد يدفعه ذلك لمحاولة أخذ حقه بيده ولا يخفى ما في ذلك من خطورة على إستقرار المجتمع .

ثالثاً :-

وجود حصانة لبعض الجهات تمنع من إتخاذ أي إجراء مدنياً كان أم جنائياً مثل حصانة افراد جهاز الامن الوطني:

والملاحظ أنه حتى بعد هذا التأخير تخطر بعض الجهات مثل إدارة جهاز الأمن ووزارة الداخلية تخطر وزارة العدل بأنها ستقوم بمحاكمة منسوبيها أمام محاكمها الخاصة مما يخلق تساؤلاً حول الجوانب الإجرائية في هذه الدعاوى فهل يتم رفع الحصانة عن المتهم أم لا ؟ وكيف يتم فتح الدعوى الجنائية في هذه الحالة علماً بان قانون الإجراءات الجنائية حدد أن فتح الدعوى الجنائية يتم بناءاً على أمر النيابة أو الشرطة وفقاً لسلطة كل منها غير أن الذي يحدث عملياً أن هذه الجهات المشار إليها لا تعيد محضر التحري الأولي للنيابة للأمر بفتح الدعوى وتوجيه التهمة علماً بان قوانينها الخاصة مثل قانون الأمن الوطنى وقانون قوات الشرطة لم يغطي هذا الجانب مما يخلق تساؤلاً حول صحة إجراءات المحاكمة في هذه الحالة .

ونشير كذلك إلى عدم شيوع ثقافة الطعن الإداري لدى الأفراد المضرورين في قرار عدم رفع الحصانة ، ويتضح لنا من جملة ما سبق أن هذه المشكلات تحتاج لمعالجة لتعديل نصوص هذه القوانين لتغطية هذا النقص على ما سنشير له في الخاتمة التالية والمشتملة على النتائج والتوصيات .

الـخـاتـمـة

النتائج :-  

من خلال ماسبق عرضه يمكننا التوصل للنتائج التالية :-

1/ نصت العديد من القوانين السودانية بلغت حوالي 20 قانوناً على حصانات لفئات مختلفة .

2/ الحصانة كإجراء يقي الشخص الممنوحة له من الخوف والتوجس في أداء عمله هو إجراء مطلوب .

3/ إجراء رفع الحصانة يشتمل على مشاكل عملية مثل التأخير غير المبرر في إتخاذ قرار بشأنه .

4/ بعض الجهات تمتنع عن تسليم منسوبيها المشمولين بالحصانة لإتخاذ إجراءات التحري الأولي معهم .

5/ إغفال طلب رفع الحصانة يؤدي إلى بطلان إجراءات المحاكمة .

6/ القوانين السودانية المنظمة لإجراء الحصانة لا تشتمل على وقت محدد لإتخاذ قرار برفع الحصانة من عدمه .

7/ بعض القوانين السودانية لإجراء الحصانة تركز قرار رفع الحصانة في قمة الهرم الإداري في الجهة المعنية

التوصيات :-

1/ مراجعة القوانين المنظمة لمسائل الحصانة لإلغاء الحصانات وقصرها على جهات محددة تتطلب الأعمال التي تؤديها حمايتها مثل شاغلي المناصب الدستورية  والجهات العدلية والقوات النظامية .

2/ النص في القوانين المنظمة لمسائل الحصانة على تحديد وقت تبت فيه الجهة في الطلب وإلا أعتبرت الحصانة مرفوعة بعد مرور هذا الوقت .

3/ التدرج في مسائل رفع الحصانة بتقسيمها بين الجهات الإدارية في الجهات المعنية وعدم تركيزها في يد قمة الهرم الإداري فقط .

4/ مراعاة أن تكون حصانة الشخص المشمول بها متعلقة بعمله فقط ولاتتعداه إلى ما سواه .

5/ النص دائماً على أن حالة التلبس تجيز القبض على الشخص المشمول بالحصانة.

6/ تبصير الناس بثقافة إمكانية الطعن الإداري قرارات عدم رفع الحصانة

7/ تبصير بعض الجهات التي تنص قوانينها على إمكانية محاكمة أفرادها أمام محاكمها الخاصة بإعادة محضر التحري الأولي للنيابة في حالة قررت هذه الجهة المحاكمة لفتح الدعوى الجنائية وتوجيه التهمة ومن ثم إعادة الأوراق لها .



المراجع :



1/ مجلدات قوانين السودان , إصدار وزارة العدل .جمهوريى السودان.



2/ جمال الدين محمد بن منظور , لسان العرب ،دار الكتب العلمية ،ط 1،



3/ مجلة الاحكام القضائية 1993 ، اصدار المكتب الفني للسلطة القضائية .

4 / الموقع الإلكتروني www.oman.net



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    

  

 






الأحد، 17 يناير 2016

تتفيذ العقود الإلكترونية بالوسائل المستحدثة ,وتأثيره علي تحديد القانون الواجب التطبيق علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي.



بسم الله الرحمن الرحيم .
تنفيذ العقود الإلكترونية بالوسائل المستحدثة ,وتأثيره علي تحديد القانون الواجب التطبيق علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي.
الدكتور/  إبراهيم قسم السيد محمد طه .
المستشار القانوني . وزارة العدل , جمهورية السودان . أستاذ القانون المتعاون , بالجامعات السودانية.
مقدمة :
شهد عصرنا الحالي موجة دافقة من التطور الهائل في مجال اإتصالات مما سبب تغيراً هائلاً في كافة مجالات الحياة ., وكان من الطبيعي أن تتأثر الجوانب المتعلقة بالتجارة حيث إنتقلت التجارة من الجانب التنقليدي من حيث الممارسة إلي الجانب التقني أو الإلكتروني فظهرت التجارة الالكترونية , وتحولت عملية التعاقد بالتالي من تقليدية إلي تقنية فكانت العقود الإلكترونية والتي يحاول هذا البحث تعريفها وكيفية تنفيذها علماً بان البنوك تعد ذات دور هام في ذلك بما تقوم به من دور في قبول ما أصبح يعرف الان بالنقود والشيكات الإلكترونيه , بل ظهور بنوك بكاملها تعرف الان بالبنوك الإلكترونية . وقد قمنا بتقسيم البحث للفصول التالية
الفصل الأول : تعريف عقود التجارة الإلكترونية
 الفصل الثاني :خصائص عقود التجارة الإلكترونية
 الفصل الثالث :تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية الدولية
الفصل الأول
                               تعريف عقود التجارة الإلكترونية
     يعد العقد بصفة عامة (( وعد أو مجموعة وعود يمكن تنفيذها قانوناً و هو إتفاق ينشئ إلتزامات قانونية يرتبط بها أطراف العقد ، أو وعد أو مجموعة وعود يمنح القانون جزاءاً نتيجة للإخلال بها أو يعتبر تنفيذها واجباً )) (1) . وقد عرّف قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م العقد في المادة 33 (1) منه بأنه (إرتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه إلتزام كل منهما بما وجب عليه للآخر) .
        بصفة عامة لا تكون الإرادة الواحدة عقداً ، لذا يحتاج العقد إلى إجتماع إرادتين ، كما يجب أن تتجه الإرادتان إلى إنشاء إلزام يمكن إقتصاءه جبراً على المدين ، ويمكن أن تتطابق أكثر من إرادتين لإحداث الأثر القانوني (2)  .
أولاً : التعريف في التشريع :-
        عرفت المادة الثانية من التوجيه الأوربي الصادر في 20 مايو 1997م العقد الإلكتروني بأنه ( أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الإتصال الإلكترونية حتى إتمام العقد). (1) وعرّف قانون المعاملات الإلكترونية الأردني العقد الإلكتروني بأنه (الإتفاق الذي يتم إنعقاده بوسائل إلكترونية كلياً أو جزئياً).(2)
        لم يضع قانون اليونسترال النموذجي للتجارة الإلكترونية وهو القانون الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الجلسة رقم 85 بتاريخ 16 ديسمبر 1996م لم يضع تعريفاً للعقد الإلكتروني ، وكذلك لم يعرفه قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي ، والذي اكتفى بتعريف التجارة الإلكترونية والمبادلات الإلكترونية بأنها المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الإلكترونية ، وهو نفس النهج الذي اختطه التشريع الإمـاراتي ، وكذلك التشـريع البحريني (3) .
        هذا ولم يضع قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م تعريفاً محدداً للعقد الإلكتروني ، وإن كان قد نص في المادة 4 منه على صحة ونفاذ العقود الإلكترونية كالآتي:-
        ( تكون العلاقة الإلكترونية صحيحة ونافذة عند إرتباط الإيجاب بالقبول عبر رسالة البيانات التي يتبادل فيها المتعاقدان التعبير عن إرادتين متطابقتين على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه إلتزام كل منهما بما وجب عليه للآخر) . وبمقارنة نص المادة (4) بالمادة (33) (1) من قانون المعاملات المدنية السوداني ، نجد أنها حملت نفس المفهوم الذي عرفت به المادة (4) من قانون المعاملات الإلكترونية صحة التعاقد الإلكتروني ونفاذه ، والفرق بين المادتين في وسيلة إبرام العقد ، والذي يتم حسب نص المادة (4) المشار إليها بواسطة رسالة البيانات .
        في هذا الصدد عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م رسالة البيانات بأنها (المعلومات التي يتم إنتاجها أو إرسالها أو إستلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو بصرية أو وسائل تقنية أخرى بما في ذلك التصرفات الفردية أو العقود التي يتم إبرامها أو تنفيذها كلياً أو جزئياً عن طريق رسالة البيانات الإلكترونية) .
        كما عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية السوداني بأنها (العلاقات والتصرفات المالية والأحوال الشخصية وسائر المعاملات القانونية غير الجنائية ، بما في ذلك التصرفات الفردية أو العقود التي يتم إبرامها أو تنفيذها كلياً أو جزئياً عن طريق رسالة البيانات الإلكترونية) .
        ببحث ومدارسة هذه النصوص نستطيع القول بأن المشرع السوداني في قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لم يفرد تعريفاً خاصاً للعقد الإلكتروني كما فعل لكثير من المصطلحات والعبارات ، غير أنه يكون قد وضع تعريفاً غير مباشر للعقد الإلكتروني ، فقد شمل تعريفه بأنه أي تعامل أو عقد يتم بواسطة المراسلات الإلكترونية .
ثانياً : التعريف في الفقه :-
        إلى جانب القوانين التي وضعت تعريفاً للعقود الإلكترونية فقد إجتهد الفقه في وضع تعريف لها فقد ذهب البعض إلى أنه هو (العقد الذي يتم إنعقاده بوسيلة إلكترونية ، سواء كانت تلك الوسيلة كهربائية أو مغنطيسية أو أي وسيلة أخرى مماثلة) ، ورأي قال هو (إتفاق يبرم وينفذ كلياً أو جزئياً من خلال تقنية الإتصال عن بعد بدون حضور متزامن للمتعاقدين)، ورأي خلط بين تعريف التجارة الإلكترونية وتعريف العقد الإلكتر، فذكر أنها (عملية ترويج وتبادل السلع والخدمات بإستخدام وسائل الإتصال الحديثة ، وقال رأي آخر أنه( العقد الذي يتكون وينفذ بوسيلة نقل أو إتصال مثل التلفون أو النقل المرئي أو أي وسيلة تفاعلية عامة أو برنامج إلكتروني). (1)
        يرى الباحث أن التركيز في تعريف العقد الإلكتروني ينبغي أن يكون على وسيلة إبرامه وتنفيذه مع عدم تحديد الوسائل التي يبرم بها على سبيل الحصر والتحديد ، لأن الخوض في تبيين أركان العقد الإلكتروني من حيث أنه يتم بإيجاب وقبول ونحوه يعد تزيداً فيما نرى ، فالعقد الإلكتروني هو عقد عادي ومن مستلزمات العقد الإيجاب والقبول والتراضي ، أما تحديد وسائل إنعقاد العقد على سبيل الحصر فيمكن أن يدخل القانون الذي يحدد هذه الوسائل في جدل فقهي عند التطبيق لأن وسائل الإتصال الحديثة في تطور مستمر، ومن المتوقع نشوء وسائل إتصال أخرى تختلف عن تلك المحددة في التعريف ، لذلك من الأجدى الإشارة في التعريف إلى أن العقد الإلكتروني هو( عقد يتكون وينفذ عن طريق أياً من وسائل الإتصال عن بعد) .
        يرى الباحث أيضاً أن نهج المشرع السوداني في عدم وضع تعريف للعقد الإلكتروني هو نهج أفضل ويتماشى مع نهج قانون اليونسترال النموذجي والذي وضع لتهتدي به التشريعات في مجال التجارة الإلكترونية ، إذ أن تفادي التعريف المحدد والإشارة في ثنايا القانون إلى أنه عقد يشمل كافة التعاملات غير الجنائية ، وأنه تعامل يتم بواسطة المراسلات الإلكترونية يضع حداً للكثير من الجدل عند التطبيق.
        غير أنه من الملاحظ أن قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م ، وكذلك قانون اليونسترال النموذجي لم يتطرقا لمسألة القانون الواجب التطبيق على منازعات العقود الإلكترونية ، هذا بالطبع في مجال العقود التي تصطبغ بصبغة الدولية ، أي العقود التي تحتوي على عنصر أجنبي مؤثر والتي تخضع بالتالي لتنازع القوانين وفقاً لهذه الصفة ، مما يجعل الباب مفتوحاً للإجتهاد الفقهي حول هذه المسألة بحسبان أن العقد الإلكتروني يثير العديد من الأسئلة حول إمكانية تطبيق قواعد الإسناد التقليدية في مجال قانون العلاقات الخاصة الدولية على منازعاته ، فالوسائل الجديدة للإتصال والمستخدمة في إبرامه تجعل من الصعوبة الركون إلى هذه القواعد التقليدية والتي سادت في وقت لم يكن التعاقد يتم فيه عن طريقها .

                                        الفصل الثاني
خصائص عقود التجارة الإلكترونية
        أولاً:- عقود التجارة الإلكترونية من العقود المبرمة والمنفذة عن بعد :-
        عقود التجارة الإلكترونية تمتاز بسمة أن إنعقادها يتم دون التواجد المادي لأطرافها عبر وسيط إلكتروني أي أنه يتم بين عاقدين لا يجمعهما مجلس عقد حقيقي (1) . ومجلس العقد هو جلوس أطراف العقد في الإجتماع الذي يبرم فيه العقد ، وهذا المجلس قد يكون حضوراً حكمياً كالتعاقد عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الفاكس أو غيرها من وسائل الإتصال(2)
ثانياً : عقود التجارة الإلكترونية تتم عبر وسائل الإتصال الإلكترونية :-
        السمة الأساسية لعقود التجارة الإلكترونية أنها تتم عبر الوسائط الإلكترونية ، ولما كان مفهوم وسائل الإتصال الحديثة التي يتم بها التعاقد الإلكتروني هو مفهوم واسع لا ينبغي حصره في شبكات الإنترنت فقط ، نجد أن العديد من القوانين المنظمة لقوانين التجارة الإلكترونية استخدمت لفظ الوسائط الإلكترونية دون تحديد . ومجال التعامل عبر هذه الوسائط يتيح التعامل بين الأشخاص عن طريق إستخدام البرامج الخاصة بها بواسطة الدخول إلى مواقع الإنترنت المختلفة للتعاقد (3) .
        وسائل الإتصال التي يتم بها التعاقد الإلكتروني متعددة فيمكن أن يتم عن طريق جهاز (المينتل) (Minetil) وهو جهاز قريب الشبه بجهاز الكومبيوتر لكنه أصغر نسبياً ، وهو جهاز لنقل الكتابة دون صور ، كما يمكن أن يتم عبر التلكس والفاكس ، وكذلك التلفون العادي ويكون التعاقد عن طريقه فوري
ثالثاً : دولية العقد الإلكتروني :-
        العقد الإلكتروني يمكن أن يتم بين أطراف من نفس الدولة ، وفي هذه الحالة يأخذ حكم العقد الداخلي ، إلا أنه يتم في الغالب بين أشخاص يتواجدون وينتمون إلى دولة مختلفة عبر شبكة المعلومات الدولية
(الإنترنت)، ويكون أطراف العملية التعاقدية كذلك ، فالمستخدم يقيم في دولة ، ومورد أو مقدم خدمة الإشتراك في الشبكة من دولة ثانية ، وشركة تكنولوجيا معالجة البيانات وإدخالها وتحميلها عبر الشبكة من دولة ثالثة ، فضلاً على أن تلك العقود لا تتصل فقط بأكثر من دولة ، بل يستتبع ذلك إنتقال القيم والثروات عبر الحدود فيما بين الدول، أي تتصل بمصالح التجارة الدولية . (1)
رابعاً : عقود التجارة الإلكترونية تختلف في وسائل الوفاء والإثبات :-
        لما كانت عقود التجارة الإلكترونية تختلف في وسيلة إبرامها عن العقود العادية ، كان من الطبيعي أن تكون لها طبيعتها الخاصة أيضاً في وسائل الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنها ، فضلاً عن إختلاف وسائل الإثبات بشأن نزاعاتها .
        من جهة الوفاء ظهرت وسائل للدفع الإلكتروني لتحل محل النقود الورقية التي يتم بها الوفاء في العقود العادية ، مثل النقود البلاستيكية (Electronic Cash) وهي بطاقات مدفوعة سلفاً تخزن فيها القيمة السالبة وتستخدم للدفع عبر الإنترنت وغيرها من الشبكات  فضلاً عن النقود الإلكترونية البرمجية وهي بطاقة ذكية يمكن تثبيتها على جهاز الكومبيوتر الشخصي ، أو إدخال قرص فيه ينقل القيمة المالية منه وإليه عبر الإنترنت ، كما ظهرت الصكوك الإلكترونية كبديل للشيكات العادية (1)
الفصل الثالث
تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية الدولية
   مرحلة تنفيذ العقد تأتي بعد مرحلة إبرامه والإتفاق على كافة جوانبه ، فيتم في هذه المرحلة قيام كل طرف بما تفرضه عليه إلتزاماته ، فإذا كان العقد عقد بيع على سبيل المثال فالتزامات البائع تتمثل في تنفيذ إلتزاماته المتعلقة بتسليم المبيع المتفق على أوصافه وبالطريقة المتفق على تسليمها ، وما إذا كانت هنالك إلتزامات متعلقة بخدمة ما بعد البيع  وإلتزامات المشتري تتمثل في سداد ثمن البيع وفقاً لما تم تحديده في الإتفاق .
        أما مسألة الإثبات فتتعلق بمبادئ الإثبات وعبئه على أي من الطرفين ووسائله المتعلقة بالكتابة والخبرة وغيرها من قواعد الإثبات.
        هذه المسائل المتعلقة بتنفيذ الإلتزامات ، وإثبات الوقائع المتعلقة بها منظمة بطرق محددة وضعتها التشريعات في مجال القانون المدني وقوانين الإثبات لتطبق على الإلتزامات التعاقدية التقليدية . غير أن الأمر يختلف إلى حد ما في مسألة تنفيذ وإثبات العقود الإلكترونية ، والتي يتم تنفيذها أحياناً بذات الطريقة التي يتم بها التعاقد أي عبر الوسائط الإلكترونية ، وفي مجال الإثبات تظهر وسائل جديدة تفرضها طبيعة العقود الإلكترونية مثل المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ، وهي وسائل غير معروفة في التعاقد التقليدي .
        هذه المسائل لا تنفك عن الصراع بين قواعد الإسناد التقليدية وبين المستجدات التقنية في مجال التعاقد ، مما يجعل ضرورة البحث فيها لتحديد مدى صلاحيتها في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية .
أولا ً:تنفيذ العقود الالكترونية
          أهم ما يميز تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية هو أن محل بعض العقود يعتبر أشياء غير مادية ، ويتم تسليمها عبر الوسائط الإلكترونية ، وكذلك وسيلة الوفاء المتمثلة في النقود الإلكترونية ، وهذه بلا شك إختلافات تميز عقود التجارة الإلكترونية عن العقود العادية والتي يعد عادة محل التعاقد فيها أشياء مادية يتم تسليمها بالطرق العادية التقليدية ، كما يتم الوفاء بثمنها عادة عن طريق النقود التقليدية .
        إن وجوب تنفيذ الإلتزامات التعاقدية يقع إذا ما تم إنعقاد العقد صحيحاً ، فالقوة الملزمة للعقد تقتضي قيام كل طرف فيه بتنفيذ ما يقع على عاتقه من إلتزامات بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية ، فإذا لم يقم المدين بالتنفيذ الإختياري أمكن جبره متى ما كان ممكناً ، وهذا هو التنفيذ العيني الجبري . وإذا لم يتم التنفيذ ، كان للدائن حق المطالبة بالتعويض عند عدم التنفيذ .(1)
ثانياً:- طبيعة الإلتزام المتعلق بتنفيذ العقد الإلكتروني:-
        هنالك نوعان من الإلتزام : إلتزام بتحقيق غاية أو نتيجة ، وإلتزام ببذل عناية أو بوسيلة، وبالنظر إلى طبيعة الإلتزامات في المعاملات الإلكترونية نجد أن أغلبها إلتزام بتحقيق نتيجة ، حيث يتعين على المدين الوصول إلى غاية معينة هي محل الإلتزام ، ذلك لأنه باستعراض المعاملات الإلكترونية نجد أن محلها يتسم كقاعدة عامة  إما بتسليم شيء أو بتقديم خدمة ، ولا شك أن الإلتزام بتسليم منتج أو سلعة هو إلتزام بتحقيق نتيجة ، مثل خدمات القنوات الفضائية والتلفون النقال وشبكة الإنترنت. (1)
        لم تنظم قوانين التجارة الإلكترونية في معظمها كيفية تنفيذ عقود التجارة الإلكترونية وإن كانت معظم هذه القوانين تحدثت عن الوفاء الإلكتروني ، واعتمدت الأموال القابلة للتداول إلكترونياً. (2)
        بما أن الأمر كذلك فإنه يتعين الرجوع للقواعد العامة المتعلقة بتنفيذ العقود غير أن الأمر في رأي الباحث يثير بعض النقاط القانونية التي يجب الوقوقف عندها. إذ أن محل بعض عقود التجارة الإلكترونية قد يكون شيئاً غير مادي مثل برامج الحاسوب المقطوعات الموسيقية والأفلام وغيرها، والتي يمكن الإتفاق على تداولها واستلامها عبر شبكة الإنترنت وغيرها من الوسائط، وبما أن محل تنفيذ العقد أحياناً يحدد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق على المنازعات ، فنرى أن تحديد كيفية التنفيذ في مثل ذلك يتطلب أولاً الإتفاق على تحديد ما إذا كانت تعتبر مثل هذه الأشياء أموالاً أم خدمات ، ومن ثم تحديد مكان تسليمها حتى لا تثور مشكلة بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة.
ثالتاً :- وسائل الوفاء الإلكتروني :-
        فرضت طريقة التعاقد الإلكتروني – بإتمامها عن طريق وسائل الإتصال الحديثة – أن تكون وسائل الوفاء التي يتم بها تنفيذ الإلتزام التعاقدي في مجال التجارة الإلكترونية ، وسائل مواكبة لهذا التطور تختلف في نوعها وطريقة الوفاء عن الوسائل التقليدية ، المتمثلة في النقود العادية . فظهرت النقود الإلكترونية ، ونتعرض فيما يلي لتعريف ماهيتها ومن ثم نتعرض للمشكلات القانونية التي يمكن أن تنتج عنها :-
أ/ ماهية النقود الإلكترونية :-
        النقود عموماً كوسيلة للتبادل ، تعد الأداة التي يمكن للإنسان بها الحصول على ما يحتاج إليه ، فالشخص إذا أراد شراء شيء ما فإنه يشتريه بواسطة النقود ، وإذا أراد بيعها كذلك ، فكأن النقود تقوم بدور الوسيط لإستبدال السلع والخدمات ، كما أنها مقياس لتقييمها.(1)
        فكرة النقود الإلكترونية ، أو النقد الرقمي تقوم على ذات الفكرة التي أُستخدمت لها النقود الورقية أو المعدنية ، (2) وهنالك عدة تعريفات للنقود الإلكترونية فقد عرفها البعض بأنها (دفع أو تحويل الودائع المدخلة والمعالجة إلكترونياً ضمن أنظمة البنوك الإلكترونية). أو هي عبارة عن ( قيمة نقدية بعملة محددة ، تصدر في صورة بيانات إلكترونية مخزنة على كارت ذكي أو قرص صلب ، بحيث يستطيع صاحبها نقل ملكيتها إلى من يشاء دون تدخل شخص ثالث)(1) .
        يرى الباحث أن مسألة تحديد الوسائط الإلكترونية التي تتم عبرها كافة التعاملات سواء في مجال التعاقد أو التنفيذ ، أمر غير مستحب فالوسائط الإلكترونية في تطور مستمر ، لذلك نرى من الأفضل أن تترك المسألة على عمومها دون تحديد. فالملاحظ علي التعريف الأخير أنه حدد أن تكون النقود الإلكترونية مخزنة على وسيلتين فقط هما القرص الصلب والبطاقات الذكية ، لذا نرى من الأفضل أن تضاف لهذا التعريف عبارة (أي وسيلة إلكترونية آمنة أخرى) وكذلك عبارة                        (أن تكون قابلة للوفاء بالإلتزامات).
ب/ آلية التعامل بالنقود الإلكترونية :-
        عند حاجة المستهلك للنقود الإلكترونية في تعاملاته عبر شبكة الإنترنت فإنه يقوم بشراء عملات النقد الرقمي من البنك الذي يقوم بإصدارها ، ويتم تحميلها على الحساب الخاص بالعميل (المستهلك) وتكون في صورة عملات صغيرة القيمة ، مميزة بعلامة برقم أو علامة خاصة من البنك المصدر لها ، ولا بد للمشتري لإستخدام وحدات النقد الإلكتروني، من الحصول على برنامج خاص من إحدى الشركات العاملة في هذا النشاط (2) .
        كما يمكن للمستهلكين صرف نقودهم الإلكترونية في مواقع التجارة الإلكترونية التي تقبل النقد الإلكتروني كوسيلة للسداد وذلك بإرساله عبر الكومبيوتر للبائع ، والذي يقوم بإرسال محل التعاقد ، سواء كانت سلعة أو خدمة للمشتري بعد إستلامه النقد ، ومن ثم يقدم النقد الإلكتروني للبنك مصدر الإيداع ، الذي يقيده في حسابه ناقصاً مقابل للخدمة(3).
جـ/ أنواع النقود الإلكترونية :-
 1- البطاقات الذكية :- 
البطاقات الذكية هي عبارة عن بطاقة تحوي معالج دقيق يسمح بتخزين الأموال من خلال البرمجة الأمنية ، وعند استخدامها يتم إنقاص قيمة الشراء أوتوماتيكياً من بطاقة المشتري  وتودع القيمة في أجهزة إلكترونية طرفية للبائع والذي يحيلها للبنك الخاص به عن طريق الوصلات التلفونية لإدخالها في حسابه.(1)
2- الشيكات الإلكترونية :-
        هي عبارة عن رسالة تحتوي على جميع البيانات الموجودة بالشيك الورقي ، يقوم المشتري بإثباتها عند تحرير شيك إلكتروني للبائع ، ومن  ثم إرساله إلكترونياً عبر أي وسيلة إتصال ، مثل الفاكس أو البريد الإلكتروني ويحمل الشيك توقيع إلكتروني للمشتري  ويعتمد إستخدام الشيك الإلكتروني كوسيلة للدفع على وجود وسيط يقوم بإجراء عملية المقاصة وغالباً ما يكون أحد البنوك ، وبموجب هذه الوسيلة يقوم المشتري بفتح حساب جاري لدى البنك يحدد فيه توقيعه الإلكتروني ، ويشترط أن يكون للبائع حساب آخر جاري لدى ذات البنك ، يحمل كذلك توقيعه الإلكتروني ، وتتم بالتالي عملية الخصم من حساب المشتري وإضافته لرصيد البائع. (2)
        يجدر بالذكر أن هنالك وسائل دفع إلكترونية أخرى ، يتم بها الوفاء الإلكتروني ، مثل الهاتف المصرفي وهو نوع متطور من الخدمات المصرفية يستطيع العميل من خلاله بواسطة رقم سري خاص سحب مبالغ من حسابه وتحويله لسداد الكمبيالات والفواتير المطلوبة ، وخدمة الإنترنت المصرفي ، فقد أتاح انتشار إستخدامات الإنترنت للبنوك التعامل مع العملاء من خلال خدمات الصرف المنزلي ، حين يتم إنشاء مقار لها على الإنترنت بدلاً من المقر العقاري ، بحيث تتم محاورة موظف البنك من قبل العميل على شاشة الكومبيوتر ، لإتمام كافة العمليات المصرفية. (3)
د/ المشكلات القانونية لوسائل الوفاء الإلكترونية :-
وسائل الوفاء الإلكترونية باعتبارها وسيلة جديدة ظهرت كناتج للتطور التقني الذي أفرز التجارة الإلكترونية وتعاقداتها، تواجه بمشكلات قانونية نذكر منها ما يلي :-
1- مدى كفاية النقود الإلكترونية للوفاء بالإلتزامات :-
        يري البعض أن الغرض من النقود بصفة عامة هو الوفاء بالإلتزامات ، فالنقود الإلكترونية هي مرحلة جديدة من مراحل التعامل الإنساني المالي ، وما دامت العملة في الأصل رمزاً لقيمة محددة ، فإن القانون هو الفيصل في تحديدها بالشكل الذي يستوفي متطلبات الوفاء . لكن التعامل بالنقد الإلكتروني يحتاج إلى تهيئة تنظيم قانوني للمصارف التي تتعامل به، وإعتراف قانوني ، حتى يمكن عدها نقوداً بالمعنى القانوني ، وهذا الإعتراف يجب أن يأتي في إطار تنظيم قانوني دولي ، إستناداً على الطبيعة الدولية لهذه النقود ذاتها ، والتي لا يمكن السيطرة عليها في إطار الحدود الجغرافية لدولة معينة. (1)
        عملية الوفاء بطريق بطاقات الدفع الإلكتروني هي عملية دولية متعددة الأطراف ، وهو أمر قد يغري البعض من محترفي النصب والتزوير بالدخول إليها وإساءة إستخدامها  سواء من حامل بطاقات الوفاء نفسه بحصوله على البطاقة بتقديم بيانات مزورة ، أو استخدامها بعد إنتهاء مدتها ، أو من قبل التاجر أو موظفي البنوك أنفسهم. (2) وذلك مثل خلق أرقام البطاقات، وخلق مواقع وهمية لإستقبال المعاملات المالية الخاصة بالموقع الحقيقي.
2- مخاطر البنوك الإلكترونية :-
        تتمثل المخاطر التي تنشأ من عمل البنوك الإلكترونية في أن تلك العلاقة ما هي إلا بيانات إلكترونية يتم تبادلها بين العميل والبنك ، دون وجود مجال للتحقق من صدقها ومن شخصية العميل ، وقد يترتب على ذلك موافقة البنك على إقراض العميل مبالغ كبيرة على أساس صحة البيانات ، مما قد يترتب عليه تعرض البنك لعمليات نصب منظمة. هذا فضلاً عن أن مخاطر التشغيل غير المؤمنة بصورة كافية بالبنوك الإلكترونية تجعلها عرضة للإختراق من قبل قراصنة الكومبيوتر ، الشيء الذي يعرض هذه البنوك لخسائر فادحة. وكما سبق القول فالنقود الإلكترونيه مصدرها هذه البنوك.
        يرى الباحث أن عملية الوفاء الإلكتروني ذات إرتباط بمسالة القانون الواجب التطبيق ، علي منازعات العقد الإلكتروني الدولي  وهي في هذا الجانب تثير مسائل قانونية متعلقة بالإلتزامات التعاقدية وغير التعاقدية معاً في مجال قانون العلاقات الخاصة الدولية. وهو القانون الذي يحكم منازعات العقود الدولية عموماً وفي نظريته التقليدية الموضوعة أساساً  للعقود الدولية التقليدية نجد ان القانون الواجب التطبيق هو إما قانون إرادة المتعاقدين أي القانون الذي يتفق المتعاقدان علي تطبيقه في حالة النزاع , أو القانون الذي تحدده المحكمة وفقا لبعض المعطيات والملابسات التي صاحبت إبرام العقد وذلك يكون في حالة عدم وجود إتفاق واضح علي القانون الواجب التطبيق , حيث تلجأ المحكمة لإستنباط الإرادة الباطنة للمتعاقدين بالنظر مثلا إلي العملة التي إتفق الطرفان علي تنفيذ العقد بها أو مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه , غير أن هذه النظريه تواجه صعوبه في تطبيقها علي منازعات العقد الإكتروني الدولي .
من جانب اخر فأن هناك موضوع القانون الواجب التطبيق علي المنازعات غير العقدية أي المسئولية التقصيرية حيث تتفق معظم القوانين علي تطبيق محل وقوع الفعل الضار كضابط لتحديد القانون الواجب التطبيق علي مثل هذه المنازعات .وكلا الموضوعين يواجه إشكالات في التطبيق عندما يتعلق الامر بالجانب التقني .
        فمن ناحية الإلتزامات التعاقدية نجد أن تحديد القانون الواجب التطبيق عند سكوت الأطراف عن الإختيار للقانون يتم عن طريق النظر من قبل المحكمة إلى ما اتجهت إليه إرادة الأطراف ، مثل مكان التسليم أو العملة التي يجب الوفاء بها كما سلف ، ورأينا في طرق الوفاء أنها أصبحت عبارة عن نقود إلكترونية لا يمكن إعتبارها عملة تتبع لدولة محددة محددة ، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها كضابط لإسناد القانون لدولة معينة . هذا فضلاً عن أن الوفاء من قبل طرف الإلتزام المعني قد يتم بواسطة أجهزة الإتصال ذاتها دون الحوجة لتسليم مادي للشيء محل الوفاء ، سواء كان خدمة أو سلعة ، مما يصعب معه الركون إلى مكان التسليمكضابط لتحديد القانون الواجب التطبيق.
        أما في مجال الإلتزامات غير التعاقدية ، أي مجال المسئولية التقصيرية ، فقد رأينا أن وسائل الوفاء الإلكترونية ، قد تكون عرضة لإساءة الإستعمال أو الإختراق مما يترتب عليه الضرر سواء للعملاء أو البنوك ، وبما أن مثل هذه الأفعال تتم في الفضاء الإلكتروني  فيصعب تحديد محل وقوع الفعل الضار .
        أضف لذلك فإن عدم إعتراف بعض القوانين بوسائل الوفاء الإلكتروني يجعل مسألة تطبيق قانون بعينه على المحك ، مما يتطلب معالجة تشريعية لذلك لمواكبة هذا التطور.
        هذا ويجدر بالذكر أن قانون المعاملات الإلكترونية السوداني لسنة 2007م قنن وسائل الوفاء الإلكتروني بالنصوص الآتية :-
        في المادة (2) نص على تعريف وسيلة الدفع الإلكتروني بالآتي :-
(وسيلة الدفع الإلكتروني يقصد بها الوسيلة التي تمكن صاحبها من القيام بعمليات الدفع المباشر، كلياً أو جزئياً عن بعد عبر الشبكات ، وتشمل تلك الوسائل الشيك الإلكتروني ، وصورة الشيك أو بطاقات الدفع وغيرها من الوسائل).
        كما عرف في ذات المادة الصك الإلكتروني بأنه يقصد به ورقة مالية أو تجارية قابلة للتداول إلكترونياً.
        يتضح مما سبق أن تنفيذ العقود الإلكترونية يختلف في طريقة تنفيذه وكذلك في وسائل الوفاء بالإلتزامات الناتجة عنها، ونشير هنا إلى أن بالإمكان الإتفاق في هاتين الصفتين بين العقود الإلكترونية الداخلية والعقود الإلكترونية الدولية، غير أن هذه الأخيرة هي التي يمكن أن تكون ذات أثر بهذه الطريقة المختلفة على العقود الإلكترونية الداخلية في الوفاء والتنفيذ  في مسألة تأثيرها على تحديد القانون الواجب التطبيق، لأن وسائل الوفاء في العقود الدولية مثلاً قد تؤخذ كمعيار لتحديد القانون الواجب التطبيق عند سكوت إرادة الأطراف عن تحديده، ولا شك في أن وسائل الوفاء الجديدة مثل النقود البلاستيكية قد لا تكون مؤشراً لكونها عملة لدولة بعينها، حتى يمكن إعتبار هذه الدولة هي الدولة التي قصد أطراف العقد تطبيق قانونها.
                                      تم بحمد الله وتوفيقه.....


(1) د. عبد الله إدريس ود. أبو مدين الطيب، قانون العقود السوداني دراسة مقارنة ، الجزء الأول، دار جامعة أفريقيا العالمية ، بدون سنة طبع ،ص 13
(2) محاضرات في أحكام العقد ، مرجع سابق ، ص 3
3) د. صابر عبد العزيز سلامه ، العقد الإلكتروني ، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية،  ص 57 .


(1) نقلاً عن  د. طاهر شوقي مؤمن ، عقد البيع الإلكتروني ، بحث في التجارة الإلكترونية، دار النهضة العربية، 2006م ، ص35 .
(1)د. خالد ممدوح ، إبرام العقد الإلكتروني ، دار الفكر الجامعي ، الطبعة الأولى ، 2006 ، ص 3
(2) د. أسامة محمد عثمان خليل، محاضرات في أحكام العقد، بدون ناشر، ص15 .
(3) توفيق حسن توفيق ،  معاملات التجارة الإلكترونية في القانون السوداني ، دار أبو سليم للنشر ، 2007م ، ص 14 وما بعدها
(2) د. محمد حسن منصور ، المسئولية الإلكترونية ، مرجع سابق ، 2007م ، ص 19
(3) د. طاهرشوقي مؤمن، مرجع سابق، ص24 ،25.
(4) منير محمد الجنبيهي وممدوح محمد الجنبيهي ، البنوك الإلكترونية ، دار الفكر الجامعي ، 2006م ، ص 47

(1)  تنص المادة 127 من قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م على الآتي :- ينقضي العقد متى ما تم الوفاء به وفقاً لشروطه .
(2)  د. محمد حسين منصور ، المسئولية الإلكترونية ، مرجع سابق ، ص 71 ، 72

(1) د. زكي زكي حسين زيدان ، تغير القيمة الشرائية للنقود وأثرها على الحقوق والإلتزامات في الفقه الإسلامي والإقتصاد الوضعي ، دار الفكر الجامعي، 2004م ، ص 15 وما بعدها .
(2) محمد حسن رفاعي العطار ، البيع عبر شبكة الإنترنت . دراسة مقارنة في ضوء قانون التوقيع الإلكتروني رقم (15) لسنة 2004 ، دار الجامعة الجديدة ، 2007م ، ص 149 ، 150
1)  نسرين عبد الله،  الجانب الإلكتروني للقانون التجاري ، مرجع سابق ، ص 11
(2)  محمد حسن رفاعي العقاد، مرجع سابق ، ص 150
(3) د. طارق عبدالعال ، التجارة الإلكترونية ، المفاهيم والتجارب ، مرجع سابق ، ص 113
(1) د. محمد البنان ،العقود الإلكترونية ، ورقة عمل مقدمة في ندوة عقود التجارة الإلكترونية ومنازعاتها المنعقدة بجمهورية مصر العربية ، أبريل 2006م ، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية .
(2). طاهر شوقي ، عقد البيع الإلكتروني ، مرجع سابق ، ص 97 ، 98
(3) د. محمد حسين منصور، المسئولية الإلكترونية
1) نسرين عبد الله، الجانب الإلكتروني للقانون التجاري ، مرجع سابق ، ص 19 ، 20
(2)د. عبد الفتاح بيومي حجازي، التجارة الإلكترونية وحمايتها القانونية، دار الفكر الجامعي، 2004م، ص123 ومابعدها